شهدت الدّائرة الجناحيّة عدد 15 بمحكمة الاستئناف في تونس العاصمة يوم الثلاثاء 26 مارس/آذار/ 2019 حادثة غير مألوفة، فأثناء استنطاق القاضي زهير اليحياوي للمتّهم، وهو رجل مسنّ، تبيّن له أنّه مصاب بمرض "الزهايمر"، فقد أشار القاضي إلى ابنة المتّهم وسأله عنها فأجاب إنّه لا يعرف من هي. إذّاك تأثّر القاضي لحال الرّجل وأجهش بالبكاء وهي حالة نادرة جداً إن لم نقل إنها تحدث للمرة الأولى من قاض أثناء جلسة استنطاقه لمتهم موقوف.
القصّة
خرج هذا الرّجل المسنّ من منزل أسرته هائماً وقادته رجلاه في مكان بضواحي تونس العاصمة إلى إسطبل للمواشي فغلبه النعاس ونام مع الخرفان.
ولما تنبه إليه أصحاب الإسطبل ظنوه لصّاً دخل ليسرق الخرفان فاشتكوه إلى الشّرطة التّي قبضت عليه وأحالته إلى المحكمة الابتدائية التي قضت بسجنه أربعة شهر بتهمة السرقة.
وفي أثناء كلّ ذلك كانت عائلته تبحث عنه في كلّ مكان وأصدرت بلاغات ضياع حتى في الجرائد للبحث عنه ونشرت صوره على مواقع التواصل الاجتماعي من دون جدوى في حين كان الرجل مسجوناً.
وبعد جهد وبحث اكتشفوا أنه في السجن فكلفوا محامياً للدفاع عنه وتم التقدم بمطلب استئناف الحكم الصادر عن المحكمة الابتدائية بسجنه 4 أشهر.
وفي جلسة المحاكمة في طور الاستئناف كشف المحامي أنيس بن ميم للقاضي أن الكهل الماثل أمامه مصاب بمرض" الزهايمر" ولم يكن سارقاً وقدم المحامي ملفاً طبياً يثبت ذلك.
وفي لحظة عدم تعرّف الشيخ المسنّ إلى ابنته التي كانت حاضرة في الجلسة تأثر القاضي وأجهش بالبكاء ورفع الجلسة ثم بعد ذلك وبعد التأكد من أن الرجل بريء أصدر حكمه بعدم سماع الدعوى وإطلاق سراحه.
ويبقى السؤال: كيف أن العائلة التي اشتكته والشرطة والقاضي الأول للمحكمة الابتدائية لم ينتبهوا لمرض الرجل؟