تتمايل عارضات الأزياء بخطواتهن المتناسقة وأجسادهن الرشيقة؛ للكشف عن آخر ما أبدعه خيال المصممين، أو اعتمدته دور الأزياء العالمية والعلامات التجارية الشهيرة لهذا الموسم أو ذاك، هذه هي الصورة التقليدية التي اعتدناها لعالم الأزياء، لكن هنا عالم الأزياء المليء بالصخب، والذي اعتاد أن يتفرد بصناعة الجمال، وابتكار خطوطه ومقاييسه على الدوام، قرر الخروج من طقوس عروضه المعتادة؛ ليرسم لنفسه خارطة جديدة على صفحات المجلات وفي أخبار الصحف يظهر فيها بهوية مختلفة، فتحمل أزياؤه رسائل اجتماعية وتدافع عن القضايا الإنسانية؛ بعروض فنية راقية ومختلفة عما اعتاده الجميع؛ لتوضح حجم المسؤولية التي يحملها المصمم أو العارض أو أصحاب العلامات التجارية تجاه الإنسانية والمجتمع..
السموم في ملابسنا
أحدث الرسائل، وأهمها العرض الذي استضافته العاصمة الصينية بكين نهاية العام الماضي، ونظمته جمعية السلام الأخضر تحت عنوان «TOXIC» أو «السموم»، ارتدت خلاله العارضات أقنعة واقية للوجه، ودعامات طبية للرقبة، ولطخت المناطق حول أعينهن بالسواد، والهدف من هذا العرض كان إطلاق تحذير قوي ضد بعض المواد الكيميائية المستخدمة في صناعة الملابس، والمصرح بها عالمياً، على الرغم من تأثيرها الضار في صحة الإنسان.
وقد أحدثت «السلام الأخضر» دوياً هائلاً خلال العرض، حيث أصدرت بياناً أشارت فيه إلى أن ثلثي العلامات التجارية الراقية عالمياً تستخدم نسباً متفاوتة من مادة «الإيثوكسيلات» الكيميائية، وهي المتسببة على المدى الطويل في الإصابة بخلل في الهرمونات. ورصدت الجمعية أكثر من 141 منتجاً، لأكثر من 20 علامة تجارية عالمية تتنوع بين السراويل، والسترات، والفساتين، توزع عبر مئات الدول، ويرتديها الملايين حول العالم، وهم غير مدركين لخطورة العناصر الكيميائية المصنعة منها ملابسهم.
عروض أزياء صديقة للبيئة
رسالة مهمة أخرى جاءت هذه المرة من أسبوع باريس لموضة ربيع صيف 2013، وكانت عن أهمية حماية البيئة من مخاطر الاحتباس الحراري، وجهتها المصممة الهولندية ستيفي كريستيانس، وهي أصغر المصممين المشاركين سناً، وعرضت مجموعتها على منصة تشبه «مرآب للسيارات»، وبدأت العرض بأسلوب مبتكر؛ حيث قدمت فيلماً تسجيلياً عن ذوبان الجليد بالقارة القطبية الجنوبية وتأثير ذلك في الأرض، وكانت تلك بداية مناسبة وتمهيداً لائقاً لمجموعتها التي أطلقت عليها: «المستقبل الغامض لكوكب الأرض»، وجاءت جميع القطع من مواد قابلة للتحلل. وللحد من استهلاك الأوراق قدمت أفكارها على القماش مباشرة، من دون رسم مبدئي، وعلى الرغم من أهمية الفكرة التي حرصت على تقديمها، فإن كثيرين اعتبروا مجموعتها «كئيبة»؛ لغلبة الألوان الغامقة خاصة البني، والباهتة مثل الرمادي عليها. ومع آخر أيام العام الماضي شهدت العاصمة اليابانية طوكيو عرض TOKYO GIRL COLLECTION شارك فيه 30 ألف شخص ما بين عارضين، وعلامات تجارية مختلفة، ومصممي أزياء. وقد بقي العرض ناجحاً على مدى ستة أعوام، ويعقد مرتين في العام، ويهدف إلى تشجيع صغار المصممين والهواة على ابتكار أفضل أشكال الملابس الصديقة للبيئة، والقابلة للتحلل.
مستحضرات تجميل خضراء
يمتاز هذا العرض عن غيره بأنه أشبه «بالسيرك»، وليس له ارتباط بأسابيع الموضة العالمية، ويعتبر منصة مفتوحة أمام كافة الإبداعات الخلاقة، بشرط أن تكون خضراء، وكانت مشاركة الأميركية جيل ستيوارت الأفضل هذا العام، وقدمت مستحضرات تجميل مصنعة من الخضراوات والفاكهة الطبيعية، ومن دون أية إضافات كيميائية.
أزياء تدعم السلام
ومع مطلع العام، شهدت «سيول» عاصمة كوريا الجنوبية عرض أزياء تحت عنوان «ضد الحرب»، قدم فيه المصممون أزياءهم على قرع الطبول، رافضين تهديدات جارتهم الشمالية بعد نجاحها في إطلاق صاروخ طويل المدى نهاية العام الماضي.
ارتدت العارضات ملابس جميعها من اللونين الأخضر والبني، شبيهة بالملابس العسكرية، ووضعن أقنعة واقية من الغازات السامة على الوجه، وحملن حقائب متوسطة كتلك التي يحملها الجنود لحمل العتاد، طرزت عليها عبارات مختلفة مثل «ادعموا السلام»، و«مستقبل أفضل لأبنائنا».
وللغرض نفسه، نظم مصممون صينيون عرضاً بعنوان «ضد الحرب.. ضد العنف» في نانجنينغ، وهدف إلى إعلان رفضهم للتوتر الحدودي بين بلادهم واليابان، وارتدى جميع العارضين والعارضات أغطية رأس تخفي الوجه تماماً؛ تعبيراً عن حالة الخوف التي تعتري كثيرين.
حقوق الحيوان
ومع مطلع هذا العام، شهدت العاصمة الأوكرانية «كييف» عرض أزياء لمنظمة «بيتا» للدفاع عن حقوق الحيوان، والهدف منه الاعتراض على استخدام الفراء في صناعة الملابس الشتوية، والمطالبة بحماية حيوانات أوشكت على الانقراض؛ بسبب الصيد الجائر؛ للحصول على فرائها، وأهمها الفقمة.
عروض أزياء غريبة تخرج عن المألوف وتثير الجدل
- ثقافة وفنون
- سيدتي - سعد الصالح
- 14 أكتوبر 2013