انطلاقاً من قصة حقيقية عن طفلة لقيطة تحوّلت بفعل ظلم المجتمع إلى ضحية لغلطة لم تقترفها، أبصر فيلم "حبة لولو" لمخرجته "ليال راجحة" النور، وجمع في افتتاحه في بيروت مساء أمس الثلاثاء، عدداً كبيراً من الصحافيين والفنانين، ما اضطر إدارة السينما، إلى فتح صالتين بدلاً من صالة واحدة، حيث عرض الفيلم بالتزامن في الصالتين، وهو ما أخّر الافتتاح ساعة ونصف.
الفيلم جمع ثلاث ممثلات تنافسن على أداء مذهل بشهادة الحاضرين، وعلى رأسهنّ الممثلة تقلا شمعون، التي أبدعت في دور الأم التي تُغتصب أثناء الحرب اللبنانية، وتحمل سفاحاً، وتنجب ابنة تواجه ظلم المجتمع، لعبت دورها الممثلة زينة مكي، في أوّل تجربة سينمائية لها، فبرهنت عن أداء تمثيلي رائع مفعم بالأنوثة والإقناع والرقي في المظهر وفي المضمون.
أما البطولة الثالثة، فكانت من نصيب الممثلة لورين قديح في تجربتها السينمائية الثانية، بعد فيلم "My last valentine in Beirut"، حيث أدّت دور بائعة الهوى، في تماهٍ مع دورها في فيلمها السابق، إنّما بقالب احترافيّ أكثر، حيث نجحت المخرجة في إظهار موهبة قديح التي صقلتها من تجربتها الأولى، إلى جانب كلّ من إيلي متري وطوني مهنا ونزيه يوسف الذين أبدعوا في أدوارهم.
قصّة الفيلم
يدور الفيلم حول فاتن (تقلا شمعون) التي تتعرّض للاغتصاب خلال الحرب، وتحمل من مغتصبها، فيجبرها أهلها على أن تنهي حياة الطفل، تحت طائلة التبرؤ منها، فتختار أن تشقّ طريقها لوحدها، وتنجب طفلة تدعى "ليال" (زينة مكي).
الأم التي ناضلت للاحتفاظ بطفلتها، حاولت أن تكسب قوتها من خلال دفع ابنتها إلى طريق الانحراف، بمساعدة جارتها حلا (لورين قديح).
هوية ضائعة
الفيلم اجتماعي كوميديّ، يخلو من الجرأة المتوقّعة لقصّة تدور حول الاغتصاب وحياة الليل، بل يُمكن القول إنّ السيناريو ضعيف، لأنّ فكرة معاناة اللقيطة تستحقّ أن تُعطى مساحة أكبر من حيث المعالجة، ونحن لم نلمس الظلم الذي تعرّضت له "فاتن" وابنتها "ليال"، فيما كان النفس الكوميديّ طاغياً، رغم أنّ الفيلم حاول أن يُلقي الضوء على معاناة اللقيطة التي تسعى دائماً إلى الكذب والتهرّب من كشف هويتها، لأنّها لا تملك أوراقاً ثبوتية، إلى أن تكشف حقيقتها أمام رجل أحبّها (إيلي متري)، فتخبره أنّها لقيطة، وأنّها لا تملك أوراقاً ثبوتية، فيتقبّل وضعها، ويطلب يدها للزواج، في نهاية سعيدة لقصّة واقعيّة، قليلاً ما يحظى بها اللقطاء في الواقع.
أما حلا فتحمل بدورها سفاحاً، وتقنعها "فاتن" بالاحتفاظ بالطفل، لتربّيه لاحقاً بعد وفاة والدته، أثناء عملية الولادة.
إذاً، لم يرسم الفيلم واقعاً مأساوياً للقطاء، وفق ما عكسته زينة مكّي في دورها، الذي انتهى بزواجها من حبيبٍ تقبّل وضعها، وما عكسته تقلا شمعون في تشجيعها لجارتها بائعة الهوى على الاحتفاظ بطفلها الذي سيلد بدوره، وهو يحمل صفة لقيط؛ وهي رسالة أرادت المخرجة ليال راجحة أن توصلها إلى مجتمع يعتبر اللقطاء حرفاً ناقصاً، وتجربة تستحقّ التنويه رغم بعض الإطالة التي كان بالإمكان تجاوزها في فيلمٍ أجمع الحاضرون في حفل افتتاحه على أنّه أعاد إلى السينما اللبنانية تألّقها، برغم الأوضاع الصعبة التي يمرّ فيها لبنان.