أم خلف تناهز الـ(65 عاماً)، وبحسب قولها فقد حجزت رصيفاً في أحد أسواق جدة؛ لتضع فيه بسطتها وتبيع مجموعة من العطور المتواضعة والمباخر الشرقية وأدوات تجميل صغيرة، ورغم أنها في البداية رفضت الحديث؛ لأنها خافت أن نكون من البلدية، وأضافت: ث لا يزيد دخلي اليومي في أفضل الأوقات على 150 ريالاً، ابني متوفى منذ زمن، وليس لي سوى بعض القريبات اللاتي يقمن بزيارتي، ولكن لماذا لا يتم توفير معارض مكيفة ومجهزة؛ ننقل البسطات إليها ونبيع في هدوء وراحة من دون مضايقات".
12 ساعة عمل
على الرصيف نفسه تتحدث إلينا أم أحمد، والتي تبلغ (29 عاماً)، وتبيع أنواعاً مختلفة من البن والهيل والزعفران والمنتوجات الشعبية، وإلى جوارها ابنها ذي الخمسة أعوام، قائلة: زوجي متقاعد ويعمل سائق أجرة، ونحن نعيش مع عائلته، أعمل 12 ساعة خارج المنزل، ولا أحمل سوى الشهادة الابتدائية، وقد كنت أعمل في مصنع لكنه كان يؤخر الأجرة كثيراً"، وحكت أنها تتعرض لبعض المضايقات من الشباب نظراً لصغر سنها، غير أنها تتعامل مع مثل هذه الأمور بحزم".
صراع المحلات التجارية
سامية عبدالله بسعادة التي تتوكأ على عكازها، تحدثت قائلة: أنا مضطرة للعمل؛ لأنني أعيل أربعة أبناء منهم طفل يعاني من مشاكل صحية ويحتاج إلى أدوية؛ لذلك أقوم بتقديم المعمول بالتمر بمختلف أصنافه بعد أن أقوم بتجهيزه يدوياً في البيت، وعن المضايقات التي تعترضها تقول سامية: تأتي سيارة من البلدية تقول لنا ألا نبيع في المكان؛ لأننا لا نملك تصاريح. بعض أصحاب المحلات التجارية التي نقف أمامها يمنعوننا من البيع، وذلك لأن مظهرنا يطرد الزبائن بحسب قولهم، ويقومون أحياناً بإبلاغ البلدية، التي ما تلبث وأن تداهمنا؛ لتصادر البضائع التي لا تكفي لسد الرمق.
زبائن الجلابيات
(فاتن) تبلغ الخمسين، وتبيع عدداً من الجلابيات والألبسة والأقمشة ذات الألوان الزاهية المتنوعة، هي وحيدة بعد رحيل زوجها، وليس لديها سوى فتاة متزوجة؛ تكسب قرابة الـ200 ريال يومياً وهي راضية بذلك، لكنها تمنت أن يتم تخصيص أكشاك مكيفة لتوفر لهن الراحة من عناء الشمس والحرارة، وأوضحت أن العديد من النظرات المزعجة تطالها لكنها لا تعيرها أي اهتمام.
في سوق البلد أمام إحدى الأسواق التجارية، وفي باحته الفسيحة وقفت إحدى الفتيات لتبيع إكسسوارات مقلدة، واستبقت سؤالنا بقولها: أنا أقوم مكان والدتي التي ذهبت؛ حتى تحضر بعض البضائع من المندوب، وتذكر نبيلة التي تبلغ 16 عاماً بأنها تحضر لتساعد والدتها المسنة من المشقة التي تتكبدها في عملها، مضيفة بأن والدها غادر الحياة ولديها أخ واحد هو من يقوم بسداد مصاريف المنزل، لكن والدتي تحب أن تغرس فينا قيمة العمل، وأشارت إلى أن والدتها تمنعها من الحضور إلى هنا؛ حتى تستذكر دروسها غير أنها توافق فقط في أوقات الإجازات الدراسية، وفي أثناء حديث الفتاة حضرت أم نبيلة؛ لتكشف عن أنها مؤمنة بهذا العمل، ولا ترى فيه عيباً وأنها في القريب العاجل ستفتتح محلاً صغيراً لبيع الإكسسوارات في أحد الأحياء الشعبية، وذكرت أن ابنها حاول مراراً أن يمنعها من العمل على الأرصفة لكنها أصرت عليه؛ لأنها تعدّ ذلك شرفاً وليس فيه أي مشكلة على الإطلاق.
دعم المحتاجات
قالت الناشطة وعضو جمعية حقوق الإنسان الدكتورة سهيلة زين العابدين: لقد تحدثت عن هذا الموضوع قبل سنة، وأتمنى من وزارة البلدية والشؤون القروية أن تدعم مثل هؤلاء السيدات كبار السن المحتاجات، وعلى البلدية أن توفر أكشاكاً بأسعار جيدة، وتكون مكيفة لتتمكن هؤلاء السيدات المسكينات من البيع فيها.
وأكدت على ضرورة توجيه عدد من المشاريع لخدمة هؤلاء السيدات من خلال القطاع الخاص تحديداً؛ لدعمهن وهذا الأمر يفترض أن تكون الغرفة التجارية مسؤولة عنه، بحيث يكون هناك تنسيق مع البلدية؛ لتقديم تراخيص لهن، بدلاً من إزعاجهن ومصادرة بضائعهن.
إلى ذلك، قالت الناشطة الاجتماعية في قضايا المرأة إيمان علي: إنه لابد أن يكون هناك تنظيم مع عدد من القطاعات الحكومية؛ حتى يتم القضاء على المشاكل، التي يتعرض لها هؤلاء النسوة بعد أن قضت الظروف أن يكن في هذا المكان غير الإنساني.
حكم
إني لأرى الرجل فيعجبني فأقول: أله حرفة؟ فإن قالوا لا سقط من عيني. (عمر بن الخطاب)
إنما يستدل على عقل المرء وخلقه بعمله. ( غوستاف لوبون)
نساء يبعن التعب على «بسطات» الحياة
- أخبار
- سيدتي - نجوى القرني
- 09 سبتمبر 2013