ما هو سرّ النجاح؟ وهل هناك حقاً أي سرٍّ لتحقيق أحلامنا؟ ربما كان هذان السؤالان من أكثر الأسئلة التي تتبادر إلى أذهان الناس، خاصة أولئك الذين بدؤوا للتو وضع أولى خطواتهم في طريق الحياة الحقيقية، من الذين لديهم أحلام ومشاريع عديدة تؤرق يومهم، ويفكرون بها بشكل مستمر، كيف لهم أن يحققوا النجاح المُراد، وما هي كلمة السرّ لتحقيق أهدافهم؟ ريتشارد برانسون نموذجا
على الرغم من أنه – غالباً –لا توجد كلمة سرّ واضحة لتحقيق أهدافنا، وأن كل واحد فينا له سرّه الخاص الذي يحتفظ به حتى ينجح في حياته، إلا أن الاطلاع على تجارب بعض الأشخاص الناجحين، أمر في غاية الأهمية، فربما كانت أسرارهم ومفاتيح تقدمهم، هي الحافز والمُلهم لغيرهم من الذين قرروا بدء حياتهم الآن، وقد يكون الملياردير ورجل الأعمال البريطاني «ريتشارد برانسون»، صاحب مجموعة شركات ومشاريع «فيرجن» Virgin الشهيرة، التي تضم أكثر من 360 شركة، من أفضل الأشخاص الذين من الممكن أن يحدثونا عن قصتهم، فلنتعرف معاً على سر نجاح الملياردير ريتشارد برانسون.
ترك المدرسة وعانى من عسر القراءة..
السير «ريتشارد برانسون»، ولد في 18 تموز / يوليو من العام 1950 جنوب العاصمة البريطانية لندن، والده كان المحامي إدوارد جيمس برانسون، ووالدته ايفي برانسون، عُرف عنه بأنه لم يكن من المتفوقين في المدرسة، بل على العكس تماماً، كما أنه كان يعاني من مرض «عسر القراءة»، الأمر الذي تسبب له في سنين حياته الأولى وتحديداً مراهقته، بحرج كبير لعدم قدرته على القراءة مثل باقي زملائه في المدرسة، وعلى الرغم من درجاته الدراسية الضعيفة، ومن أن أساتذته كانوا يرون بأنه «ليس ذكياً» ولن يصل إلى أي مكان، إلا أنه خالفهم الرأي، وأصبح مليارديراً.
ترك المدرسة في السادسة عشرة.. ولكن
في السادسة عشرة من عمره، أدرك برانسون، أنه لا يصلح للتحصيل الأكاديمي، وأسس مجلة «الطلبة»، التي تخلى عن دراسته في سبيل إنجاحها، وبعد عام واحد فقط من العمل في المجلة، تمكن من أن يجذب العديد من المعلنين، لتبدأ رحلته بجمع الثروة منذ ذلك الوقت، إلا أن طموحاته كانت أكبر من مجرد مبالغ مالية صغيرة، يربحها من الإعلانات في مجلته.
في العشرين من العمر، وتحديداً خلال العام 1970، قرر أن يوسع نشاطاته المالية، وأسس محلاً لبيع الموسيقى، أطلق عليه اسم «فيرجن»، وكان هذا الشاب الذي اعتبره أساتذته «ليس ذكياً»، أذكى مما كانوا يعتقدون، إذ أنه خرج بفكرة مذهلة للترويج والعمل في مشروعه الجديد، حتى أنها كانت الأولى على مستوى العالم، وكانت تعتمد على توصيل طلبات الموسيقى عبر البريد، ومن الممكن هنا أن نعتبر أنه بدأ طريق الثراء بشكل حقيقي في حياته، ولم يتوقف منذ ذلك الحين على الإطلاق.
خلال العام 1984، وعندما كان عمر برانسون 34 عاماً، أخذ مشاريعه إلى فضاء مختلف تماماً، وأسس حينها شركةً للخطوط الجوية، أطلق عليها اسم «فيرجين أتلانتيك»، وكعادته كان يفكر خارج الصندوق دائماً، وبدل أن يُخفض الأسعار حتى يجذب المسافرين والعملاء، قدم العديد من الخدمات الفريدة من نوعها لفعل ذلك، ليكون أول من يفعل هذا في مجال الطيران على مستوى العالم، ونجح برانسون بشكل منقطع النظير في مشروعه الجديد هذا.
