لغز دام لقرون طويلة، ظل من أكثر الأمور الغامضة التي حيرت العلماء بمختلف تخصصاتهم، علماء التاريخ والفيزياء والهندسة والرياضيات أيضاً، لكننا اليوم نعيش إنجازاً تاريخياً أمام أعيننا، وذلك بعد أن أعلنت السلطات المعنية في العاصمة المصرية القاهرة، يوم الثلاثاء المنقضي 30 تشرين الأول / أكتوبر 2018، أنه للمرة الأولى يتم حلّ لغز الطريقة التي تم من خلالها نقل الكتل الحجرية الضخمة من منطقة المنيا إلى منطقة الجيزة القريبة من القاهرة، للقيام ببناء الأهرامات، التي تعد واحداً من أعجب عجائب الدنيا السبع.
وبحسب بيان لوزارة الآثار المصرية، نشرته وكالة «الأناضول» التركية للأنباء، ونقلته عنها العديد من وسائل الإعلام المختلفة، فقد لجأ المصريون القدماء إلى «منحدر مركزي»، يحيط بهذا المنحدر سُلّمان كبيران بهما ثقوب وأعمدة، مما يساعد على رفع كتل حجر المرمر الضخمة خارج المَحجَر، من خلال منحدرات شديدة الخشونة بنسبة تصل إلى 20% على الأقل.
كما أعلنت وزارة الآثار عبر بيانها، أنه تم اكتشاف ما لا يقل عن 100 نقش يسمح بفهم تنظيم الحملات التي كانت تتم في محاجر «حتنوب» في منطقة «المنيا». وأوضح البيان أنه: «توصلت البعثة الأثرية الفرنسية الإنجليزية، إلى طريقة نقل المصري القديم للكتل الحجرية من محاجر مرمر بموقع (حتنوب) في منطقة المنيا، في فترة حكم الملك الفرعوني (خوفو)».
وأضاف البيان الرسمي أن البعثة كانت قد تمكنت من التوصل لهذا الاكتشاف المهم، من خلال الدراسات والأبحات على الكتابات والنقوش الأثرية المكتشفة في موقع محاجر المرمر المصري منذ 2012. وأشار البيان إلى أن البعثة الأثرية بدأت أعمالها خلال العام نفسه، بهدف فهم كيف قام المصرييون القدماء باستخراج المرمر المصري ونقله إلى موقع بناء الأهرامات. إذ أنه من المعروف عن هذا النوع من الحجارة، أنه يعد من أهم وأروع الأحجار التي استخدمت لصناعة التماثيل والتوابيت والبلاط والمزهريات منذ عصر بناة الأهرامات».
ويصف البيان الرسمي لوزارة الآثار المصرية هذا الكشف بأنه «ذو أهمية كبيرة، فهي المرة الأولى التي يتم فيها اكتشاف نظام نقل الكتل من المحجر المصري، وكيف كان ينجح المصري القديم في رفع الكتل التي تزن عدة أطنان من على هذه المنحدرات شديدة الخشونة خلال عصر بناء الهرم الأكبر».
وفي تصريح لـ«يانيس جوردون»، وهو رئيس البعثة الأثرية، أشار فيه إلى أن البعثة نجحت في الكشف عن نظام فريد لنقل وسحب الكتل من المدخل أسفل المحجر، وذلك بعد أن تمكنت من إزالة الردم الذي كان يغطيه، والذي يمكن تأريخه لعهد الملك «خوفو» على أقصى تقدير. فيما قال «رولان أنمارش»، وهو أحد أفراد البعثة، بأن فريق الترميم المرافق للبعثة يواصل أعمال الصيانة والحفظ للنقوش الموجودة بالمحجر.
وجدير بالذكر، أن الهرم «خوفو»، كان قد بُني في عهد فرعون مصري يحمل الاسم نفسه بين العامين 2509 - 2483 قبل الميلاد. ويعدّ الأكبر بين أشهر 3 أهرامات في مصر وهما كل من «خفرع» و«منقرع»، حيث يبلغ ارتفاعه نحو 146 متراً ويحتوي على 3 غرف داخلية واسعة وعدد من الممرات. وتعد الأهرامات وأبو الهول وهو تمثال لمخلوق أسطوري موجود أيضاً إلى جانب الأهرامات الثلاثة في مصر، من أكثر الأماكن التي شغلت باحثين وعلماء للآثار على مر التاريخ.