لم يردد الناس منذ سنين البيت الشعري:
نظرة فابتسامة فسلام *** فكلام فموعد فلقاء
للشاعر الكبير «أحمد شوقي» مصادفة، ولم يحفظ في قلوبهم وأذهانهم عبثًا، بل لأنهم كانوا على يقين بأنّ الحب يولد من النظرة الأولى، وأنّ العيون هي مفتاح القلب، وباب الولوج إليه. وللعين في الحب لغة خاصة لا يفهم مصطلحاتها إلا من وقع أسيرها، وفتن بسحرها.
ميزة لغة العيون في الحب
لعل من أهم ما يميز نظرات المحب أنّها تكون بشكل متكرّر وذات تركيز عالٍ، ولا ينكر أحد أنّ الإنسان متى ما نظر بنظرات طويلة تجاه شخص آخر فهي دليل أكيد على الاهتمام والحب الذي يكنه له، ويعد تمدّد البؤبؤ عند رؤية شيء أو شخص ما آخر على الفرح والسعادة برؤيته، وبالتالي المحبة الكبيرة له.
مواطن الاختلاف في لغة العيون عند المرأة والرجل
تختلف نظرة المرأة عن الرجل في حال نال على إعجابها، أو استطاع تملّك قلبها. فإما أن تنظر إليه نظرة عادية من بعد مع ابتسامة خفيفة، وبذلك تكون قد أعطته إشارة على مشاعر الحب التي في داخلها تجاهه، أو تنظر نظرة خفية، وهي النظرة التي تقوم بها بالسر، وتحدث عندما يبادلها الرجل النظر فتقوم هي بالنظر إلى الأسفل بسرعة مع ابتسامة خفيفة، وهذا دليل على إعجابها بهذا الرجل. أما النظرة المتكررة فتحدث عندما تقع المرأة بالحب، عندها تنظر أكثر من مرة اتجاه الرجل الذي تحب، وهذا قد يكون دليلاً على رغبتها في التحدث معه، وأيضًا قد يكون دليلاً على أنّها تكنّ له المشاعر. وعندما تصل المرأة إلى مرحلة النظرة الثابتة وهي النظرة التي تحمل اتصالاً ثابتًا بالعين للطرف الآخر فهي دليل أكيد على وجود إحدى علامات الحب. لكن إن نظرت إليه النظرة المنكسرة فهي عدم رغبتها بالنظر إلى المكان الذي يتواجد فيه الشخص الذي تحب؛ خوفًا من التقاء العيون الذي قد يحرجها.
أما بالنسبة لنظرات الرجل فلعلها تبدو أكثر وضوحًا وأقل تعقيدًا من نظرة المرأة تجاهه، فهو متى ما نظر للمرأة دون لفت انتباهها فهذا دليل على الحب والإعجاب، وإن تكررت النظرات فهي تعد إعجابًا من قبله بالمرأة، لكن دون وجود هدف معين. وفي حال نظر إليها مباشرة عند لقائه بها، فذلك دليل واضح على الحب. يشار إلى أنّ الرجل يظهر اهتمامه بالمرأة في حالة مبادلتها للنظرات مع ابتسامة خفيفة وسريعة عند رؤيتها.
علامات لغة العيون في الحب
للغة العيون في حالة الحب علامات تثبت وقوع الطرف الأول بالحب تجاه الطرف الآخر، فبحسب علماء النفس فإنّ الشخص المُعجب لا يستطيع أن يتحكم بنظراته ولا بتحديقه في عيني محبوبته، وأثبتت دراسات علمية بأنّ حدقة العينين عند المحبين تزداد اتساعًا وبطريقه غير إرادية لديهما، وعند شعورهما بالسعادة التي تتولد عن الاستمتاع بتبادل النظرات اللطيفة والمريحة يبدو ذلك البريق اللامع في أعينهما ليصبحا وكأنهما في عالم آخر من الارتياح النفسي والروحاني، ومن علامات سحر لغة العيون في الحب الصامت ما يلي:
• اتساع في حدقة العينين عند الفتاة والشاب خلال تبادل النظرات والإعجاب والحديث اللطيف.
• عند تبادل الأحاديث الرومانسية والاستلطاف يأخذهما الخيال نحو الإبحار في عالم واسع وجميل، خاصة عندما يطول النظر بينهما.
• يذهب كل منهما في تأملاته بملامح بعضهما، لترسل العينان ارتياحها بما تراه من تعبير عن الألفة والمحبة التي تولدت بينهما.
• التركيز من كلا الطرفين والبحث والكشف عن الميزات والصفات التي جعلت كل واحد منهما يعجب بالآخر، مما يجعلهما يشعران بالسعادة ويتأكدان من ولادة الحب الحقيقي بينهما.
أجمل ما قيل في الشعر العربي عن لغة العيون
يزخر الشعر العربي بأبيات جمة تتحدث عن ذاك الحب الذي ولد من نظرة العيون، وغذّي بمائها، واحتمى في أهدابها، ولأنه يصعب حصرها في سطور سنورد أجملها وأكثرها سحرًا:
قال جرير يصف عيون هاتكة:
إنّ العيون التي في طرفها حَوَرٌ
قتلننا ثمّ لم يُحيين قتلانا
يصرعن ذا اللّبّ حتى لا حراك به
وهن أضعفُ خلق اللّه إنسانًا
أما الشاعر إيليا أبو ماضي فقال في قصيدته «العيون السود»:
ليت الذي خلق العــــيون الســــــودا
خــلق القلـــوب الخــــافقات حديدا
لولا نواعــســهـــــا ولولا ســـحـــــرها
ما ودّ مـــالك قـــلبه لـــــو صـــــيدا
عَـــــوذْ فــــــؤادك من نبال لحـاظها
أو مـتْ كمـــا شاء الغرام شهيدا
إن أنت أبصرت الجمال ولم تهــــــم
كنت امرءًا خشن الطباع بليدا
أما نزار قباني فكتب عن عيون الحب كثيرًا، اخترنا من بحره هذه الأبيات:
ذات العينين السوداوين المقمرتين
ذات العينين الصاحيتين الممطرتين
لا أطلب أبدًا من ربّي
إلّا شيئين
أن يحفظ هاتين العينين
ويزد بأيامي يومين
كي أكتب شعرًا
في هاتين اللؤلؤتين