معظم الدراسات الموجودة تركز على بعض النقاط، وليس كل ما تواجهه المرأة العاملة، ولكن الدراسة الآتية يمكن أن تنطبق على مستوى العالم بحسب استطلاعات الرأي التي قام بها باحثون برازيليون في أوروبا وأمريكا وآسيا. ومن خلال الآراء التي حصلوا عليها استطاعوا وضع أيديهم على ما هو مهم وجوهري في هذه المسألة الحيوية التي تخص المرأة.
المرأة مازالت بعيدة عن أهدافها
قالت الدراسة البرازيلية التي نشرتها مجلة /أيبوكا/ الشهيرة التي تعتبر من أهم المجلات التي تعنى بالشؤون الاجتماعية وشؤون المرأة في البرازيل: إنه على الرغم مما يسميه البعض بـ«الثورة النسائية» في بداية ستينيات القرن الماضي فإن المرأة لم تحصل حتى الآن على ما كانت تبغي إليه تلك الثورة، أو بالأحرى، تلك الحركة النسائية في ذلك الوقت؛ لأن بعض الناس يجدون بأن الحركة لم تصل إلى حد «الثورة» كما يريد البعض تسميتها. ما حققته المرأة في ذلك الوقت كان بعض الإنجازات. وعلى الرغم من أهميتها فإنها لم تحقق كل ما كانت تتطلع إليه المرأة، وبخاصة في مجال العمل والحقوق الوظيفية. أهم إنجاز لهذه الحركة النسائية في ستينيات القرن الماضي هو الحصول على حرية الحركة وعلى الأخص تحقيق الحرية الجنسية في أوروبا والولايات المتحدة، وربما بعض الدول النامية أيضاً. كما تم الحصول على بعض الحقوق فيما يتعلق بالحقوق المدنية بشكل مساو للحقوق التي يتمتع بها الرجل. وكذلك تم الحصول على حقوق تتعلق بحرية القرار حول الزواج والطلاق.
حقوق العمل مازالت صعبة المنال
أكدت الدراسة البرازيلية بأن حقوق العمل بالنسبة للمرأة مازالت بعيدة لتصل إلى 100%، ويمكن القول وبشكل رسمي استناداً إلى استطلاعات الرأي العديدة، التي أجراها الباحثون الذين زاروا العديد من الدول من أجل إعداد الدراسة التي نحن بصددها بشأن حقوق المرأة في العمل، بأن نسبة ما حققته المرأة في هذا المجال يصل إلى 70% كحد أقصى. ربما لا يصدق كثير من الناس ذلك ولكنها الحقيقة. من الظاهر يبدو للكثيرين بأن المرأة حصلت على أكثر من تسعين بالمائة من حقوقها فيما يخص العمل والوظيفة، ولكن من الباطن فإن الأمر ليس كذلك على الإطلاق بحسب قول الباحثين البرازيليين.
وأوضحت المجلة بأن الحديث هنا هو عن الدول التي تسمح للمرأة بالعمل ومزاولة وظيفة. ولكن دعنا لا ننسى بأن هناك دولاً عديدة في أفريقيا والشرق الأوسط مازال العمل محظوراً على المرأة، ولكن بعض هذه الدول سمحت لها بالعمل في وظائف تخص عالم النساء ومع النساء. كالتدريس في مدارس البنات أو العمل في الأماكن التي لا يتواجد فيها رجال. وإذا تم وضع جميع دول العالم في هذا الميزان فيمكن القول بأن نسبة حصول المرأة على حقوقها في العمل لن يصل إلى 40%. ولكن الباحثين البرازيليين يقولون بأن النسبة هي 70%.
ما هي القضايا التي تواجهها المرأة في العمل طبقاً لما استنتجه الباحثون البرازيليون؟
كما قالت الدراسة البرازيلية فإن هؤلاء الباحثين لم يوردوا أهم القضايا التي تواجهها المرأة في العمل من الهواء، بل من خلال استطلاعات للرأي وإحصاءات كثيرة، ومقابلات مع آلاف النساء في عدة دول أوربية وآسيوية والولايات المتحدة، فما هي أهم هذه القضايا؟
أولاً، صعوبة حصول المرأة على مرونة في عملها:
قالت الدراسة البرازيلية إنه في كثير من الدول، بما فيها عدد لا بأس به من الدول الأوربية، فإن المرأة تقوم بالأعمال المنزلية إلى جانب عملها في الوظيفة، وهو الأمر الذي يجعلها تشعر بتعب وإرهاق كبيرين. وعندما تطلب المرأة بعض المرونة من حيث ساعات العمل فإن الجهات المسؤولة ـ إن كان في القطاع العام أو الخاص ـ ترفض منح المرأة أية مرونة في العمل.
ثانياً، المساواة في الراتب مع الرجل:
أكد الباحثون البرازيليون بأن هناك تفاوتاً في الراتب بين المرأة والرجل في عدد كبير من الدول، بحيث أن راتب المرأة يقل عن راتب الرجل بنسبة 20 إلى 30%. والمساواة في الراتب بين الجنسين موضوع مطروق منذ عشرات السنين، دون أن يتم التوصل إلى اتفاق عالمي حوله.
