لا شك، أنه في سنواته القادمة، ولبقية حياته، لن ينسى المستكشف ومتسلق الجبال الماليزي «شين ووي كين»، اسم الجندي البريطاني السابق «نيرمال بورجا»، الذي لولاه لكان «ووي كين» قد لفظ أنفاسه الأخيرة على قمة جبل «آنابورنا»، أحد جبال سلسلة «الـهيمالايا»، شمالي وسط نيبال. والمعروف بأنه واحد من أخطر الجبال وأقساها في العالم، وذلك بعد أن قضى 40 ساعة كاملة دون طعام أو شراب، وبكميات قليلة من الأكسجين، لا تكفيه للتنفس والبقاء على قيد الحياة.
على ارتفاع 8 آلاف متر
بدأت هذه اللحظات العصيبة الفارقة بين الموت والحياة، عندما كان «كين»، طبيب التخدير والمتسلق الماليزي المحترف، في بعثة استكشافية تتألف من 14 شخصًا، وعند عملية الهبوط على قمة جبل «آنابورنا»، انفصل عن باقي أفراد البعثة، وتاه على ارتفاع يقارب الـ8 آلاف متر عن الأرض. وفشلت جميع المحاولات لإنقاذه، ومن بينها محاولات شركة التأمين التي كان من المفترض أن تنقذ حياته.
وفي الجانب الآخر من الحكاية، كان الجندي السابق في القوات الخاصة البريطانية، «نيرمال بورجا»، في مهمة تدعى «المشروع الممكن»، والتي تهدف إلى تسلق القمم الـ14 لسلسلة جبال «الـهيمالايا»، خلال 7 أشهر فقط، وحينها وصله وفريقه تحذير يفيد بأن هناك شخصًا مفقودًا، فقرر على الفور التدخل لإنقاذ حياة «كين».
عملية الإنقاذ.. وصعوبات مفاجئة تظهر للفريق
كان «بورجا» ينتظر مع فريقه أن يتم إنزال أسطوانات الأكسجين لهم، بواسطة طائرات الـ«هليكوبتر»، حتى يبدأوا عملية البحث عن السيد «كين»، ولكن المفاجأة المرعبة التي واجهت الجندي البريطاني السابق، أن شركة التأمين رفضت تقديم المساعدة الطارئة لهم. وكان عليه حينها أن يتصرف على الفور، وألا يُعرض حياة من برفقته للخطر على هذا الارتفاع الكبير، لذلك قرر أن يبدأ مهمته الخاصة بنفسه.
أثناء الرحلة، التي استغرقت قرابة الـ16 ساعة كاملة للوصول إلى قاعدة المخيم الذي تاه عنه السيد «كين»، كان «بورجا» يعتقد أن المستكشف الماليزي قد لاقى حتفه خلال هذه الفترة، فقد قضى ما يزيد على الـ40 ساعة كاملة على قمة الجبل المعروف بخطورته، لكنه رغم ذلك تابع مع فريقه حتى وصلوا في وقت متأخر من الليل، وفي أولى ساعات الصباح الباكر، كان يسمع أصوات الطائرات المروحية في منطقة قريبة، وهذه طائرات كانت قد دفعت لها زوجة السيد «كين» مالًا مقابل البحث عن زوجها، وللتأكد من أنه على قيد الحياة.
تمكن «بورجا» وفريقه مع المروحيات والفرق الأخرى، من الوصول أخيرًا إلى مكان المستكشف الماليزي التائه، حيث تم إنقاذه ونقله إلى مكان آمن. ولكن على الرغم من أنه الآن في المستشفى يتلقى العلاج والرعاية الصحية اللازمة، إلا أن «بورجا» كان غاضبًا للغاية، وكشف عن أمور خطيرة للغاية، حيث زعم أن شركة التأمين لم تفشل فقط في إنزال عبوات الأكسجين إلى الموقع، والتي كانت من الممكن أن تنقذ حياته وتقلل صعوبة ما يمر فيه، بل وأيضًا أنها رفضت المساعدة الطارئة.
بعد الحادثة، التي كادت أن تتحول إلى كارثة، والتي وقعت يوم الخميس 25 نيسان/أبريل الماضي، وانتهت يوم الجمعة التالي، تم نقل السيد «شين ووي كين» إلى العاصمة النيبالية «كاتماندو»، ليتلقى العلاج في أحد المستشفيات هناك، واعتبر العديد من الخبراء والمختصين في مجال التسلق والاستكشاف، أن ما حدث مع المستكشف الماليزي كان أشبه بالمعجزة؛ وذلك لتمكنه من الصمود والبقاء على قيد الحياة في ظروف الطقس المتجمدة القاسية على جبل «آنابورنا» طوال هذه المدة.