هي معركة لا تنتهي، وحلم يسعى إليه الجميع في العالم – تقريبًا – وتكاد لا تخلو هذه الفكرة من رأس أي شخص نعرفه أو لا نعرفه. إنها فكرة الجسم المثالي، النحيف، الخالي من أي دهون أو زوائد، والذي يجعل أي نوع من الملابس تبدو جميلة عند ارتدائها، مهما كان شكلها أو لونها أو علامتها التجارية. الجسم الذي يعطي ثقة كبيرة للأشخاص الذين يتمكنون من الوصول إليه.
كل ما سبق، قد يدفع الأشخاص إلى عيش حياة شاقة ومجهدة بالتمارين الرياضية، حياة يملؤها الحرمان من أطعمة لذيذة عديدة، ومن عادات يتمنى الجميع القيام بها بين فترة وأخرى، كالكسل، وعدم فعل أي شيء، وتناول الأطعمة التي تحتوي على سعرات حرارية عالية. ولكن كل ما سبق، لا ينطبق إطلاقًا على البريطانية «ريا كارول»، التي تمتلك جسدًا نحيلًا وجميلًا جدًا، على الرغم من أنها لا تبذل أي مجهود، أو تحرم نفسها من أي نوع من الطعام. إنها بدون أي شكّ تعيش بشكل حقيقي حلمًا يتمناه الجميع. وتاليًا، تنقل لكم «سيدتي» حكاية وسرّ «كارول»، عن صحيفة الـ«ديلي ميل» البريطانية.
أسلوب حياة غير صحي... وجسد جميل
في مقاطعة «أسكيس»، الواقعة في شرق إنجلترا، وتبعد 40 كيلومترًا فقط عن العاصمة لندن، تعيش «ريا كارول»، سيدة الأعمال التي تبلغ من العمر 30 عامًا، والتي سببت صدمة للجميع عندما عُرض يوم كامل من حياتها اليومية، خلال برنامج «الحياة السرية للأشخاص النحفاء»، الذي يتم عرضه على القناة الرابعة البريطانية. وهو برنامج غريب بفكرته؛ إذ إنه يحاول كشف سرّ هؤلاء الأشخاص، وكيف يستطيعون المحافظة على أوزانهم المثالية تلك.
وخلال مرافقة «كارول» في حياتها اليومية طوال 24 ساعة كاملة، صدمت هذه النحيفة البريطانية المشاهدين جميعهم؛ عندما اكتشفوا أنها لا تعيش أسلوبَ حياة صحيًا على الإطلاق، فهي لا تلعب الرياضة أبدًا، وتأكل كميات كبيرة من الأطعمة التي تحتوي على سعرات حرارية عالية، كما أنها دائمًا ما تُخفي -سرًا- كميات من البسكويت والشوكولاتة في كل مكان في المنزل. فهناك بعض منها في درج طاولة السرير الخاص بها، وكمية أخرى في درج الطاولة في غرفة المعيشة، وتبقى طوال النهار تأكل منها دون توقف. بالإضافة إلى أنها تأكل الـ«بيتزا» مرتين خلال اليوم، ومع ذلك فإن وزنها لا يزيد على الـ59 كيلوغرامًا أبدًا.
كاميرات البرنامج البريطاني الشهير رافقت «كارول» خلال اليوم إلى خارج المنزل، وكانت قد صدمت هذه الفتاة الثلاثينية المشاهدين مجددًا، عندما رأوها وهي تأكل وجبات دسمة خارج البيت في المطاعم. وعند مقابلة والديها، أشارا إلى أنهما مذهولان للغاية من ابنتهما؛ فهي تأكل كل هذا الطعام ولا يزيد وزنها أبدًا. حيث علّق والدها «جورج» مازحًا خلال البرنامج: «نحن نمازحها دائمًا؛ بأنها سوف تستيقظ ذات يوم، وتتفاجأ بأن وزنها أصبح 115 كيلوغرامًا مرة واحدة، ونقول لها دائمًا إن ما كانت تأكله كان مخزنًا في جسدها النحيل؛ قد ظهر الآن».
