لطالما كان دعم وتمكين المرأة لدى حكّام الدولة السعودية كبيرًا، فقد حظيت بكل اهتمام منذ تأسيس المملكة العربية السعودية وإلى اليوم؛ حتى تمكنت من الوصول إلى جميع المناصب الاجتماعية والعلمية، وحتى السياسية؛ لتُثبت وجودها وقدرتها على المشاركة في بناء الوطن.
نستعرض في السطور التالية دعم وتمكين القيادات السعودية للمرأة، منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز، رحمه الله، وحتى اليوم؛ في عهد خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان، حفظه الله.
«أنا أخو نورة»
حظيت الأميرة نورة بنت عبد الرحمن، شقيقة الملك عبدالعزيز، بمكانة كبيرة لدى المؤسس، فهي المقصودة في عزوته الشهيرة: «أنا أخو نورة»، وكان يرددها في المواقف الصعبة، تميزت برجاحة عقلها، أسند لها الملك عبدالعزيز دورًا سياسيًا مهمًا؛ يتمثل في استقبال ضيوف الوطن الأجنبيات، والإذن لهن برؤية المعالم، واعتبر المؤرخون أن الأميرة مارست بشخصيتها المميزة دور السيدة الأولى.
الملك سعود وبداية تعليم البنات
لم يكن عام 1379 هـ عامًا عاديًا، ولكنه كان علامة بارزة في تاريخ التعليم؛ حيث أصدر الملك سعود -رحمه الله- أمرًا ملكيًا يقضي بإنشاء مدارس لتعليم البنات بالمملكة؛ لأنه رأى أن تعليم الفتاة السعودية أمرًا مُلحًا تفرضه النهضة التنموية التي كانت تعيشها بلادنا في بداية توحيدها.
لا مدارس للبنات.. وتعلمت بالقاهرة
تقول السيدة أميرة عبد القادر إدريس، (84 سنة)، والتي عاشت في تلك الحقبة الزمنية القديمة: «في زمننا في عقد الأربعينات من القرن العشرين، لم تكن هناك مدارس لتعليم البنات، وأنا كنت ابنة بعمر 8 سنوات لأم تُجيد القراءة والكتابة، رفضت بأن ننشأ أنا وأختي، التي تكبرني بعام، بدون تعليم، وقالت: «أنا متعلمة ولا أقبل أن تكون بناتي غير متعلمات»، فقام والدي بإرسالنا لمدرسة داخلية في القاهرة؛ درسنا فيها حتى الصف الثاني الابتدائي».
وتكمل: «ولكن اليوم امتد التعليم، ووصلت الفتاة السعودية فيه لمراحل عالية، فالشكر لحكومتنا ودولتنا التي أتاحت لبناتنا فرصة التعليم والحصول على أعلى المستويات فيه».
تساوت فرصة ابتعاث البنات مع البنين
فيما أوضحت الدكتورة العالمة والباحثة ملاك الثقفي أن أكثر الصعوبات التي واجهتها في بداية مشوارها التعليمي هي وجود الفرصة في الابتعاث، تقول: «كنت من أوائل الفتيات اللاتي خرجن للابتعاث، وواجهت صعوبة بالغة في التعامل مع الغرب وإقناعهم بمخرجات التعليم لدينا، فقد تشكّل لديهم صورة نمطية سلبية عن المرأة السعودية».
وتكمل: «ولكن اليوم اختلف الأمر تمامًا، فبعد أن فتحت حكومتنا باب الابتعاث عام 2005، أصبحت فرصة ابتعاث الفتيات للخارج متكافئة مع البنين؛ فزادت أعدادهن هناك، وتغيرت تلك الصورة السلبية شيئًا فشيئًا».
المرأة وعهد صناعة القرار
وحين نذكر الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، رحمه الله، نتذكر دعمه وثقته في المرأة السعودية، حيث نُقلت المرأة في عهده إلى دفة القيادة وصنع القرار.
«لا يمكن أن نتجاهل دور المرأة السعودية ومشاركتها في مسؤولية النهضة التنموية التي تشهدها بلادنا، وفي خدمة دينها وبناء وطنها، باعتبارها نصف المجتمع»، بكلمات الملك عبدالله؛ بدأت الأستاذة الدكتورة وعضو مجلس الشورى سامية بخاري حديثها معنا؛ حيث أكدت الأثر الكبير الذي خلفه دعم ولاة الأمر للمرأة في مشاركتها بالنهضة، تقول: «عضويتي في مجلس الشورى عنت لي الكثير، فقد نلت الثقة الملكية، وأحسست بعظم المسؤولية، وفي كل عام أزداد خبرةً تعادل عشرات السنين، وأظل أفكر بتقديم توصيات تخدم الوطن وإنجازات تُحسب للمرأة».
عهد سلمان.. مواصلة تمكين المرأة ومشاركتها الوطنية
وفي عهد خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبدالعزيز، حفظه الله، فلم يكن قرار السماح للمرأة بقيادة السيارة القرار الوحيد، بل واصلت المرأة مسيرتها نحو التمكين والمشاركة الوطنية الفاعلة.
واعتبرت سيدة الأعمال وعضو المجلس البلدي بجدة، رشا حفظي، أن المرأة بدخولها للمجلس البلدي؛ تمكنت من مشاركة الرجل في صنع القرار، فتنوعت الرؤى وتكاملت الجهود لخدمة الإنسان والمكان.
وقالت: «بالنسبة لي، فإن العمل التنموي بدأ قبل المجلس بفترة طويلة، واستمر معه، ودخولي للمجلس كان خطوة لتأطير العمل ومنهجته، فقد أصبح لديّ بُعد نظر في التعامل مع الملفات البلدية، كما لمست استيعاب وجهات النظر بين جميع الجهات المعنية؛ بدخول المرأة للمجالس البلدية».