في الوقت الذي كان العالم كله يحتفل بالتقاط الصورة التاريخية لأول "ثقب أسود" في الفضاء، لم يدركوا ربما أن وراء هذا الإنجاز الفلكي العظيم، شابة لم تُكمل عقدها الثالث بعد، بذلت مجهودات جبّارة في سبيل النجاح في هذا السبق التاريخي. إنها الشابة الأمريكية "كاتي باومان"، عالمة الحاسوب التي لولا عملها ما تحقق هذا الإنجاز، أو ربما لتأخر كثيراً.
وبحسب ما نشرته شبكة الـ"سي إن إن CNN" الأمريكية، فإن الشابة البالغة من العمر 29 عاماً، كان لها الدور الكبير والأهم ربما، لوصول البشرية إلى هذه اللحظة. إذ أن "باومان" كانت قد اكتشفت "خوارزمية" معقدة وعبقرية، ساعدت بشكل حاسم وأساسي في التقاط هذه الصورة التاريخية لـ"الثقب الأسود". ومكّنت العالم من خلال جهودها من أن يرى أول "ثقب أسود" حقيقي في التاريخ.
ووفقاً للشبكة الإخبارية الأمريكية، فإن العلماء الذين عملوا على هذا المشروع، كانوا قد قد واجهوا صعوبة بالغة وكبيرة للغاية، في التقاط هذه الصورة، وذلك بسبب المسافة البعيدة جداً التي وُجد الثقب الأسود بها، حيث يبعد عن كوكب الأرض ما يقارب الـ 55 مليون سنة ضوئية. بالإضافة إلى وجود حلقة مهمة كانت مفقودة في البيانات الضرورية لضمان نجاح التقاط الصورة. والتي شبهها العلماء بأنها مثل التقاط صورة من كوكب الأرض، لـ"حبة برتقال" موجودة على سطح القمر.
وظلت الصعوبة قائمة حتى اللحظة التي جاءت فيها "باومان"، وقامت باكتشاف هذه الخوارزمية المعقدة، التي ساعدت الخوارزميات الأخرى حتى يحصل العلماء على البيانات والمعلومات الكافية لالتقاط هذه الصورة لـ"الثقب الأسود". حيث عملت عالمة الحاسوب الأمريكية الشابة مع فريقها التقني، طوال عدة سنوات على التحقق من الصور التي التقطها الـ"تلسكوب". وفي تصريح لـ"باومان" بعد دورها في إنجاح هذا الإنجاز، قالت بأنها وفريقها قاموا باختبار عدة خوازميات حتى يروا ما إذا كان من الممكن أن يحصلوا على الصورة.
وأضافت الشابة الأمريكية، أنها وفريقها العلمي، كانوا قد عملوا على تطوير العديد من الخوارزميات، ولم يكتفوا بواحدة فقط، وذلك في محاولة منهم لضمان نجاح التجربة العلمية لأكبر نسبة ممكنة. والتي بالفعل، كانت قد نجحت بهذا الشكل في نهاية الأمر. ومن الجدير بالذكر، أن "باومان"، كانت قبل قرابة الـ3 أعوام، قد أشرفت على اكتشاف الخوارزمية قبل تخرجها رسمياً من دراستها في علوم الحاسوب والذكاء الصناعي في معهد "ماساشوستس" للتكنلوجيا في الولايات المتحدة.
ومن الجدير بالذكر، أن هذا الإنجاز التاريخي، كان قد أجري من خلال مشروع أطلق عليه اسم "إيفنت هورايزون تليسكوب"، وهو مشروع دولي مشترك بدأ خلال العام 2012، في محاولة لرصد بيئة الثقب الأسود باستخدام شبكة عالمية من أجهزة التليسكوب المتمركزة على الأرض. وذكرت العديد من وسائل الإعلام العالمية، نقلاً عن العلماء في هذا المشروع، أن محيط الثقب الأسود الذي تم تصويره، يبلغ قرابة الـ40 مليار كيلومتر، أي ما يعادل تقريباً 3 ملايين ضعف محيط كوكب الأرض.
كاتي باومان تعلق على الإنجاز الفلكي..
بعد يوم واحد فقط من الإنجاز التاريخي العظيم الذي ساهمت "كاتي باومان" في تحقيقه، نشرت العالمة الشابة صورة لها برفقة فريقها العلمي، وكتبت معلقة عبر صفحتها الشخصية على موقع "فيسبوك" قائلة:
"أنا متحمسة للغاية، ها نحن في النهاية نشارك ما كنا نعمل عليه في العام الماضي! الصورة المعروضة اليوم، هي مزيج من الصور التي أنتجتها طرق متعددة. لم تقم خوارزمية أو شخص بصناعة هذه الصورة. لقد تطلب الأمر موهبة مذهلة من فريق من العلماء من جميع أنحاء العالم ولسنوات من العمل الشاق لتطوير الأداة، ومعالجة البيانات، وأساليب التصوير، وتقنيات التحليل التي كانت ضرورية لتصوير هذه الظاهرة التي بدت مستحيلة. لقد كان شرفاً حقاً بالنسبة لي، وأنا محظوظ جداً لأنني أتيحت لي الفرصة للعمل معكم جميعاً".