في حلقة الجمعة من "بلا طول سيرة- مؤثرون"، المؤثرون العشرون الأكبر والاهم والابرز والالمع في تاريخ لبنان مع الباحث في تاريخ لبنان المحامي فادي المصري.
في عيد الاستقلال كل سنة، زاوية جديدة مرتبطة بلبنان والاستقلال. بعد رؤساء الجمهورية الاوائل المنسيين، قبل تحقيق الاستقلال سنة 1943، وخمس نساء كان لهن دور محوري في معركة الاستقلال سنة 1943، الموعد هذه السنة مع عشرين شخصية الأكثر تأثيرا وحضورا في تاريخ لبنان.
في بداية الحلقة، اوضح زافين صعوبة اختيار الشخصيات، مشيرا الى ان المعيار استند الى التأثير بالمفهوم العالمي، وان تكون الشخصية الأهم والاكبر والأكثر ريادة، وفيها جانب شخصي اضافي، له علاقة بسمعة هذه الشخصيات او ما تبقى منها في الذاكرة والذي يعطيها نكهة خاصة.
ورافقت الحلقة تجربة اجتماعية مع طلاب سنة اولى من كلية الاعلام- الجامعة اللبنانية تتراوح اعمارهم بين الثامنة عشرة والعشرين، فسئلوا من دون سابق تحضير عما يعرفونه عن كل شخصية. أما الأجوبة فلم تكن مشجعة بشكل عام، مما يطرح علامات استفهام حول المناهج وأسلوب التدريس.
الشخصية الاولى: الأمير فخر الدين المعني الثاني (1572 - 1635):
يُعتبر فخر الدين الثاني الأمير الفعلي الأول للبنان، إذ أنه سيطر على جميع الأراضي التي تضم مناطق لبنان المعاصر بحدوده الحالية، بعد أن كان يحكمها قبل عهده أمراء متعددون، وتخطى الحدود الحالية الى عكا. وبهذا، فإنه يُعتبر "مؤسس لبنان الحديث".
الشخصية الثانية: طانيوس شاهين (1815- 1895):
قاد اول ثورة او تمرد على الوضع القائم في تاريخ لبنان سنة 1858 ضد آل الخازن اي ضد الإقطاع في جبل لبنان الشمالي.
انشأ "جمهورية" في كسروان وتولى منصب "الوكيل العام". انضم يوسف بك كرم الى الفريق المناهض لطانيوس شاهين وهزمه عسكرياً في أواخر آذار 1861 والغى جمهوريته.
الشخصية الثالثة: يوسف افتيموس (1866 – 1952):
مهندس معماري، كان ابرز رواد فكرة التنظيم المعماري المدني، في الجزء الاول من القرن العشرين. من ابرز إنجازاته: التياترو الكبير، مستشفى طراد، مستشفى اوتيل ديو دو فرانس، هايغازيان كولدج، بلدية بيروت (شارع ويغان)، برج ساعة الحميدية (السراي الكبير)، نافورة الحميدية، مبنى بركات (طريق الشام).
الشخصية الرابعة: جبران خليل جبران (1883 – 1931):
شاعر وكاتب ورسام ونحات وفيلسوف وعالم روحانيات ورسام. من اهم أدباء وشعراء المهجر.
شكّل ثورة على التقليد الاعمى وعلى الجهل المستحكم بالناس. كان اول من تجرأ بأسلوب قاسٍ مباشر حيناً ورمزي احياناً على التهجّم على الكنيسة بقياسها البشري والتنديد بالتأثير السلبي لرجال الدين على المجتمع والشعب.
الشخصية الخامسة: رياض الصلح (1894 – 1951):
هو أول رئيس وزراء بعد الاستقلال. اعتقل مع رئيس الجمهورية وعدد من الوزراء والنواب في قلعة راشيا. اقنع المسلمين السُنة بلبنان الكبير، اي بأنهم ينتمون الى دولة لبنانية مستقلة منفصلة عن اي كيان سياسي آخر وتحديداً عن سوريا.
الشخصية السادسة: حسن كامل الصباح (1894 – 1935):
ولد في النبطية في 16 آب 1894 ودرس فيها قبل ان ينتقل الى بيروت والجامعة الاميركية في بيروت، ومن ثم جامعة ماساشوستس في بوسطن في اميركا. تنسب إليه عشرات الاختراعات التي سجلت في 13 دولة. سمحت أبحاثه بتقدم الإكتشافات في مجال البث والنقل التلفزيوني. أثّر على وجدان الطائفة الشيعية حيث ان احد ابنائها نجح في ان يكون عالماً ومخترعاً ومستهدفاً (نظرية الاغتيال) على الأرجح من المنظومة الصهيونية.
الشخصية السابعة:عنبرة سلام الخالدي (1897 – 1986):
شقيقة الرئيس صائب سلام. ولدت في بيروت سنة 1897 في عائلة سياسية مرموقة. هي كاتبة، ومترجمة، وروائية، وناشطة وقيادية؛ كان لها أثر كبير في التعبير عن المرأة العربية في عصرها. وهي أول امرأة مسلمة من عائلة معروفة ومرموقة تخلع النقاب ومن ثم الحجاب. وتصرّ على إكمال دراستها الجامعية ومن ثم السفر الى الخارج لإكمال علمها.
