يقول الكاتب الإنجليزي «أوسكار وايلد»: «السُخرية تُمثل الشكل الأدنى لخفة الدم، ولكنها تُعتبر الشكل الأعلى للذكاء»، وبلا شك أنّ السخرية أحد أشكال التعبير عن الرأي، التي كثُر استخدامها في الآونة الأخيرة، ليس من قِبل الكُتاب فحسب؛ بل من قبل الفئات العمرية المختلفة، وانتشر ما يُعرف بالكوميديا السوداء في وسائل التواصل، واستُخدمت تجاه بعض القضايا الاجتماعية، وإزاء بعض المشاهير، أو السلوكيات الدخيلة وغير المحبوبة، وساد هذا الاتجاه بين الشعب السعودي كبقية شعوب العالم، وأطلقوا عليه اسم «الطقطقة»، من هنا نطرح تساؤلاً، ما هي الأبعاد الاجتماعية والقانونية لهذا السلوك؟ الإجابة ننقلها لكم عبر السطور التالية:
لجذب التفاعل
الكاتب بسام فتيني يقول: «أنا ضد أن تكون «الطقطقة» في كل وقت ومكان ومع أي شخص، إلا أنّني مؤيد للكوميديا السوداء وأسلوب المزاح والنكتة أثناء نشر الإعلانات أو المسابقات عبر شبكات التواصل، أو عند الرغبة بالحصول على أكبر قدر من التفاعل، وبالنسبة لي، عندما أقوم بصياغة تغريدات رصينة وتُعبر عن آراء شخصية مستقلة، لا أجد لهذه التغريدات تفاعلاً كبيراً؛ مقارنةً بتلك التغريدات الفكاهية، وقد تقف العديد من الأسباب تجاه ذلك، وربما هو ملل الأشخاص من الكلام الجاد»! مشيراً إلى أنّ الأشخاص يلتفتون أيضاً إلى التغريدات التي تحمل الطابع الإنساني وتحوز على اهتمامهم؛ معتبراً أن الأمر بمجمله حرية شخصية للمستخدم.
علاج اجتماعي
ترى شذى أحمد، طالبة جامعية، أنّ أسلوب «الطقطقة» لا ينبغي تجاهله؛ فهو يؤدي إلى حل بعض القضايا الاجتماعية الشائكة في المجتمع.
شهرة أو تشهير!
ويخبرنا الأخصائي الاجتماعي «محمد الزنيدي»، أن للنقد أوجهاً كثيرة، منها: «الطقطقة»، وتعني السخرية التي لا تخلو من الطرافة، وهي أسلوب منتشر في شبكات التواصل بشكل مكتوب أو مرئي، وقال: «أرى أنّ الغايتين الرئيسيتين لانتشار هذا النوع، هما: رغبة المستخدم بالشهرة؛ لأنّ الأشخاص يُقبلون على هذا النوع من السخرية بشكل كبير، سواء أكانت تحمل آراء صائبة أم خاطئة، أو حتى التشهير، وذلك بغرض تصفية حسابات شخصية، أو تعصب رياضي أو كراهية لشخصيات عامة، وسبب انتشارها وجود الشبكات الاجتماعية التي أصبحت منبراً للجميع؛ حيث توفر سهولة إيصال الفكرة لأكبر قدر من الأشخاص وفي مدة زمنية قصيرة، وأؤكد على وجود خيط رفيع بين حرية النقد البنّاء وبين السخرية والاستهزاء».
الرأي القانوني
المحامي والمستشار القانوني «خالد أبوراشد»، يقول: «القانون أو النظام لم يُعرّف «الطقطقة» أو «الاستفزاز»، ولم يضع له عقوبات محددة، وذلك لأنّ المسألة تقديرية من شخص إلى آخر، وجرائم شبكات التواصل هي: «السب والشتيمة، القذف، الاتهام، التشهير»، كذلك استخدام الكلمات العنصرية الواضحة؛ فإن لم يتضمن المنشور أياً من العناصر السابقة؛ فهنا لا تُصنف كجريمة معلوماتية، بمعنى أنه لا بد أنّ تكون الشتيمة أو الاتهام والقذف أو التشهير واضحاً وموجّهاً لشخص معين، بواسطة ذكر اسمه أو وضع صورته، عدا ذلك لا يتم اعتباره جريمة، وننوه إلى أنّ القانون لا يدخل في المقاصد والنوايا.
دراسة!
وفقاً لدراسة أُجريت من قبل الباحثين في جامعة فيينا، على 156 شخصاً من الرجال والنساء بمتوسط أعمار 35 عاماً، وطُلب منهم أن يُعبّروا عن 12 من الرسومات السوداوية المضحكة لرسام الكاريكاتير الألماني «أولي شتاين»، خلصت نتائج هذه الدراسة إلى أنّ من يُقدّر ويفهم النكات، كانوا أكثر ذكاءً وأقل عدوانية وأقل على مستوى المزاج السلبي، وأكثر قدرة على التحصيل العلمي بشكل سريع، أما من يكرهون النكات فوُجد أنّهم من ذوي الذكاء المتوسط!