«وحش الأعمال» الإنجليزي، لم يتوقف على الإطلاق عن تأسيس العديد من المشاريع الناجحة، والتي تحقق أرباحاً طائلة، ووصل به الأمر، إلى أن بلغ عدد شركات مجموعة «فيرجن» في الوقت الحاضر، إلى ما يزيد عن 300 شركة مختلفة، تعمل بالاتصالات المتنقلة، والنقل والسفر والسياحة والعطلات، والخدمات المالية، والترفيه والموسيقى، وتجارة التجزئة، وغيرها الكثير من المجالات، وتمتلك فروعاً لها بأكثر من 30 دولة حول العالم، وتضم المجموعة أكثر من 50 ألف موظف.
كلمة السرّ في نجاح «برانسون»..
تلقى السير ريتشارد برانسون، هذا السؤال مئات وربما آلاف المرات خلال حياته، «ما هو سرّ نجاحك؟»، وفي كل مرة كان يُجيب بأن على جميع أصحاب المشاريع الناشئة، أن يواجهوا المشقات التي ستظهر في طريقهم بقلب شجاع، وكان دائماً ما يستعيد ذكر مواقف من سيرته الذاتية لإثبات ما يقول، ونصيحته الأهم وكلمة السرّ لديه هي «لا تستسلم»، حيث يروي برانسون على موقع شركته «فيرجن» قائلاً:
«لقد كانت هناك العديد من الأوقات في حياتي التي تم خلالها تتفيه أفكاري فيها، ووصفها بالساذجة، فالأصدقاء والأهل والأشخاص من حولي، - طبعا ليس جميعهم - لم يكونوا يرون الإمكانيات التي أراها أنا بنفسي، ولكن هذا لم يكن عائقاً بالنسبة لي، والسبب ببساطة أن الآخرين لا يؤمنون بأفكارك منذ البداية، وهذا لا يعني أنها بلا قيمة، وفي حالتي فقد قادني هذا الأمر إلى النجاح أكثر فأكثر».
خذها من «برانسون» لتكمل طريقك في النجاح..
النصيحة الذهبية والأبرز في حياة ريتشارد برانسون «لا تستسلم»، ليست مفتاح النجاح الوحيد الذي علينا التمسك فيه، بل هناك سلسلة أخرى من مفاتيح النجاح، يقدمها «وحش الأعمال» الإنجليزي، على طبق من ذهب لجميع المقبلين على حياة الأعمال والمشاريع، كلمات من الممكن اعتبارها عصارة عقود من العمل والنجاح، ومن أهمها:
الفرصة الثانية..
يؤمن السير «ريتشارد برانسون»، بأهمية إعطاء الذات فرصة ثانية في الحياة، ويرى أن هناك فرصة أخرى دائماً في كل شيء، وعلينا أن نتمسك بها لأنها تمثل بداية جديدة، لا تترك مجالاً لليأس بأن يدخل في نفوسنا، فالشخص لا يعرف أبداً ما سوف يحققه في النهاية.
ودائماً ما يعرض برانسون، الروائية وكاتبة السيناريو ومنتجَة الأفلام الشهيرة، البريطانيّة «جي. كي. رولينغ»، مؤلفة السلسلة الشهيرة «هاري بوتر»، مثالاً على الفرصة الثانية وعلى عدم الاستسلام، فيقول:
«تخيل أين ستكون (جي. كي. رولينغ)، إذا لم تستمر وتثابر عندما لم يشعر الآخرون بعظمة ما تكتب، فقد تم رفض (هاري بوتر) و(حجر الفيلسوف) 12 مرة من الناشرين، وتم إخبارها بعدم ترك وظيفتها اليومية، وأيضاً تذكروا توماس أديسون الذي أخفق آلاف المرات في اختراع المصباح الكهربائي، إذا تخلى عن حلمه كنا سنعيش جميعنا في الظلام».
البساطة في كل شيء..
ما عاناه في بداياته من عسر القراءة وضعف في التحصيل العلمي، حوّله برانسون إلى مصدر قوة وتحفيز، بدلاً من أن يكون نقطة ضعفه التي قد تتركه خلف باقي الناس، وتعلم من خلالها أن يحب كل شيء على بساطته، وأن لا يُعقد الأمور، وكان هذا الأمر هو الركيزة الأساسية في تأسيسه لشركة «فيرجن»، فهو يؤمن بشدة، بأن كل شخص يستطيع أن يكتب مستقبله الشخصي بنفسه، وأن الأحلام لا تتحقق من المحاولة الأولى، وأن على الإنسان أن يتعلم جيداً من أخطائه.