الشخصية الثامنة: كميل شمعون (1900 – 1987):
نفي مع عائلته الى الاناضول سنة 1916. وهو ثاني رئيس للجمهورية اللبنانية بعد الاستقلال (1952 – 1958). كان احد ابطال الاستقلال وناضل كل حياته في سبيل الحفاظ على الكيان اللبناني وعلى استقلال الوطن، واشتهر بكاريزما ساحرة بصلابة شخصيته وبمهارته وحنكته السياسية. وأسس حزب الوطنيين الأحرار.
الشخصية التاسعة: انطون سعادة (1904 – 1949):
ولد في بلدة الشوير سنة 1904. هاجر سنة 1919 مع إخوته الى الولايات المتحدة الاميركية ثم الى البرازيل ليعود عام 1930. وأسّس الحزب السوري القومي الاجتماعي سنة 1932 وكان حزباً سرّياً بسبب مناهضته للانتداب الفرنسي.
وعلى أثر مواجهات بين انصاره والحكومة اللبنانية وصدامات عنيفة، غادر الى دمشق سنة 1949. وقد سلّمته السلطات السورية الى الحكومة اللبنانية التي اعدمته رمياً بالرصاص في 8 تموز 1949.واعتبر ان الطائفية هي العقبة الجدّية التي تعيق قيام الوطن.
الشخصية العاشرة: شارل مالك (1906 – 1987):
هو سياسي ودبلوماسي ومفكر لبناني ووزير خارجية، ولد في بطرام (شمال لبنان). هو دكتور في الفلسفة من جامعة هارفورد وعلّم الفلسفة في الولايات المتحدة الاميركية ثم اسّس قسم الفلسفة في الجامعة الاميركية في بيروت. كان العربي الوحيد الذي شارك في صياغة وإعداد وإخراج الإعلان العالمي لحقوق الإنسان سنة 1948. وقد ترأس الجمعية العامة للأمم المتحدة لمدة سنتين بين 1958 و1959. وساهم في تأسيس "الجبهة اللبنانية" في بداية الحرب اللبنانية واستمر فيها لغاية وفاته.
الشخصية الحادية عشرة: سعيد عقل (1912 –2014):
هو شاعر، كاتب ومفكّر. كان اعظم الشعراء العرب في القرن العشرين وتميّز شعره بالتجديد. وهو يعتبر من اهم دعاة القومية اللبنانية مركِّزاً على "الخاصية اللبنانية"، وقد أُخذ عليه معارضته الشرسة للوجود الفلسطيني في لبنان.
وضع أبجدية مصممة خصيصاً للهجة اللبنانية بأحرف لاتينية. واعتبر لبنان فينيقياً لا ينتمي الى "العالم العربي" مما أثار جدلاً واسعاً.
الشخصية الثانية عشرة: كمال جنبلاط (1917 – 1977):
هو سياسي ومفكّر وفيلسوف ومناضل. إبن عائلة سياسية بامتياز وأحد زعيميّ الطائفة الدرزية مع الامير مجيد ارسلان. والدته السيدة نظيرة جنبلاط لعبت دوراً سياسيا مهماً بعد وفاة زوجها على امتداد ربع قرن. ونجح في أن يكون زعيماً ورئيس حزب وسياسيا أساسيا في المعترك السياسي. واعطى الطائفة بعدا عالميا من خلال علاقاته.
الشخصية الثالثة عشرة: الأخوان رحباني، عاصي (1923 - 1986) ومنصور (1925 - 2009):
هما نموذج ربما يكون فريداً من نوعه لكيف يمكن للانتاج الفني والثقافي ان يصقل الهوية اللبنانية.
اعادا ابتكار وتحديث الفولكلور اللبناني واطلاق الاغنية اللبنانية والفن بشكل عام. وكانت لهما نظرة خاصة للبنان: بناء "وطن خيالي" او "وطن اسطوري" تحوّل شيئاً فشيئاً وخاصة عند اندلاع الحرب اللبنانية سنة 1975 الى "هوية لبنانية" غير مختلف عليها في حين ان خلاف اللبنانيين طال كل شيء.
الشخصية الرابعة عشرة: خاتشيك بابكيان (1942- 1999):
ولد في لارنكا - قبرص. ودرس الحقوق في جامعة القديس يوسف في بيروت ومارس المحاماة حيث لمع كأحد ابرز المحامين في ذلك الحين. وتميّز بفصاحة لغته العربية وبقدرته الخطابية علماً انه اتقن الى العربية والأرمنية، الإيطالية والتركية والإنكليزية واللاتينية والفرنسية.
لعب دوراً اساسياً بارزاً لاسيما ضمن حزب الطاشناق دون ان ينتمي إسمياً اليه وانتُخب نائباً سنة 1975 وظل نائباً بدون انقطاع لغاية وفاته سنة 1999. وهو اول وزير ارمني.
