كشفت وزارة العدل السعوديَّة عن ارتفاع حالات الطلاق في السعوديَّة بشكل كبير، إذ بلغت حصيلة الحالات الواردة إلى محاكم السعوديَّة 9233 حالة خلال عام 2010، مقابل 707 حالات زواج في الفترة نفسها، بمعدل 25 حالة طلاق، مقابل كل حالة زواج واحدة يومياً، لتتصدر السعوديَّة حسب بعض المتخصصين كافة الدول الخليجيَّة والعربيَّة في نسب ارتفاع حالات الطلاق. «سيدتي نت» ناقشت أسباب الطلاق مع سيدات؛ مضى على زواجهنَّ أكثر من ثلاثين عاماً، وهو ما يعرف بـ«طلاق الحريَّة».
اطمأننت مستقبل أولادي وطلبت الطلاق
أم عبدالرحمن «71 عاماً» معلمة سابقة، طلبت الطلاق بعد 38 سنةً زواجاً، أنجبت خلالها سبعة أولاد وبنتاً، أوضحت قائلة: تقدم لخطبتي صديق العائلة وتزوجنا وأنجبنا، لكن منذ بداية حياتنا الزوجيَّة وأنا أتحمل جميع أعباء الأسرة الماليَّة والمعنويَّة معاً، فأنا الأب والأم، استطعت أن أزوج أربعة من أبنائي وحدي وبمجهودي، وتحملت كافة تكاليف زواجهم، أما زوجي فكان مجرد ضيف شرف بامتياز، ومع كل ذلك لم يتردد في الإساءة لي والتقليل من شأني، فقررت بعد كل تلك السنين طلب الطلاق، خاصة بعد أن اطمأننت على أولادي ومستقبلهم، فكان من الطبيعي أن أواجه برد فعل أولادي والمجتمع الرافض لتصرفي هذا، لكن تبريري لهم بأنني أعطيت ما فيه الكفاية، وآن الأوان لأن أعيش ما تبقى لي من عمر حياة هانئة.
طلاقي ولو وافتني المنية
أما بسمة محمد «49 عاماً»، فعاشت مع زوجها 31 سنة قبل أن تطلب الطلاق، ولديها ستة أبناء، وأوضحت بأنَّها ومن أجل أبنائها تحملت وصبرت حتى ملَّ الصبر عن صبرها، ولم يكن أمامها خيار سوى طلب الطلاق، ولكن زوجها كان يرفض وبشدَّة، وعندما كتبت وصيتها؛ أكدت على أبنائها بضرورة استخراج ورقة طلاقها أولاً قبل شهادة وفاتها، وفي ظل إصرارها؛ قدر لها أن تنال شهادة طلاقها قبل وفاتها، وهي الآن تعيش مع ابنها الذي يدرس بالولايات المتحدة الأميركيَّة.
من الجحيم إلى الجحيم
وأوضحت أم فيصل «48 عاماً» ولديها 12 من الأبناء والبنات، والتي تزوجت وهي صغيرة في السن؛ هرباً من أُم مطلقة وزوجة أب ظالمة، قالت: لم أكن أتوقع أن يكون هناك جحيم آخر اسمه الـ«زوج»، الذي أسكنني بالقرب من أهله في منطقة نائية، وأنا بنت المدينة، وكثيراً ما كان يقضي معظم وقته في عمله، ومع وحشة الغربة والوحدة؛ قررت أن أُكوِّن أسرة لتملأ فراغي، وبالفعل أنجبت البنين والبنات، فكرست لهم كل وقتي، خاصة أنني محظور عليَّ الخروج والزيارات حتى لأهلي وشقيقاتي، بينما كان هو يسافر ويقابل أصدقاءه متى شاء، فصبرت وتحملت من أجل أبنائي، لكن النتيجة كانت مزيداً من الأمراض النفسيَّة والعضويَّة، وكل طبيب أقابله كان يقول لي لا بد أن تغيري من أسلوب حياتك ونمطه، ولم أعد أتحمل تعب أولادي وغضب أمي من انعزالي، فقابلت زوجي بكل شراسة وطلبت الطلاق بعد 32 سنة من الزواج؛ حتى أرتاح من ذلك الحمل والعبء.
الرأي النفسي والاجتماعي
الدكتورة نادية نصير، استشاريَّة طب الأسرة، أوضحت أنَّ الطلاق المتأخر له آثار سلبيَّة على الأسرة ونجاح أفرادها ووضعها بين المجتمع، الذي كثيراً ما يستغرب ويستنكر الطلاق المتأخر، فالأبناء ربما يكونون قد تبوأوا مناصب مرموقة، وأصبح لهم أبناء يشعرون فيما بعد بفقدان الرابط الأسري. لكن ما الذي يدعو الزوجة لطلب الطلاق بعد كل هذا العمر؟ أوضحت نصير أنَّه ومن خلال الحالات التي مرَّت عليها؛ أنَّ الزوج هو السبب لافتقاده مهارات الحوار والاتصال، ومعظم الزوجات يعانين من نقد الشريك الجارح والسلبي، خاصة أمام الأبناء والأهل، واستخدام العبارات غير اللائقة، وتصيد الأخطاء وإطلاق الاتهامات، والازدراء والسخريَّة والاستهزاء والاستهانة بالزوجة والتهكم عليها. وبسبب كل تلك التراكمات؛ تبدأ الزوجة بالدفاع عن نفسها، وتشعر بالانفصال الداخلي، وتعتليها الأمراض النفسيَّة والعضويَّة، ومع يأسها تصر على الطلاق الذي يأتي متأخراً ويتحمله الأبناء.
الرأي القانوني
المحامي راشد العمرو، أوضح أنَّ المرأة بصفة عامة تفتقد للثقافة الحقوقيَّة، أما ما أطلقتم عليه «طلاق الحريَّة» فهو في الأساس خلع الزوجة لزوجها بعد زواج دام لأكثر من عشر سنوات، فبعد سنوات من الصبر وتحمل الإساءة، تتقدم الزوجة إلى المحكمة لتطلب الخلع بسبب أنَّ الحياة الزوجيَّة أصبح من الصعب استمرارها، وأنَّها كرهت زوجها، وتطلب إنهاء العلاقة الزوجيَّة؛ فالشريعة الإسلاميَّة منحت الزوجة كامل حقها في اللجوء إلى القضاء للتقدم بطلب الخلع إن كرهت زوجها، ونجد أنَّ الزوجة لا تلجأ إلى الخلع إلا بعد أن تفقد الأمل في إثبات سوء المعاملة الذي تتعرض له من قبل زوجها، خاصة أنَّ في القضايا الزوجيَّة يصعب على الزوجة إثبات حالة الحياة الزوجيَّة داخل المنزل، رغم أنَّها قد تسلب منها حقوقها الشرعيَّة من نفقة وسكنى ومعاشرة بالمعروف، ويتعدى عليها بالضرب، وتمنع من العلاج من دون أن يشعر بها أحد. لذلك فليس غريباً أن تخالع الزوجة زوجها بعد زواج دام لأكثر من عشرين أو ثلاثين سنة.