وعن ممارستها لأي من التمارين الرياضية، أكد والدا «كارول» أن ابنتهما لا تقوم بممارسة أي نوع من أنواع الرياضة، حتى إنها تطلب دومًا من والدها «جورج» أن يقوم بتوصيلها بالسيارة إلى مكان عملها، على الرغم من أنه لا يبعد إلا 10 دقائق فقط عن المنزل سيرًا على الأقدام، وكذلك الأمر في العديد من الأماكن التي تقصدها.
هذا ما تتناوله «كارول» خلال اليوم
وأشارت الـ«ديلي ميل» إلى أن كارول لا تتوقف عن الأكل طوال النهار والليل، وأنها تتناول الفطور وهي لاتزال في فراشها؛ وهو عبارة عن البسكويت وجبنة كريمية، أما في وجبة الغداء فهي تتناول الـ«بيتزا» أو ساندويش «كلوب دجاج»، وأحيانًا تتناول الاثنين معًا، وعلى العشاء تعود كارول لتطلب الـ«بيتزا» مرة أخرى من الخارج. وخلال الوجبات الثلاث الرئيسية، لا تنفك الثلاثينية البريطانية من تناول البسكويت بشكل مستمر كوجبات خفيفة.
سرّ حياة «كارول» وجسدها النحيل
بعد مشاهدة الحلقة الخاصة بـ«ريا كارول» من البرنامج البريطاني، ومتابعة أسلوب الفتاة الإنجليزية غير الصحي، على الرغم من جسدها النحيل والمثالي، أرجع العديد من خبراء التغذية أن السبب في هذا الأمر يعود إلى حالة وراثية في جينات «كارول». حيث أشاروا إلى أن أحد والديها أو جديها نحيل بكل تأكيد، وهذا الاضطراب الوراثي يجعلها نحيلة على الدوام، رغم تناولها الأطعمة غير الصحية، وعدم ممارستها الرياضة.
ونقلت الـ«ديلي ميل»، عن الباحثة المختصة «آماندا أورسل»، أن حالة «كارول» أصابتها بحيرة كبيرة؛ حيث قالت إن الفتاة البريطانية تأكل أكثر من السعرات الحرارية التي يُنصح بها يوميًا، والبالغة ما نحوه 2000 سعرة حرارية، حيث إن ما تتناوله يتعدى بكثير الـ2800 سعرة يوميًا. وعبّرت «أورسل» عن ذهولها مما شاهدته في الفيلم المسجل عن حياة «ريا كارول»، وقالت: «إنها سيدة مثيرة للاهتمام فعلًا، فهي تأكل مع الأصدقاء، وبالتالي هي تتشارك في طعامها، وتتناول سعرات حرارية أكثر مما تحتاجه».
أما البروفيسورة «سادار فاروقي»، من «ويلكوم تراست»، معهد علوم الأيض التابع لمستشفى «أدنبروكس» في كامبردج، فقد كشفت من جانبها أن هناك دراسة حديثة تم إجراؤها مؤخرًا، أشارت إلى أن بعض الأشخاص لديهم استعداد بيولوجي في أجسادهم للبقاء نحفاء. وأضافت فاروقي قائلة: «ما قررنا القيام به هو محاولة إيجاد أشخاص نحفاء حقًا، ولكنهم بصحة جيدة سريريًا».
وخلال هذه الدراسة، التي أجرتها البروفيسورة «فاروقي» وفريقها العلمي، والتي تناولت قرابة الـ3 آلاف حالة، تمكنت الدراسة من تحديد الجينات والعوامل الوراثية، التي تساعد هؤلاء الأشخاص على تنظيم الوزن لديهم، والسماح لهم بالبقاء نحاف الأجساد بهذا الشكل. وأوضحت فاروقي قائلة: «إن ما نراه في أمر النحافة هو وراثي بدرجة كبيرة، وهذا يسري في الكثير من العائلات، على الرغم من أن هذه هي المرة الأولى التي نستطيع فيها العثور على دليل علمي بهذا الشأن».