بعد ثلاثية روائية: مصابيح مطفأة، مقابر مشتعلة، وأرصفة دافئة، تأتي رواية «كلاي»، التي صدرت مؤخرًا للكاتب المغربي أحمد الكبيري، الذي تخلص فيها من أسر ثلاثيته ليعود بعد ست سنوات، محافظًا على أسلوبه ولغته. الأسلوب القائم على الحكايات التي يتناسل بعضها من بعض، حيث تفضي كل حكاية إلى أخرى لتصب في الحكاية الكبرى التي تمثل حياة وشخصية «كلاي»، ومحافظًا أيضًا بحرص على لغته القريبة من أولئك الذين كتب عنهم. و يقول الشاعر جمال الموساوي في حفل توقيع هذه الرواية مؤخرًا بالرباط: يحفر الكبيري، في هذه الرواية، أكثر في الجراحات الموجعة للمجتمع. جراحات فئات منه على وجه التحديد، وهي التي ليس لها أحد، أو التي يتحدث عنها فقط الانتهازيون لأغراض مختلفة، ومنها الأطفال والنساء وعموم المسحوقين، حيث يصر الروائي على إدخال القارئ إلى العوالم النفسية لشخصياته، ويطالبه بفهم سلوكياتها
وتحولاتها في ضوء ذلك، وفي ضوء تفاعلها مع معطيات البيئة الاجتماعية التي تعيش فيها.
«كلاي» مثلاً، كان من الممكن أن يكون شخصًا آخر، غير الذي انتهى إليه في الرواية. أي مجرمًا محكومًا بالإعدام على خلفية اغتصاب وقتل طفلة في الرابعة من عمرها. ذلك أن «كلاي»، كما تقدمه الرواية، طفل مغربيّ، ألمانيّ المنشأ، وجد نفسه فجأة مجتثا من بيئته الأولى ليحط الرحال في مدينة مغربية صغيرة على الهامش، بسبب قرار الأم بالعودة إلى المغرب بعد الوفاة المأساوية لزوجها.
لقد كان لهذا الحدث، أي العودة، الأثر الأكبر في تشكيل «كلاي»، وتحويله من بطل عالمي محتمل في الملاكمة، إلى أخطر مجرم عرفته تلك المدينة المغربية الصغيرة على الهامش.
إنها صدمة التخلف، المقابلة لصدمة الحداثة أو الحضارة.
إصدار جديد: «كلاي» رواية للروائي المغربي الكبيري
- ثقافة وفنون
- سيدتي - نت
- 03 فبراير 2019