الأكل والشرب والنوم والكثير من اللعب، وأيضاً بعض الشجارات مع الأهل على الدراسة وتحصيل الدرجات المدرسية، هذا ما يقوم به الأطفال في العادة قبل سنّ المراهقة، ولكن الآن، من الممكن أن نضيف إلى "الأكل والشرب والنوم والكثير من اللعب، وبعض الشجارات الروتينية"، تغيير قوانين رسمية في بلادهم عمرها يقارب على الـ 100 عام، أجل هذا حقيقي جداً، وليست مزحة أو دعابة، أو حتى مبالغة لجذب انتباه القرآء.
من جهة أخرى، يعتبر هطول الثلوج في الكثير من الدول العالم، فرصة سانحة للجميع حتى يحظوا ببعض المرح واللعب – حتى الكبار والبالغين منهم – وذلك عبر تقاذف كرات الثلج في معارك "حامية الوطيس"، تتعالى فيها أصوات الضحك حتى آخر النهار. ولكن ما علاقة الثلوج واللعب بها، بالأطفال الذين يغيرون قوانين في بلدانهم، يعود تاريخها لقرن مضى..؟
"إذا بان السبب بطل العجب" كما يقولون، وعند قيامنا بسؤال أهالي بلدة "سيفيرانس" في ولاية "كولورادو" الأمريكية، سنكتشف هذا الرابط العجيب بين هذين الأمرين، وذلك أنه خلال الأيام القليلة الماضية، ظهر بطل جديد في هذه البلدة، وهو "دان بيست"، طفل لم يتجاوز من العمر عامه التاسع بعد، ولا يزال في الصف الثالث من المرحلة الإبتدائية في المدرسة، والذي نجح بإلغاء قانون عمره 100 عام في تلك البلدة، وهو قانون وُضح منذ تأسيس مجلس المدينة في العام 1920، وينصُّ على حظر اللعب بـ"كرات الثلج"، وذلك كونه يعتبر في خانة "القذائف والمقذوفات" التي من الممكن أن تسبب الضرر.
فضول الطفل الذي غيّر القانون..
بدأ الأمر مع الطفل "دان بيست" قبل عدة أشهر، عندما علم عن طريق الصدفة، بأن هناك قانون في بلدته "سيفيرانس"، يحظر اللعب بكرات الثلج داخل حدودها، وحينها قرر "بيست" أن يحارب هذا القانون وأن يعمل جاهداً على إلغائه، حتى يتمكن هو وأصدقاؤه وعائلته من الإستمتاع بمعارك تقاذف كرات الثلج، مثل باقي الأشخاص في كل العالم.
توجه "دان" في البداية إلى أمه "بروك"، وقال لها "أريد أن تذهبي وتغيري هذا القانون"، ضحكت الأم حينها، وأوضحت لابنها ذي الـ9 أعوام، أنها لا تستطيع تغيير القانون الذي يعود إلى العام 1920 بهذه البساطة، لكن في الوقت نفسه، لم تقم "بروك" بإغلاق الطريق في وجه فضول ابنها، وقالت له أنه في حال أراد فعل شيء كهذا، عليه أن يقوم باتخاذ الخطوات والتدابير اللازمة.
بالفعل، بدأ "دان" بكتابة العديد من الرسائل مع زملائه بالمدرسة، وقام بجمع الكثير من التوقيعات التي تدعم وتطلب إلغاء هذا القانون من سكان البلدة، والتي تطلب من السلطات أن تسمح للسكان والأطفال باللعب والتراشق بالثلج عبر إلغاء هذا القانون، وبعد أن انتهى هذا الطفل الشجاع من القيام بكل هذه الإجراءات، تم عرض قضيته على مجلس بلدية "سيفيرانس"، وكان ذلك في 3 كانون الأول / ديسمبر 2018.
قام أعضاء مجلس البلدية في المدينة حينها، بالتصويت فعلاً على قرار إلغاء هذا القانون، وبأصوات الأغلبية تم التصويت على إلغائه بالفعل، ونجح "دان بيست" بأن ينتصر على قانون رسمي عمره قرابة الـ 100 عام، وكان هو صاحب رمي أول كرة ثلج "قانونية" في البلدة.
هكذا علقت البلدية على القرار..
وفي تصريح لـ"كيل ريتكيرك"، وهو المتحدث الرسمي باسم مجلس بلدية مدينة "سيفيرانس"، كان قد أدلى به لوكالة الأنباء الألمانية "د.ب.أ" مساء الأربعاء الماضي، قال فيه: "أن مجلس المدينة كان قد وافق بالإجماع على الطلب الذي تقدم به الطفال دان بيست". وأضاف "ريتكيرك" أيضاً: "أصبح من حق أي شخص في مدينة سيرفيرانس أن يكون قادراً على خوض معركة بكرات الثلج والإستماع بها، كما هو معمول به في كل أنحاء العالم".
وأوضح المتحدث الرسمي باسم مجلس بلدية مدينة "سيفيرانس"، أن "دان بيست" كان قد سمع برفقة زملائه الطُلّاب عن هذا القانون، عندما كانوا في رحلة مدرسية لعمدة المدينة، كما أنهم في الوقت نفسه، علموا أن لديهم الحق في التصويت على القضايا التي يشاؤون التصويت عليها رغم صغر سنهم، وأن "دان"، كان قد اتصل بالسلطات المعنية هو ووالدته "بروك" قبل قرابة الشهرين، واستفسروا حول كيفية تغيير هذا القانون، وفعلاً نجح الأمر بعد التصويت.