نقضت المحكمة الاتحادية العليا، حكمًا قضى لمصلحة امرأة تطالب بإثبات طلاقها الذي وقع من زوجها عبر الهاتف، وحصولها على نفقات لها ولولدها؛ إذ بيّنت المحكمة عدم الاختصاص الولائي لمحاكم الدولة بنظر الدعوى، عدا ما يتعلق بنفقة الزوجة، وإثبات نسب الولد ونفقته، وذلك بسبب عدم إقامة الزوج في الدولة.
وفي التفاصيل، أقامت امرأة دعوى قضائية، ضد زوجها وحماها، موضحةً أنها تزوجت في بلدها، وأنجبت ولدها، الذي يبلغ حاليًا سنتين ونصف السنة، ثم طلقها زوجها بعد مرور تسعة أشهر عبر الهاتف، وأخبر بذلك جميع أهله وأهلها، ولم يراجعها خلال المدة.
وبخصوص المدعى عليه الثاني، فهو جد لابنها، وهو المسؤول عنه شرعًا وقانونًا داخل الدولة في غيبة الزوج، وهو المسؤول عن الإنفاق عليه، فطلبت الحكم بإثبات طلاقها، وإثبات نسب ابنها له، وإلزام المدعى عليهما معًا بأدائهما مقدم ومؤخر صداقها، ونفقتها عن ستة أشهر، ونفقة عدتها ومتعتها، وأجرة مسكن حضانة، وإثبات حضانتها لابنها، ونفقة ابنها، وأجرة حضانتها، وتسليمها جميع الأوراق الثبوتية الخاصة به بعد استخراجها من الجهات الرسمية.
وقضت محكمة أول درجة بإلزام الزوج نفقة بمبلغ 1500 درهم شهريًا، ونفقة الولد 2000 درهم شهريًا، مع استمرارها إلى أن تسقط شرعًا.
قضت بعدم اختصاصها ولائيًا للبتّ في بقية الطلبات في مواجهة مطلقها، وبعدم قبول الدعوى في مواجهة والد مطلقها.
ثم قضت محكمة الاستئناف بإلغاء ما قضى به الحكم الأول، بشأن عدم الاختصاص الولائي، وباختصاص المحكمة، وإعادة الأوراق إليها للفصل فيها، مع إرجاء البتّ في المصروفات، وإلغاء ما قضى به الحكم من عدم قبول الدعوى بالنسبة إلى والد مطلقها، والقضاء مجددًا بإلزامه ومطلقها بأن يؤديا للمدعية مبلغ 1000 درهم شهريًا نفقة للصغير، وتعديل المقضى به من نفقة زوجية، وجعلها 1000 درهم شهريًا.
لم يرتضِ كل من مطلق المدعية ووالده هذا الحكم، فطعنا عليه أمام المحكمة الاتحادية العليا.
وأيّدت المحكمة الاتحادية العليا الطعن، موضحة أن «المقرر قانونًا بنص المادة الخامسة من قانون الأحوال الشخصية، أن تختص محاكم الدولة بنظر الدعاوى المتعلقة بمسائل الأحوال الشخصية التي ترفع على المواطنين والأجانب الذين لهم موطن أو محل إقامة أو محل عمل في الدولة»، ونصت المادة السادسة على أن «تختص محاكم الدولة بنظر الدعاوى المتعلقة بالأحوال الشخصية التي ترفع على الأجنبي الذي ليس له موطن أو محل إقامة أو محل عمل في الدولة، وذلك في أحوال سبعة وردت على سبيل الحصر في هذه المادة».
وأشارت المحكمة إلى أن «الثابت بالأوراق أن المدعى عليه ليس له موطن أو محل إقامة أو محل عمل في الدولة، بينما الزوجة المدعية وابنها لهما موطن بالدولة، وأن الدعوى المقامة ضد مطلقها تشتمل على الطلبات الآتية: إثبات طلاق، إثبات نسب الولد، مقدم ومؤخر المهر، والنفقات الزوجية والمتعة والعدة، أجرة مسكن الحضانة، إثبات حضانة الولد نفقة الولد، أجرة حضانة، تسلم الأوراق الثبوتية».
يذكر أن المحكمة الاتحادية العليا قد أيّدت طعن والد المدعى عليه الأول وإلزامه مع مطلق المدعية بأن يؤديا نفقة لها ولصغيرها، إذ بينت المحكمة أن نص المادة 78 من قانون الأحوال الشخصية أوجبت نفقة الولد على أبيه، وليس فيها إلزام للجد بنفقة ابن ابنه ما دام ابنه موجودًا ويباشر أعماله، ما تكون معه الدعوى في مواجهة المدعى عليه الثاني قد رفعت ضد غير ذي صفة في الدعوى، وتكون غير مقبولة شكلًا، ما يوجب نقض الحكم في هذا الشق.
وقبلت المحكمة طعن مطلق المدعية، بشأن عدم مناسبة ما قضى به الحكم من نفقة زوجية، ونفقة الصغير مع قدرته على الإنفاق، إذ يعمل عاملًا ويتقاضى راتبًا شهريًا ما يعادل 1170 درهمًا إماراتيًا، موضحة في الحيثيات أن حكم الاستئناف أقام قضاءه بتعديل الحكم الأول القاضي بنفقة زوجية، لتكون في مبلغ 1000 درهم شهريًا، ونفقة الولد في مبلغ 1000 درهم شهريًا، من دون مراعاة لحال المنفق الذي خلت الأوراق من الإفادة بدخله.