لم تعد قضايا الغش والعنف واستغلال الحيوانات تمر مرور الكرام في ألمانيا، حيث تشتهر جمعيات حقوق الحيوان هناك بالمثابرة والصوت القوي بحيث تحول أي قضية مخالفة لحقوق الحيوان، قضية رأي عام.
وسرى هذا الأمر مؤخراً في بلدية مدينة «آلين» الألمانية التي تعرضت لحملة انتقادات واسعة من جمعيات رعاية وحماية حقوق الحيوان، والعديد من النشطاء الحقوقيين، وأثارت البلدية الرأي العام ببيعها كلبة مريضة عبر الإنترنت لمواطنة ألمانية.
صدمت عندما اكتشفت أن كلبتها التي اشترتها من مزاد إنترنت: مريضة.
وفي التفاصيل رفعت مواطنة ألمانية حصلت على كلبة من فصيلة «البوجي» عبر مزاد رقمي عبر الإنترنت قضية على البائعين، مبررة دعوتها بأنها اشترت الحيوان على أنه سليم معافى ليتبين بأنه يعاني من عدة أمراض.
والقصة بدأت بإثارة كلبة من فصيلة البج أو البوجي مملوكة لعائلة ألمانية، جدلاً قانونيًا واسعًا، وصل صداه إلى الولايات المتحدة الأمريكية، مرورًا بروسيا والصين، وذلك بعد بيعها بمزاد أونلاين على موقع إيباي الشهير.
أصبحت الكلبة المريضة إيدا أشهر كلبة في العالم
وأصبحت الكلبة إيدا الآن من أشهر الكلاب في العالم، بعد مصادرتها من مالكيها الأصليين بسبب ديونهم المتراكمة لدى بلدية مدينة آلين الواقعة بولاية بادن-فورتمبيرغ، غرب ألمانيا، وآلت عائدات المزاد لصالح خزينة البلدية. واشترت ميكائيلا جوردان، وهي مفتشة شرطة، الكلبة مقابل 690 يورو (حوالي 775 دولاراً)، بعد أن تم عرضها للبيع بالمزاد كحيوان سليم معافى، ومع ذلك اكتشفت في وقت لاحق أن الكلبة تعاني من عدة مشاكل، من بينها مرض خطير في العين.
طالبت في دعواها بـ 1800 يورو قيمة عملية جراحية للكلبة وثمنها
وأعلنت جوردان (52 عامًا) أنها ستقوم برفع دعوى قضائية أمام المحاكم مطالبة باسترداد ثمن الكلبة بالإضافة إلى مصاريف العلاج البيطري، مؤكدة أنها ستطالب بعد ذلك بمبلغ 1800 يورو قيمة إجراء عملية جراحية خطيرة بالعين ومصاريف دواء، فضلاً عن علاج البق والديدان.
وقالت: «لقد شعرت بالرعب والفزع من سلوك البلدية»، موضحة أن لديها في المنزل أربعة من هذه الكلاب وانضمت إيدا، التي أطلقت عليها اسم فيلما، إلى الأسرة منذ شرائها في السادس من ديسمبر الماضي، وفقًا لصحيفة «العرب» اللندنية.
ضغط الرأي العام جعل البلدية تبدي استعدادها للتفاهم
ويبدو أن المدينة الألمانية مستعدة للتنازل أمام تزايد ضغط الرأي العام والتراجع، إذا وافق أصحابها السابقون ومالكتها الحالية على التوصّل لاتفاق.
مالكة الكلبة الجديدة مصرة على التعويض
وأشار «فولفجانج كالا»، محامي جوردان، «لم يكن هذا مطلب موكلته وليس مطلب المالكين السابقين»، موضحًا أن «ما تبحث عنه موكلته هو التعويض عن الأضرار التي لحقت بها». في الوقت نفسه وصف الإجراء الذي تبنّته البلدية تجاه الأشخاص والحيوان بأنه «لا سند قانونياً يدافع عنه»، معربًا عن ثقته في نجاح مسعاه وتحقيق الغرض من الدعوى القضائية.
وأكد ديرك شيليبس، أمين صندوق البلدية، أن مصادرة الكلب من العائلة كان إجراء قانونيًا سليمًا نتيجة للديون المتراكمة عليها للبلدية، لافتًا إلى أن السلطات عيّنت حارسة قضائية ومستشارًا قانونيًا لفحص الحالة. واعترف قاضي مدينة آلين، الكسندر برجر، أنه لم يكن من اللائق استخدام حساب خاص لبيع الكلبة على موقع إيباي. وتصر جوردان على عدم التراجع، مؤكدة «نحن بصدد كائن حي، وليس دمية»، وتضيف أنها على اتصال بالعائلة التي كانت المالكة السابقة للحيوان «إنهم يرغبون في بقاء فيلما معي، لأنهم يشعرون أنها ستكون بخير وعلى ما يرام في منزلي».
ميكائيلا تنقذ الكلبة من وضعها الصحي السيىء بعمليات عاجلة
وتمكّنت جوردان من إنقاذ العين اليمنى للكلبة الصغيرة بعد إجراء الجراحة العاجلة في عيد الميلاد الماضي، حيث كانت تعاني من تضرر شديد في كل طبقات شبكية القرنية. وتابعت جوردان أن جميع وسائل الإعلام وقنوات التلفزيون تحاول الاتصال بها، ويصطف الصحافيون والمصورون أمام باب بيتها، بسبب هذه المسألة.
وأضافت أن الأمر استلزم زرع دعامة لإغلاق ثقب في العين، كما أخضعت الكلبة لثلاثة تدخلات جراحية والعديد من الفحوصات اللاحقة، ومن المرتقب أن تخضع في المستقبل القريب لعملية جراحية أخرى.
ومع ذلك تشكو جوردان من الحملة الشرسة التي تعرضت لها عبر مواقع التواصل الاجتماعي التي تحملها مسؤولية ما جرى للكلبة، على الرغم من تلقيها الكثير من التأييد لمساعيها لاحقًا.
مصرة على الاحتفاظ بها
وتعرّضت البلدية في تلك الأثناء، لحملة انتقادات واسعة، بصفة خاصة من جمعيات رعاية وحماية حقوق الحيوان، وكذلك من جانب وزارة الداخلية في رنانيا بمقاطعة شمال ويستفاليا، والعديد من النشطاء والحقوقيين.
وأعربت جوردان عن استيائها مجددًا من الغش التجاري الذي تعرّضت له، حيث أن الجهة البائعة عرضت عليها الكلبة على أنها «حيوان سليم معافى»، حاصل على كافة التطعيمات والتحصينات الطبية اللازمة، وأنه يخضع بشكل دوري للرعاية الطبية البيطرية، فضلاً عن شهادة سلالة، ومع ذلك تؤكد أن كلّه «كذب وتضليل متعمد». ولفتت إلى أنها مصرة على الاحتفاظ بالكلبة.
وعلى ما يبدو أن الكلبة مرضت خلال وجودها مع مالكيها السابقين المفلسين، الذين عجزوا عن تأمين كلفة علاجها وعملياتها الجراحية، فتدهور وضعها الصحي، وقامت البلدية عندما حجزت عليها، بإبقائها على ما هي عليه دون علاج هي الأخرى، وعرضتها على أنها بصحة جيدة ومعافاة، مما يعرضها قانونيًا للمساءلة ودفع تعويضات مالية لمالكتها الجديدة.