ثالثاً، الانحياز للرجل فيما يتعلق بالإنتاجية:
أشارت الدراسة البرازيلية إلى أن أصحاب العمل دائماً يعتقدون بأن الرجل هو من ينتج أكثر في العمل، ولذلك هناك انحياز لهم من حيث تخصيص المكافآت والمشاركة في جني نسبة من الأرباح، أما المرأة فينظر اليها على أنها مخلوق ضعيف لا يستطيع الوصول إلى مستوى إنتاجية الرجل.
رابعاً، مواجهة المرأة للمضايقات:
أوضحت الدراسة بأنه إضافة إلى الصعوبات والمشاكل التي تواجهها المرأة في العمل، فهي أيضاً عرضة للإغراءات والمضايقات من قبل زملائها في العمل، أو من قبل رؤسائها المباشرين وغير المباشرين. وهناك كثيرات يقعن ضحية لهذا التصرف الإجرامي بسبب حاجتهن الماسة للعمل وخوفاً من تهديدات رؤسائهن أو المسؤولين عنهن. وقالت الدراسة إنه مع الأسف فإن هذه المشكلة مازالت على أشدها في مختلف دول العالم. ولا تستطيع المرأة فعل أي شيء تجاه هذا التصرف الذي يمس كرامتها وشرفها.
خامساً، ممارسة نشاط مناسب في العمل أو الوظيفة:
قالت الدراسة البرازيلية، إنه استناداً للبحوث التي أجراها الباحثون البرازيليون في دول عدة، فإن ملايين النساء يعملن في وظائف لا يرغبنها، أو يمارسن نشاطاً غير الذي يتقن. هذا إلى حد كبير ناجم أيضاً عن الإغراءات الجنسية ضد المرأة. فالمرأة الشريفة التي ترفض بأي شكل من الأشكال تسليم شرفها بشكل رخيص، فإن رئيسها ينقلها إلى مكان آخر للقيام بنشاط آخر ليس له علاقة باختصاصها.
سادساً، سهولة التخلي عن خدمات المرأة في الوظيفة:
أشارت الدراسة إلى أن التخلي عن المرأة في العمل بسيط جداً؛ لأن هناك طوابير من الرجال الذي ينتظرون عملاً أو وظيفة، فيستطيع المسؤول إلصاق أية تهمة بالمرأة من أجل تسريحها وتعيين رجل بدلاً منها. وفي هذه الحالة يمكن للمرأة أن تخرج دون المطالبة بأية حقوق في مقابل ألا يصرح رئيسها بالتهمة التي ألصقها بها، وهي عادة ما تتعلق بشرفها أو كرامتها، فتقبل الخروج من العمل دون الحصول على أية حقوق في مقابل الحفاظ على سمعتها.
سابعاً، مشكلة الحمل والولادة:
قالت الدراسة، نقلاً عن الباحثين البرازيليين في دراستهم، إنه في دول كثيرة فإن الشركة لا تسمح للمرأة بالحمل أو الولادة بحجة عدم تعطيل العمل والإنتاج. ولذلك فإن الكثير من الشركات تشترط على المرأة عدم الحمل أو الولادة طالما أنها تعمل في الشركة. وهذا يعتبر حرماناً من حق طبيعي، ويجب أن تحارب النساء مثل هذه الشركات لإلغاء قوانينها الداخلية التي تنص على ذلك؛ لأن قانون الدولة لا ينص أبداً على عدم توظيف المرأة لأنها قد تحمل وتنجب الأولاد.
ثامناً، حرمان المرأة من مناصب قيادية في العمل:
أكدت الدراسة بأن دولاً كثيرة لا تمنح المرأة منصباً قيادياً في الشركة أو الدائرة الوظيفية التي تعمل فيها، علماً بأن ذلك يعتبر حقاً من حقوقها الطبيعية إذا أثبتت جدارة وتميزاً في العمل الذي تقوم به.
تاسعاً، العمل من دون خوف أو إرهاق نفسي:
قالت الدراسة البرازيلية إن المرأة تسعى إلى العمل تحت ظروف آمنة وغير متعبة نفسياً، باعتبارها الجنس الناعم والضعيف، الذي لا يستطيع مواجهة الأخطار أو المواقف المحرجة فيما يتعلق بأنوثتها وشرفها. وأضافت الدراسة بأن مثل هذه البيئة الآمنة 100% لا تتوفر بالنسبة لعدد كبير جداً من النساء اللواتي يجبرن على العمل في فترات ليلية يمكن للرجال القيام بها بدلاً منهن.
عاشراً، إسناد مهام تافهة للمرأة:
أكد الباحثون البرازيليون في هذه الدراسة، بأن كثيراً من الشركات والدوائر الوظيفية تسند مهام تافهة للمرأة، انطلاقاً من مبدأ مراعاتها كامرأة. ولكن المرأة لا تطالب بذلك، إنها فقط تطلب بعض المرونة في ساعات العمل، ولا تحب أية امرأة كانت أن تقوم بمهام تافهة في عملها؛ لأن ذلك يجعلها تشعر بالدونية.