ربط الدين الإسلاميّ عقدة الزَّواج على أوثق الأواصر، وأقام الحياة الزوجيَّة على أثبت دعائم الاستقرار، وجعل للدُّخول فيه مقدِّمات وأركانًا وشروطًا شأنها عند الله خطير، كما جعل للخروج منه مقدِّمات ومراحل وشروطًا أحاطها بما يجنِّب حياة الزَّوجين عوارض الحمق والغضب ونزوات من لا يقدِّرون مسؤوليَّات الحياة، وللأسف، كثيرًا ما يقع أبغض الحلال في لحظات طيش وغضب يندم عليها الطَّرفين، وعند تكراره ثلاث مرات أو وقوع الطَّلاق البائن بينونة كبرى، والذي لا رجعة فيه، قد يلجأ الطَّرفين لتصحيح هذا الخطأ بزواج التحليل الذي يعدُّ خطأ فادحًا...
وحول زواج التحليل، يقول مستشار "سيِّدتي" الأسريّ والاجتماعيّ عبد الرحمن القراش: "إنَّ الرَّجل إذا طلَّق امرأته طلاقًا بائنًا لا رجعة فيه، فلا يحقُّ له ولا لها البحث عن رجل محلل؛ لأنَّ الله تعالى قال: "فَإِن طَلَّقَهَا فَلاَ تَحِلُّ لَهُ مِن بَعْدُ حَتَّىَ تَنكِحَ زَوْجاً غَيْرَه"، والمراد من الآية السَّابقة هو النِّكاح، فسمَّاه زوجًا تسمية صريحة، ولم يقل حتى تنكح رجلاً غيره؛ لأنَّ أصل الزَّواج الديمومة، وشرط التوقيت في النِّكاح يجعله فاسدًا، لكن ما يجري اليوم من تزويج الرَّجل مطلقته برجل آخر لليلة واحدة هو زواج باطل شرعًا، فالزَّواج هو ميثاق غليظ بين الرَّجل وزوجته، ولا يمكن أن يتحقق في زواج المحلل الذي يُعدّ أمرًا محرمًا بإجماع الفقهاء، حيث قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: "ألا أُخْبِرُكُمْ بِالتَّيْسِ الْمُسْتَعَارِ؟ قَالُوا: بَلَى، يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ:هُوَ الْمُحَلِّلُ، لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ، وَالْمُحَلَّلَ لَهُ".
*أسباب انتشاره
ويُخبرنا القراش عن أسباب انتشار هذا النَّوع من الزَّواج قائلاً:
• عدم إدراك خطورة الطَّلاق فيتهاون به البعض.
• التحايل على الدين بمسمَّيات ما أنزل الله بها من سلطان، حيث قال الشَّرع عن هذا الزَّواج "التحليل" كمًا وكيفًا وحرَّمه، لكن هناك من قال عنه "زواج التوفيق أو زواج الرحمة"؛ لكي يُعيد المرأة لزوجها، وتعود المياه لمجاريها.
• كثرة المسلسلات والأفلام التي تصوِّر هذا الزَّواج بأنَّه حلاً للأسرة، وإنقاذًا لها من الضياع، وتصوير الرَّجل "المحلل" بأنَّه شهم ومنقذ ومضحِّي، بل تعدَّى ذلك إلى مفهوم أكبر، وهو تصوير الزَّوجين المطلَّقين بالعاشقين النَّادمين اللذين يُمارسان كل شيء إلا الجماع، حتى يأتيان بالمنقذ وهو المحلل الذي يعيد حبَّهما إلى نصابه.
• قلَّة الثَّقافة الفقهيَّة لدى النَّاس، خصوصًا المقبلين على الزَّواج.
*الآثار المترتبة:
ويُضيف حول نتائج هذا الزَّواج: "يُعتبر هذا الزَّواج امتهانًا لكرامة المرأة، فهي ليست سلعة تُباع وتُشترى في سوق الرِّجال، لذلك حفظ الله كرامتها، وحرَّم هذا الزَّواج، ولعن القائمين عليه، ويُعتبر فيه ازدراء لقدسيَّة الزَّواج الصحيح، ولأمر الله ونهيه، وهذا التحايل يجعل النَّاس تتهاون وتتساهل في مسألة الطَّلاق ناهيك عن الأثر النفسيّ المصاحب لذلك على الأبناء عندما يرون أمَّهم خرجت من بيت والدهم لبيت رجل آخر، ثم عادت بعد أيام من دون مبرر يفهمونه".
زيجات بنية الطَّلاق عن طريق "تيس مستعار"!!
- أخبار
- سيدتي - شيماء إبراهيم
- 17 أغسطس 2013