نوعان من الناس يعيشون بيننا، وكل واحد فينا بالتأكيد ينتمي إلى أحد هذين النوعين، الأول مراعٍ لمشاعر الآخرين ولظروفهم، وعلى هذا الأساس يبني تصرفاته وأفعاله، وهو المُحبب والمفضل بكل تأكيد. والنوع الآخر، الذي يقف تماماً على النقيض، أي أنه أنانيٌّ وغير مراعٍ على الإطلاق لظروف الآخرين، ولا يهمه إلا مصلحته وراحة باله الشخصية فقط، كمن يقول «أنا ومن بعدي الطوفان»، وهذا –على النقيض تماماً أيضاً من النوع الأول– غير مُحبب ولا مفضل، ولا نودُّ مصادفته في حياتنا.
خلال الأيام الماضية، تصادف رُكاب رحلة جوية كانت متوجهة من مدينة «سيؤول» في كوريا الجنوبية، إلى مدينة «سان فرانسيسكو» في ولاية «كاليفورنيا» الأمريكية، مع امرأة يبدو أنها من الفريق الأول الذي تحدثنا عنه في المقدمة، وعلى الرغم من أنه لم تُعرف هويتها، إلا أنها أثارت الكثير من الجدل عبر مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، والتي كان معظم روادها يشيدون بما قامت به هذه المرأة من بادرة لطيفة وفريدة من نوعها.
المرأة التي لم يُعرف عنها سوى أنها أمٌّ لطفل بعمر 4 أشهر، وأنها قد تكون كورية تسافر إلى الولايات المتحدة الأمريكية، كانت تعرف مسبقاً أن طفلها الرضيع، والذي يسافر للمرة الأولى على متن طائرة، قد يكون مصدر إزعاج للركاب بسبب بكائه الذي قد يأتي بنوبات مستمرة، كعادة أي طفل رضيع في عمره. ولذلك قامت بفعل بادرة استباقية لما «قـد يحــدث» من إزعاج بسببه، خاصة أن الرحلة طويلة للغاية، ودامت طوال 10 ساعات متواصلة.
حلوى وسدادات أذن.. ورسالة اعتذار
وبحسب ما تنقله لكم «سيدتي»، عن صحيفة الـ«ديلي ميل» البريطانية الشهيرة، فإن هذه الأم اللطيفة مجهولة الهوية، قامت بتوزيع 200 كيس صغير على الرُكاب المسافرين برفقتها على متن الرحلة الجوية الطويلة المذكورة، وكان كل كيس منها يحتوي على بعض الحلوى وسدادات للأذنين، بالإضافة إلى رسالة اعتذار عن الإزعاج، الذي قد يتسبب به طفلها الرضيع ذو أربعة الأشهر خلال الرحلة، كنوع من الاعتذار المُسبق للمسافرين.
انتشر أمر هذه الأم -المراعية لمشاعر الآخرين– بعد أن قام «ديف كورونا»، وهو أحد المسافرين الذين كانوا على متن الرحلة الجوية ذاتها، بالتقاط صورة للكيس الذي وزعته الأم على الركاب بواسطة هاتفه الخاص، والتي نشرها على صفحته الشخصية عبر موقع «فيسبوك». وأشار «كورونا» إلى أنه على الرغم من ذلك، لم يسمع أيٌّ من الركاب بكاء الطفل الصغير ولا حتى لمرة واحدة طوال الساعات العشرة مدة الرحلة.
وإلى جانب صورة الكيس المليء ببعض الحلوى وسدادات الأذن، نشر «كورونا» فحوى رسالة الاعتذار اللطيفة، والتي كتبتها الأم على لسان طفلها، وجاء فيها: «مرحباً، أنا (جوناو)، وأبلغ من العمر 4 أشهر، اليوم سوف أسافر إلى الولايات المتحدة مع أمي وجدتي لرؤية خالتي. وأنا قلق وخائف قليلاً؛ لأنها المرة الأولى التي أسافر بها جواً؛ الأمر الذي يعني أنني قد أبكي كثيراً أو أحدث الكثير من الضجيج. لذلك سأحاول أن أكون هادئاً، ولكن لا يمكنني أن أعدكم بشيء، أرجو المعذرة. لذا قامت أمي بتحضير كيس صغير من الحلوى لكم! وفيه بعض سدادات الأذنين التي أرجو أن تستخدموها عندما يعلو الضجيج بسببي. أتمنى لكم رحلة ممتعة. شكراً لكم».
رغم البادرة اللطيفة.. رواد التواصل يختلفون على ما حدث
هذه البادرة الفريدة من نوعها التي قامت بها والدة الطفل الرضيع «جوناو»، والتي أرادت من خلالها أن تعتذر بشكل لطيف لما قد يصدر عن ابنها من إزعاج خلال الرحلة، لاقت استحساناً وقبولاً كبيراً لدى الأشخاص المسافرين معها على متن الرحلة نفسها من «سيؤول» إلى «سان فرانسيسكو»؛ لكنها على الرغم من ذلك لاقت الكثير من الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي تباينت بين مشيد بلطف السيدة، وبين معترض على ما فعلته؛ حيث يرى هذا الفريق الأخير أنه لم يكن من الضروري القيام بذلك.
ومن بين التعليقات على هذه البادرة، كتبت إحدى السيدات قائلة: «صحيح، إنها لفتة لطيفة جداً من قبل هذه المرأة. ولكن أعتقد أن على الناس أن يكونوا أكثر تفهماً وتقديراً للآخرين أثناء الرحلات الجوية، وأن لا يجعلوا الأهل وأطفالهم يشعرون وكأنه غير مرحب بهم أثناء السفر. لقد كنا جميعاً أطفالاً في مرحلة ما». وقالت سيدة أخرى معلقة على الحادثة: «إنه أمر محزن فقط، لم يكن من الضروري أن تفعل ذلك، وعلينا نحن أن نفهمها ونقدر الأمر».
على الطرف الثاني، كان هناك العديد من الأشخاص الذين أشادوا بما فعلته السيدة، واعتبروا أنها وصلت إلى مرحلة كبيرة من التهذيب ومراعية لظروف الناس، حيث علق أحدهم قائلاً: «يا لها من فكرة عظيمة وذكية». وقال آخر: «إن مجرد قدرتها على تحضير 200 كيس مع وجود طفل رضيع يبدو أمراً مبهراً للغاية من الأساس، وبطبيعة الحال فإنه إذا كان هناك شيء سيِّئٌ سوف يحدث، فإنه سوف يحدث بغض النظر عن أي ظروف. على الرغم أن ما قامت به السيدة أمر جميل ونادر».