على مدى آلاف السنين، وقبل الثورة التكنولوجية الحديثة التي مرّ بها العالم، نشأت حضارات وإمبراطوريات، وعاشت شعوب قديمة، واندثرت، لم يتبقَ من ذكراها سوى آثار ومخطوطات وبعض التماثيل، التي نستقي منها اليوم بعض المعلومات عما سبقنا من عصور، ومن خلالها تفتخر الأمم بماضيها وبعراقة حضارتها، فتستعرضها الدول في معارضها ومؤتمراتها.
وفي هذا السياق، ومن خلال 14 قطعة أثرية، تشارك فيها إمارة الشارقة في معرض الحضارات الآسيوية، في المتحف الوطني الصيني، تستعرض الشارقة تاريخ وحضارة دولة الإمارات العربية المتحدة، بعد أن اختارت لجنة خبراء من الصين مجموعة من القطع الأثرية من هيئة الشارقة للآثار، لتكون من ضمن القطع الأثرية التي تمثل دولة الإمارات العربية المتحدة، وذلك للمشاركة في المعرض، حيث تعرض فيه مختلف القطع الأثرية، من دول عديدة في قارة آسيا، وذلك من 13 مايو إلى 20 أغسطس المقبل، في حين سيعقد مؤتمر الحوار بين الحضارات الآسيوية في منتصف مايو المقبل في العاصمة الصينية بكين.
وسيتم عرض القطع الأثرية المتنوعة في المتحف، والتي تظهر مكانة الشارقة عبر العصور التاريخية؛ بهدف تعزيز التواصل والتبادل بين الحضارات الآسيوية، والجدير بالذكر أن دولة الإمارات العربية المتحدة تشارك بعشرين قطعة، وسوف يشارك في هذا الحدث العالمي خبير الآثار في هيئة الشارقة للآثار، عيسى يوسف، مدير إدارة التنقيب والمواقع الأثرية، مع وفد الدولة الذي سوف يكون متواجدًا في المعرض بين العاشر والسابع عشر من مايو المقبل.
ويعد اختيار هذه القطع الأثرية خطوةً مهمة، تعكس مكانة الآثار في الشارقة، ومدى جديتها في الحفاظ على التراث الثقافي من اللقى والقطع الأثرية وترميمها والحفاظ عليها، وفقًا للمعايير العالمية الدقيقة.
والجدير بالذكر أن نتائج عمليات التنقيب الأثري في الإمارة، دلَّت على اتساع الرقعة الجغرافية التي انتشرت فوقها المواقع الأثرية فيها؛ إذ لطالما كانت محطة حضارية عظيمة عبر التاريخ، فاحتضنت أوائل البشر، بعد هجرتهم من شرق أفريقيا، سالكين الطريق الجنوبي عبر مضيق باب المندب، إلى سواحل منطقة جنوب شرق شبه الجزيرة العربية، وعلى سفوح جبل الفاية، حيث حطُوا الرحال، وتركوا لنا أدواتهم الحجرية قبل أكثر من ١٢٥ ألف عام، كما وُجدتْ بقايا حضارة العُبيدِ، المؤرخة إلى الألفِ الخامسةِ قبل الميلاد في منطقةِ الحمرية، والتي تمثلُ أولى محطات الاتصال الحضاريّ مع وادي الرافدين، في جنوب العراق، ثم المنطقة الوسطى، حيثُ بقايا فترات عصور ما قبل التاريخ، والعصور البرونزية والحديدية، وفترة ما قبل الإسلام.