«روتين ممل»، جملة تتردد كثيرًا على ألسنة بعض الأشخاص، والتي يُعبرون من خلالها عن ضجرهم من مهام اليوم الاعتيادية، لذا يتمنى الغالبية تغيير مجريات يومهم، وينتظرون العُطل والإجازات بفارغ الصبر، ولكن ماذا لو كان لهذا الروتين أهمية كبيرة في تحقيق نجاح الأفراد؟
من هذا المنطلق التقى «سيدتي نت» الكاتب والمدون أحمد حسن مشرف؛ ليُخبرنا عن أهمية الروتين، وكيف يمكن أنّ يكون مصدرًا للسعادة، فقال: «أنا من أولئك الأشخاص الذي يعتقدون بأنّ الفرد لا يمكن أن ينجح في حياته نجاحًا استثنائيًا دون وجود روتين، وكلما خلت الحياة من التجديدات المتكررة؛ كان الزخم والإنتاج أكثر، لذا لابد أنّ يكون التغيير الذي يسعى إليه الفرد في إطار الروتين، وألا يكون تغييرًا جذريًا بشكل مستمر ومتكرر».
واستطرد: «ولأنّ السؤال الصحيح هو المؤدي إلى الإجابة الصحيحة، فالأسئلة التي يطرحها بعض الأفراد خاطئة، منها على سبيل المثال: «هل لابد أنّ يكون للفرد روتين؟ الحياة مملة ألا تحتاج إلى تجديد؟ في حين أنّ السؤال الصحيح: «كيف أقوم ببناء روتين يتلاءم مع مزاجي ورغباتي وظروف حياتي؟».
روتين ممتع = عادات جديدة
وبيّن أن مشكلة الروتين؛ أنّ الناس تقوم بأداء أمور لا تحبها، بدءًا من الاستيقاظ في وقت مبكر، مرورًا بممارسة مهنة ليست شغوفين بها، وانتهاءً بيوم ممل بين البيت والعمل، لذا فهم ينتظرون الإجازات، وللأسف ثقافة المجتمع ترغمك على تغيير الروتين في الإجازة وبشكل سلبي، فتظهر عادات السهر وتغيير أوقات النوم، وأكل الوجبات الدسمة بشكل مفاجئ، وغيرها، «من هنا أقول إنّه من الصعب وجود روتين يتلاءم مع الجميع؛ لأنّ كل شخص متفرد بمزاجه الخاص، ولن يصل الشخص إلى روتين يُرضيه إلا بعد أن يقوم ببناء روتين أولي ويخطئ ويُعدّل ويجرب آخر وهكذا، ولا بأس بالتغيير في يوم واحد بالأسبوع فقط، بدون كسر الروتين بشكل واضح، ولكي يبني الشخص روتينًا ملائمًا له، لابد أنّ يُكّون عادات حسنة وجديدة يقوم بإدخالها في نظامه اليومي، ولابد أنّ تتوافر الخصائص الأربع الآتية في هذه العادات:
- أنّ تكون شديدة الوضوح.
- أنّ تكون مُغرية؛ كي يحب أداءها بشكل يومي.
- سهلة وسلسة وغير معقدة.
- تمنح الفرد شعورًا مباشرًا بالرضا والإنجاز.
نصائح لروتين هادئ
ساعات العمل الطويلة لا تعني بالضرورة المزيد من الإنتاجية، فإذا كنتِ ممن يملكون عملهم أو مشروعهم الخاص، خططي لأدائه بشكل منظم وغير مرهق، وقبل فترة لا بأس بها من موعد تسليمه؛ كي لا تصبحي محدودة بفترة قصيرة، وتُصابي بضغط وتوتر عاليين، ويُفضل أنّ تكون ساعات الإنجاز خالية من أي مُلهيات خارجية، كالاتصالات، والزيارات المفاجئة من قِبل بعض الأشخاص.
- إذا كنتِ موظفة، فإمّا أن تعملي فيما تحبين، أو أنّ تُحبي ما تعملين، في الحالة الأولى: خصصي لذاتك 3 - 4 ساعات تهدف للقيام بمهام عميقة ذات مدى بعيد «للتفكير والمبادرة وابتكار أمور جديدة»، وتكمن أهمية هذه الخطوة في خلق القيمة للعمل، أما الساعات المتبقية؛ فهي لمتابعة الأمور القديمة والمكررة، مثل متابعة المشاريع والاتصالات والتقارير، وفي الحالة الثانية: خصصي 3 ساعات يوميًا لاكتساب مهارات جديدة، أو تكوين مشروع جديد لحياتك، فعلى مدار سنة كاملة ستُفتح لك أبواب مهنية أخرى في مجال تحبينه.
- الحياة أقصر من أنّ يقضيها الفرد في الكدّ والجهد المضني، لذا تعدد الاهتمامات في اليوم أمرُ ضروري يجعل لليوم متعة، مثل قضاء الوقت مع الأصدقاء والعائلة واللعب والقراءة، فنمط الحياة ذات الوتيرة المتسارعة والضغط العالي يُشكل عبئًا على النفس البشرية، عكس الروتين الهادئ الذي يقوم الفرد من خلاله بأداء مهامه بسلاسة وأريحية.
عظماء ولكن!
- «إسحاق أزيموف»، بلغت عدد مؤلفاته أكثر من 500 كتاب خلال 44 سنة، صُنف كواحد من أهم ثلاثة كُتّاب في الخيال العلمي، وتمّ تحويل العديد من رواياته إلى أفلام، على الرغم من ذلك كان شخصًا اجتماعيًا، كان يقضي وقته من السادسة صباحًا وحتى الثانية عشرة ظهرًا على الآلة الكاتبة، ومن بعدها يبدأ في الزيارات واللعب، وممارسة بقية أمور حياته، لذا فإنّ انضباطه لست ساعات فقط جعله غزير الإنتاج.
- المخرج الأمريكي الشهير «وودي آلن»، لا يقضي سوى 4 ساعات فقط في الإخراج والكتابة، من الثامنة صباحًا إلى الثانية عشرة ظهرًا، وبعد ذلك يقوم بإجراء اتصالاته من أجل التسويق، وانضباطه على ذلك مكّنه من إخراج 47 فيلمًا خلال 44 سنة.