تعَلق الطفل بلعبة معينة يعكس عدة أمور تتعلق بالسمات الخاصة بسن الطفولة وأيضا بميول الطفل، خصوصاً في سنوات الطفولة الأولى حيث يتعلق بكل ما يخصه.
«سيدتي» التقت المستشار النفسي والسلوكي عبده الأسمري؛ ليحدثنا حول أسباب ذلك وكيفية الاستفادة منه.
بيّن الأسمري أنه عند النظر إلى النواحي السلوكية العميقة في شخصية الطفل، فإنه يظل في السنوات الخمس الأولى من عمره أكثر ميلاً إلى التعلق والاقتناء المغلفة بغيرة شديدة نحو كل ما يخصه، وأكثر ما يكون ذلك في الألعاب.
وقال «التعلق بالألعاب له أسباب تتمثل في أن محيط تفاعل الطفل في السنوات الأولى قليل نحو الأشياء المحسوسة بعيداً عن البشر، في ظل أنه يلحظ وجود مقتنيات في أيدي الآخرين فيسعى إلى التقليد الباكر لسمة «الاقتناء»، ولكنها تظل في إطار أشد متجهاً إلى قطب الغيرة الشديد في نزع أو سحب أو منع هذه اللعبة التي تمثل له «عاملاً أول» في التفاعل الشخصي مع مكونات المحيط وفق شخصيته التي تبدأ في التكوين الاجتماعي والنفسي والانفعالي والإدراكي».
واستطرد «ولو نظرنا إلى تفاصيل الألعاب، ومدى ارتباط الطفل بها فإنها تمثل بالنسبة له بعداً من أبعاد الدلال والاهتمام الذي يعد أعلى درجة للتفاعل ما بين الطفل ومحيطة، فتكون الألعاب أحد موجهات التعامل وجسر التواصل السيكولوجي بينه وبين والديه وكل من يحيط به، فيرى في اللعبة إشباعاً ذاتياً لرغبته في لفت أنظار الآخرين والاهتمام به، فيلجأ إلى التعلق بها بشكل شديد».
- وبالنظر إلى الألعاب فإن الأسرة تلجأ إليها كوسيلة محببة للأطفال في سن الطفولة، كونها تُهدئ من إزعاجهم وأيضاً تساهم بشكل فاعل في هدوئهم، وكذلك يظل الطفل مائلاً إليها فيرى في اللعبة إيحاء خاصاً له يضعه في مملكته الاجتماعية ومحيطة النفسي ودائرته التفاعلية مع المكونات.
- عادة ما يميل الطفل إلى الأشياء القريبة منه والمتشابهة مع كيانه العمري وكينونته الشخصية من خلال اللعبة التي تحاكي واقعه وتقترب من فهمه المتعلق بالأشياء الصغيرة والغريبة والفريدة داخل الإطار الاجتماعي الذي يكون فيه «البشر» تواجداً أكبر.
- بعض الأمهات يقلقون من هذا التعلق الذي قد يصل إلى عدم نوم الطفل إلا مع الألعاب، وأيضاً طلب تواجدها معه حتى سن متقدمة، وهذا نظير الاقتران الشخصي والتقارن السيكولوجي في مشاعر التملك والاقتناء والتفاعل الشخصي، حتى أن الأطفال يميلون إلى الأطفال القريبين من سنهم أو الأصغر منهم في الارتياح واللعب خلال سنوات العمر الخمس الأولى.
- يجب على الأمهات تنويع الألعاب بشكل دوري وتعليم الطفل التدريج في اقتناء الألعاب، من خلال توفير أنشطة حيوية له ونزهات خارج المنزل وجلب أمور جاذبة له، من خلال مشاهدة برامج تخص الأطفال، على أن تكون مناسبة لعمره ويكون فيها مشاهد ترفيهية تعزز الفرح، لأن التنويع يقلل من اعتمادية الطفل على التعلق الذي قد يؤثر في شخصيته مستقبلاً من خلال الميل إلى نزعة التملك الشديدة للأغراض والغيرة الشديدة وعدم السعادة بالمقتنيات وكنزها، مما يؤثر في شخصية الطفل في سنوات لاحقة من العمر.
- قد تسهم الألعاب وفق فكر الأسرة إلى نفع الطفل مستقبلاً من خلال توجيهه لمواهب متميزة وأيضاً استغلال مهاراته بحيث تعزز الأسرة من القدرات التي تراها في الأطفال خلال تعاملهم مع الألعاب التي تعد أدوات أولى يرتبط بها الطفل في بداية عمره وتظل عالقة في ذهنه.
- لو عززت الأسرة من توفير ألعاب تساعد على التعلم من خلال الأجهزة الصوتية التي تساعد على النطق والبلاغة الصوتية، وأيضاً من خلال أدوات الرسم التي قد يتعلق بها الطفل فيكون مشروع فنان تشكيلي مستقبلاً، وأيضاً من خلال الألعاب التي تغذي عقل الطفل بالمعلومات وتكون فيها قيمة تعليمية مفيدة تجيب عن أسئلة الطفل المتعددة.
- هنالك فائدة تتعلق بتعليم الطفل على الإتقان والترتيب والمحافظة على الأدوات الشخصية، وهذا يحدده دور الأم في تعليم الطفل ذلك، مع أهمية إبعاده عن شعور التملك والتطرف في التعلق الذي قد يؤثر في شخصيته بالمستقبل، ولابد من أن تعي الأسرة بأهمية توفير ألعاب مناسبة لسن الطفل.
- إبعاده عن الألعاب الإليكترونية التي تعزز فيه الميول للعدوانية.
- تعزيز توفير ألعاب تساعد على التنمية الذاتية وتغذية الذهن، كالألعاب الترفيهية التعليمية وغيرها، وفي هذا الوقت توجد الألعاب بشكل متنوع سواءً من خلال ألعاب الطفل الخاصة أو مدن الترفيه، وفي الحالتين فإن الأسرة تحدد الاتجاه السليم والمسار الأسلم لتشكيل شخصية الطفل مع أهمية مساهمة الوالدين في تعزيز هذه الشخصية واستغلال مواهب الطفل التي قد تكون موجودة ولا تعرفها الأسرة، وقد تكتشف من خلال الألعاب أو التفاعل الذهني.