أم تشتكي.. "ابني في عمر الخمس سنوات، يسرق ممتلكات غيره رغم أنه يملك أحسن منها وأنا ووالده نلبّي له معظم طلباته، يعلم أن السرقة ممنوعة كالكذب ومرفوضة اجتماعيًا وأنه قد يخسر أصدقاؤه لأنه يسرقهم، لكنه مستمر في السرقة، أعلن أنني فشلت في تربيته لأنه أحرجني مع أقاربنا يخرج من بيتهم بألعاب في جيبه، يرجع من المدرسة وقد سرق لعبة أوأقلام أصحابه، خرجنا من السوبر ماركت وفي جيبه غلاف الحلوى فارغ لأنه قد أكلها خفية رغم أنني اشتريت له حلويات، وفي آخر محاولة لي لتعديل سلوكه أخذته إلى أخصائية نفسية فخرج من عندها وهو يخفي في جيبه كرة وصلصال أخذها دون إذن.. إحراجاتي تتوالى مرارًا وتكرارًا ومازال سلوكه يتكرر".
ولمعرفة أسباب ذلك وآلية العلاج، التقت "سيدتي نت" بالأخصائية النفسية للأطفال في مركز أكت بجدة "رفيف أبو الحمائل" لتحدثنا حولها.
أكدت أبو الحمائل أن السرقة لا تعتبر سرقة لدى الأطفال دون الست سنوات، وقالت "لا بد أن نضع في عين الاعتبار أن السرقة لاتعتبر سرقة عند الأطفال دون سن الست سنوات، لأن الطفل في ذلك العمر لايعي تمامًا معنى الملكية الفردية ويميل إلى الأنانية والذاتية في امتلاك مايريده، فلاتكون سرقة بمعناها وأبعادها كما ينظر إليها الكبار.
• أهم الدوافع التي تؤدي إلى السرقة عند الأطفال:
1. الحرمان
- قد يحرم الآباء الأطفال من بعض الحاجات لأسباب منطقية لكن يظل الطفل يريدها ويلح عليها، كحرمان الطفل من كثرة الحلويات لأنها تضر بصحته فيلجأ الطفل إلى السرقة. لذا علينا في هذه الحالة إقناع الطفل بوسائل متعددة عن مدى ضرر هذه الحاجة وأسبابنا لهذا الحرمان وإيجاد بدائل له إن أمكن.
- قد يحرم الأهل أطفالهم من شيء كلعبة أو حلوى لأنه معاقب بسبب خطأ ارتكبه وهذا النوع من الحرمان قد يودي بالطفل إلى الانتقام فيسرق ماليس له ليثبت لأهله أنه قادر على تحصيله دون عطائهم. وغالبًا مايحدث مثل هذا الانتقام إذا زاد الأهل في عقاب الطفل واختاروا الحرمان سبيلاً دائماً للعقاب.
- أحيانًا يكون الحرمان حرمانًا عاطفيًا، فيحرم الأهل طفلهم من الوقت ذا الجودة الذي يتسم بالاهتمام والحب والمرح ومشاركة اهتمامات وهوايات الطفل فينتقم الطفل من هذا الحرمان بالسرقة ويحاول لفت انتباه أهله لتقصيرهم معه. فكثيرًا من الأبناء يلاحظون أن الوالدين ينتبهون أكثر للطفل المشاغب الذي يأتي بسلوكيات تحتاج إلى تقويم وتعديل وحوار.
2. الدلال الزائد
يفسد الدلال الزائد حدود وقيود الطفل، فيعتقد الطفل أن كل ما أمامه له حق فيه لأنه اعتاد على تنازلات الطرف الآخر واعتاد أن يتجاوز حدوده دون رادع.
3. إثبات الذات
مدح وتعزيز الطفل على أشياء مادية يمتلكها هي من أهم الأخطاء الشائعة تربويًا، والصحيح في ذلك هو أن علينا كتربويين مدحهم وتعزيزهم في صفات يتحلون بها كالصدق والصبر والتعاون وغير ذلك من صفات جميلة إيجابية حتى يثبت جيدًا عند الطفل أن تحقيق وإثبات الذات يقوم على صفاته الحسنة لا على ممتلكاته من ساعة وجوال وألعاب الكترونية.
4. الخوف وعدم الإحساس بالأمان
بعض الأطفال يلجأ للسرقة كنوع من البحث عن الأمان، فيعتقد أن امتلاك الأغراض مجلب للأمان.
• طرق علاج مشكلة السرقة عند الأطفال
1. معرفة الأسباب الحقيقية التي دفعت الطفل للسرقة ورؤية إذا ماكان هناك أي تغيير في بيئة المنزل أو البيئة المدرسية عند الطفل.
2. تعريف الطفل عن مفهوم العطاء وهو عكس الأخذ، وتعزيزه للطفل عن طريق إشراكه في نشاطات تدعم العطاء بأشكاله المختلفة كالصدقة وإطعام الطعام وإخراج ألعاب وملابس من ممتلكاتنا وفي حالة جيدة ولكننا لا نستخدمها.
3. التحدث مع الطفل عن دور اليد في حياتنا وأن الله أوجدها لعمل الخير، كمساعدة الآخرين والسلام والصدقة واللعب.
4. إشباع حاجات الطفل الأساسية كحاجته للاهتمام والأمان العاطفي وسماع كلمات الحب والمدح والثناء على أي سلوك إيجابي يقوم به حتى نحول اهتمامه من السلوك السلبي إلى السلوك الإيجابي.
5. البعد عن ضرب الطفل إذا سرق، وعدم نعته بالسارق والحرامي وفضحه بين إخوته وأصحابه بفعلته، وعدم ضبطه في لحظة السرقة ومحاولة التغافل عن السرقة ومناقشته في وقت لاحق عن السرقة لأن في ذلك قهر وهزم وكسر لشخصيته التي تُبنى وتكبر.
6. وأخيًرا وليس آخرًا، كلما تثقف الوالدان عن خصائص مراحل نمو أبناءهم وعرفوا كيف يشبعوا رغباتهم واحتياجاتهم، كلما قلّت ظهور المشكلات السلوكية عند الأطفال والتي علينا كوالدين وتربوين التعامل معها برويّة وهدوء وخطوات مدروسة بعيدة عن العنف والعدوان، قريبة من التفهم وتعزيز السلوك المرغوب.