الكُتب، ليست مجرد عدد من الأوراق المطبوعة بين دفتين من الكرتون، هي عوالم كثيرة ساحرة، تسحبك إلى حيث لا تتوقع، حب ودراما وكوميديا وفروسية وأفكار وفلسفة وشخصيات قد تعيش مع قارئها في كل لحظة وكل مكان. ويبدو بأن الشابة التونسية «سنيّة بن باهي»، عاشت كل هذه العوالم وكل هذا السحر، وعرفته جيداً وربما أكثر من غيرها، ولذلك قررت هذه الشابة الشغوفة بالقراءة والكُتب، أن يكون حفل زفافها في «مكتبــة عـامـة».. أجل تماماً، في مكتبة عامة.
وبحسب ما ذكره موقع «عربي بوست»، أن الشابة التونسية «سنيّة بن باهي»، التي تدرس تخصص الطبّ، كانت قد أدهشت هي وخطيبها الجميع من عائلتها أصدقائها، عندما أعلنا عن قرارها بأنهما سيقيمان «حفل الزفاف» في مكتبة عامة، وذلك كنوع من التعبير عن شغفهما بالقراءة والكُتب، الذي كان في الأساس السبب الأول لاشتعال شرارة الحب بينهما، فكانت هذه الفكرة – بحسب العروسين – مثالية للغاية.
«بن باهي»، التي تمتلك عدة صفحات على وسائل التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى قناة على موقع «يوتيوب»، تنشر من خلالها فيديوهات تلخّص فيها الكتب التي تقرأها سنوياً. فهي تقضي معظمَ وقتها بين أرفف الكتب وفي المكتبات، ولا تفوت أياً من معارض الكتب منذ الصغر. وكانت «سنيّة» قد قرأت أكثر من 100 كتاب خلال العام الماضي 2018 فقط، وبسبب هذا الشغف، لقَّبها الكثيرون من أصدقائها ومتابعيها بـ«سيريال ريدار serial reader»، أي «القارئة المتسلسلة»؛ نظراً لقراءتها المتسلسلة للكتب دون توقف.
من فيديوهات «سنيّة بن باهي» على قناتها بيوتيوب:
حفل زفاف.. في المكتبة
ولأن كلاً من «سنيّة» وخطيبها «سامي»، ليسا شخصين عاديين، فقد قررا أن يكون حفل زفافهما في مكان غير عادي، مكان يعبر عن ذواتهما وشخصياتهما، هو مكان لقائهما الأول، وشرارة الحب التي جمعت بين الحبيبين، لذلك أعلنا أن الزفاف سيقام في «مكتبة عامة»، وليس هذا فقط، بل وبالتزامن مع افتتاح معرض «صالون كتاب الجيب» في العاصمة الفرنسية باريس.
وحول اختيارهما لكي تكون مكتبة عامة هي مكان زفافهما، تقول سنيّة: «ترددنا كثيراً في اختيارنا مكان حفل الزفاف، وكان اقتراح المكتبة مشتركاً ومفضلاً عن بقية الأماكن، فقررنا أن يكون في (مكتبة المرسى) حيث يقيم زوجي». لاقت فكرة حفل الزفاف تشجيعاً من قبل أصدقاء «سنية وسامي»، وتقبلتها العائلتان على غير المتوقع، نظراً لتمسك العائلات التونسية بالعادات والتقاليد المعمول بها منذ زمن.
هنا سيكون «شهر العسل»..
هذا الشغف الذي لا ينتهي بالكتب، عند كل من العروسين غير المألوفين «سنيّة وسامي»، لم ينته عند إقامة الزفاف في مكتبة عامة، بل واستمر جنونهما الجميل بهذا الشغف، إلى حدّ اختيار المكان الذي سيمضيان فيه «شهر العسل»، إذ اختارا بأن يكون في معرض «صالون كتاب الجيب» في باريس، إذ أنهما بهذا القرار، يكملان حلقة شغفهما بكل ما يخص الكتب والقراءة.
من هنا بدأت الحكاية..
حفل زفاف في المكتبة العامة، وشهر عسل في معرض للكتاب، كل هذا يتوج الحكاية غير العادية لقصة الحب التي عاشتها سنيّة منذ البداية، حيث بدأ الأمر كله خلال العام 2016، عندما تعرفت لأول مرة على زوجها «سامي المقدم»، وهو كاتب ومؤلف في الأساس، عندما كان يقيم حفل توقيع وإشهار لإحدى رواياته في مكتبة «المرسى»، وبعد تبادل أطراف الحديث، الذي كان بمجمله عن آخر إصدارات الكتب وأهمها، اكتشف كلاهما بأن هناك شغفاً مشتركاً واضحاً بينهما، لتتحول هذه «الدردشة»، إلى صداقة فيما بعد.
وظلت الكتب، هي العنوان الرئيسي في صداقة كل من «سنية وسامي»، التي بعد فترة من الوقت بدأت تتحول وتتشكل إلى شيء آخر، شيء عظيم يُسمى «الحب»، وعاش كلاهما قصة حب لم تكن في البال أو في الحسبان، وكبر قلباهما بهذه المشاعر الجديدة، التي بدأت بكتاب، واستمرت بكتاب، وسوف تعيش أيضاً بكتاب، ككل الحكايات الأسطورية.