إن أقدم رجل ملياردير على التبرع بجزء صغير من ثروته للخير ولترميم الآثار، ولتعليم اليتامى، ولإعانة المرضى واللاجئين فهذا أمر متوقع منه، لكن غير المتوقع أن يقدم على ذلك عامل نظافة لا يتقاضى سوى راتب زهيد، يعيل من إيراده عائلته. ويكون تبرع العامل الفقير أو الموظف أكثر تأثيراً من تبرع الثري في أحيان كثيرة، لأنه يتبرع بكل ما يملك تقريبًا.
ومؤخراً كرمت السلطات الصينية أحد عمال نظافة الشوارع، البالغ من العمر 58 عامًا، باعتباره «بطلاً»، بعد أن دأب على مدار سنوات عدة على التبرع بجزء كبير من راتبه المتواضع، على الرغم من وضعه المعيشي الصعب.
وذكر موقع «أوديتي سنترال» وموقع «سكاي نيوز» أن تشاو وهو عامل نظافة من شنيانغ في مقاطعة لياونينغ شمال شرقي الصين تبرع بأكثر من 180 ألف يوان (27 ألف دولار) لعشرات الأطفال الفقراء خلال الثلاثين عامًا الماضية.
راتبه فقط: 300 دولار شهريًا..
وكان تشاو يحصل على راتب شهري قدره 2000 يوان فقط، أي ما يعادل 300 دولار أمريكي، ويعيش أسلوب حياة مقتصدة للغاية، إذ كانت معظم وجباته تتكون من شعرية مغلية بالماء.
وعلى الرغم من أن الرجل لم يشتر ملابس جديدة منذ حوالى 30 عامًا، ويعيش هو وعائلته في منزل متواضع للغاية. فإنه كان على ما يبدو في غاية السعادة لأنه كان يساعد الأطفال الفقراء.
وعاش تشاو لسنوات طويلة في الفقر، وهذا ربما ما يبرر تكريسه العقود الثلاثة الأخيرة من حياته لمساعدة الأطفال الفقراء إلى جانب الاعتناء بأسرته.
وتوفي والد تشاو عندما كان صغيرًا للغاية، وعانت والدته من مشاكل عقلية، لذلك اعتمد على لطف وكرم الآخرين طوال معظم طفولته. ومكنته هذه الطفولة الصعبة من التعرف على كل شيء عن الفقر والعجز، الأمر الذي دفعه لاحقًا إلى مساعدة الأطفال الفقراء العاجزين عن العيش.
وكانت زوجته تسأله دائمًا عن سبب إعطائه المال للغرباء، في حين أن أسرته في أشد الحاجة إليه، فأخذها إلى قرية جبلية لرؤية الأطفال الذين كان يتبرع لهم، وبعد أن اطلعت على ظروف معيشتهم تمكنت من فهم الأسباب. وقال تشاو: «لقد اعتدت أن أكون مثل هؤلاء الأطفال، لم يكن لدي ما يكفي من الطعام، وشعرت بالعجز في كثير من الأوقات». وأضاف: «أريد أن أساعدهم على تغيير مصيرهم».
وقد نجح تشاو رغم ضآلة راتبه في فعل ما يريد من مساعدة عشرات الأطفال الفقراء طوال 30 عامًا، والخير سيكبر لو فعل الجميع مثله، الأثرياء والفقراء معاً، ربما عندئذ قد تحدث معجزة وتختفي حالات الجوع والمعاناة لدى ملايين البشر، وفعل تشاو جعل الجميع في الصين، بعد تداول جميل صنيعه، يقتنعون أن الصدقات الصغيرة تصنع خيراً كبيراً.. فلا يستخف أحد بها.