الشخصية الخامسة عشرة: غسان تويني (1926- 2012):
هو صحافي وسياسي وديبلوماسي وصاحب جريدة "النهار" واحدة من أهم صحف لبنان والعالم العربي. ادخل الصحافة الى صناعة القرار، من خلال اقرار القرار 425 الصادر عن الامم المتحدة، وهو من اهم القرارات التي صدرت عن المنظمة الدولية.
يبقى في ذاكرة اللبنانيين موقفه البطولي المتجاوز للذات امام نعش ابنه جبران والذي فقد معه آخر اولاده الثلاثة حين قال: "لم يبق من ابني قطعة واحدة لألمسها وأودّعها ولكن أدعو الى دفن الأحقاد مع جبران ودفن روح الانتقام".
الشخصية السادسة عشرة: صباح (1924- 2014):
ليس هناك تاريخ واحد لتاريخ ميلادها. البعض يقول انها من مواليد سنة 1920 او 1925 او 1927 او 1929، وهذا ما يجعلها امرأة بولادات كثيرة ويعبّر عن شخصيتها.
هي أيقونة اصبحت مرادفة لحب الحياة. وهي أسلوب حياة، وصورة المرأة اللبنانية والنجمة اللبنانية. امتلكت الصوت والموهبة والاصالة، وبقيت ابنة الضيعة – النجمة.
الشخصية السابعة عشرة: لور مغيزل (1929- 1997):
هي محامية ناشطة في مجال حقوق الانسان، نجحت في تعديل العديد من القوانين اللبنانية التي تتضمن بنوداً فيها تمييز بحق المرأة. وعملت مع زوجها المحامي جوزف مغيزل على ترسيخ مفهوم السلم الأهلي في لبنان خلال وبعد انتهاء الحرب اللبنانية.
هي المرأة المناضلة بتجرّد ومن دون مصلحة سياسية او شخصية او مادية او مهنية. ونظرت الى المرأة كإنسان وطالبت بحقوقها كإنسان وليس كعنصر ضعيف ينبغي مساواته بالرجل.
الشخصية الثامنة عشرة: كمال صليبي (1929- 2011):
هو مؤرّخ وكاتب واستاذ محاضر في الجامعة الاميركية في بيروت.
كانت له نظرة موضوعية ومجرّدة الى تاريخ لبنان خارج الاصطفافات التقليدية وخارج الطوائف. كتب كتاب التاريخ الذي رفضت الدولة او عجزت عن صياغته. وكان خارج الاصطفافات الحزبية والطائفية.
الشخصية التاسعة عشرة: رفيق الحريري (1944- 2005):
هو اول شخصية على اللائحة يولد في ظل العلم اللبناني بعد الاستقلال. من موظف الى رجل أعمال الى رئيس حكومة الى زعيم لبناني تاريخي. عصامي بامتياز، بنى نفسه بنفسه الى ان اصبح من كبار رجال الاعمال في العالم وشخصية تتمتّع باحترام عالمي قلّ نظيره. وأدّى اغتياله الوحشي الى اندلاع ثورة الأرز في لبنان التي أخرجت الجيش السوري من هذا البلد والى نشوء محكمة دولية خاصة لكشف القتلة ومحاكمتهم.
أعاد لبنان في سنوات قليلة الى خريطة العالم بعد ان كان بلداً مدمراً وموبوءاً وموضوعاً في "كرنتينة" الأمم. وحقق استشهاده شبه "الاسطوري" معجزة انسحاب الجيش السوري بعد احتلال دام 29 عاماً.
الشخصية العشرون: بشير الجميّل (1947- 1982):
هو اصغر شخصية واصغر رئيس جمهورية بتاريخ لبنان وشخصية مثيرة للجدل، والوحيد من جيل قادة الحرب الاهلية. خاض معارك شرسة بوجه المنظمات الفلسطينية المسلّحة والجيش السوري. ثار على التقليد رغم انه ابن زعيم حزب ومن عائلة سياسية مرموقة. وكان بحد ذاته حركة وحزب وزرع في قلب ووجدان كل لبناني شعار الـ 10452 كلم 2.
الخلاصة:
في الختام، اشارة الى ان المعيار في اختيار الشخصيات الذي اعتمد كان في استبعاد الشخصيات التي لا تزال على قيد الحياة، وأيضا رجال الدين، وتم اختيار شخصيات معبّرة عن كل القطاعات ومؤثرة. ومن خلال عرض هذه الشخصيات، تم استخلاص الآتي: ست شخصيات تعرضت للاغتيال او الاعدام، هناك ثلاث نساء اضافة الى السيدة فيروز، وهناك سبع شخصيات من خلفية أميركية او بريطانية: الجامعة او الهجرة الى اميركا. وشخصيتان من خلفية فرنكوفونية، اضافة الى شخصيتين فقط ولدتا بعد الاستقلال.
لمشاهدة أجمل صور المشاهير زوروا أنستغرام سيدتي