في خِضَم كل هذه الأحداث المأساوية التي تعيشها المملكة الأردنية الهاشمية، والفاجعة التي يعيشها الأردنيون هذه الأيام، يتداول رواد ونشطاء التواصل الاجتماعي، رسالة مؤثرة للغاية، إلى الحد التي وصفها العديد منهم بأنها «رسالة مُبكية»، لإحدى الأمهات التي فقدت ابنها في الأحداث الأخيرة في البحر الميت، والتي تعبر بشكل أقوى عن هوّل الحادث الجلل، من كل نشرات الأخبار وتصريحات المختصين.
وكانت هذه الأم الأردنية المفجوعة، قد عبّرت عن مدى حزنها ومُصابها على فقدان ابنها المدعو «ريان»، الذي فقدته جراء جرف السيول التي سببتها مياه الفيضانات في منطقة البحر الميت جنوب الأردن، خلال رحلة مدرسية، وراح ضحيتها 21 شخصًا، وأصيب وفُقد العشرات غيرهم، معظمهم كانوا من الأطفال، عبرت عن فاجعتها بقبلها المكسور.
وقالت والدة الطفل «ريان»، المتوفى في حادثة البحر الميت، إنها كانت خائفة عليه من البرد، وطلبت منه أن يأخذ معه سترة حتى يرتديها، إلا أنه لم يقم بذلك، ولم تكن تعرف بأنه «بات اليوم في برد ثلاجة حفظ الموتى»، وأن كل «النار التي في قلبها لن تدفئ ابنها»، في تلك الثلاجة الباردة والمعتمة، حيث قالت بقلب يعتصره الألم إن ابنها يخاف من العتمة.
وتابعت الأم الأردنية المكلومة في رسالتها، بأنها حتى هذه اللحظة لم تبكِ بعد على فراق ولدها، لأنها لا تزال تنتظر أن يدق عليها الباب ويعود للبيت مثل كل يوم، وأنها تنتظر أن تسمع صوته وهو يقول لها «ماما أنا رجعت»، ووعدت والدة «ريان» طفلها بأنها لن تنهاه عن أيٍّ من التصرفات التي كانت تمنعه من فعلها، ووعدته أنها لن تؤنبه لو رمى حقيبته المدرسية في منتصف المنزل، أو دخل بحذائه الوسخ إلى البيت.
وقالت والدة «ريان»، إنه كان في ذلك اليوم، قد خرج من المنزل حتى يستمتع بوقته، وأنها ستسامحه على أي شيء سيقوم به، وطلبت بكل ألمّ أن «تشتم رائحته» فقط، وأن تنظر في عينه اللتين توزعان الفرح على كل الدنيا، وبكل حرقة، قالت إنها هي ووالده وأشقاؤه لا يزالون ينتظرونه على نافذة المنزل، وأن صراخ قلوبهم الذي يناديه، أقوى من صوت الرياح العاتية التي كانت في ذلك اليوم، ثم خاطبت طفلها قائلة: «أتسمعنا يا حبيبي، نحن كلنا بانتظارك».
نصُّ رسالة والدة «ريان»:
«كنت خايفه عليك من البرد حكيتلك خد معك جاكيت تغير الجو، بس ما كنت عارفه إنه برد التلاجة وصقيعها إللي رح تنام فيه اليوم كل النار اللي بقلبي ما رح تدفيه، تلاجة باردة، معتمة، وأنت بتخاف من العتمة كتير، أنا لسا عم بستناك السما اليوم بكيت عليك كتير بس أنا لسا ما بكيت أنا عم بسمع الباب بيدق وعم بسمع صوتك وأنت بتنادي علي وبتقلي يما رجعت! أنا بوعدك اليوم لو رميت شنطتك بنص الدار ودخلت ببوطك إللي كله طين علسجاد ما رح أصرخ عليك، اليوم أنت كنت طالع تنبسط وأنا مسامحتك لو شو ما تعمل بس خليني أشم ريحتك وأتطلع بعيونك إللي بتوزع علدنيا كلها فرح، أنت تأخرت كتير أنا وأخوتك وأبوك علشباك بنستناك الدنيا برد وعتمه، صوت قلوبنا إللي بتصرخ وبتناديك أقوى من صوت كل العواصف إللي بره، سامعنا يا حبيبي احنا عم نستناك، طولت كتير».