"أعرف أني ذاهب لملاقاة ربي" قالها مساء اليوم الفنان الكبير وديع الصافي، وهو يتوجّه مع عائلته إلى مستشفى Belle Vue حيث لفظ أنفاسه الأخيرة، كان يدرك أن جسده النحيل لن يتحمّل أكثر، وأن هذه الوعكة ستكون الأخيرة.
في منزل ولده طوني شعر بوعكة نقل على أثرها إلى المستشفى، لم يصمد أكثر من ساعات قليلة، إذ أن رئتيه امتلأتا بالمياه، وجسده لم يعد يقاوم، فأسلم الروح عن عمره يناهز الـ92 عاماً.
لم تكن المرّة الأولى التي ينقل فيها الفنّان الكبير إلى المستشفى، فقد اعتاد على سرير المستشفى التي كان يدخل إليها كلما شعر بوعكة صحيّة، وسط شائعات كانت تطارده وتؤكد خبر وفاته التي كان عائلته تسارع إلى نفيها...هذه المرّة لم تنف العائلة، بل أكّد ابنه جورج الخبر، وقال إنّ والده كان قد أبلغهم قبيل وفاته بساعات قليلة إنّه ذاهب لملاقاة ربّه، ودعا محبيه إلى المشاركة في تشييعه يوم الاثنين المقبل، في الساعة الثالثة بعد الظهر في كاتدرائية مار جرجس في وسط بيروت، على أن تقبل التعازي يوم الاثنين قبل الدفن وبعده في صالون الكاتدرائية، ويومي الثلاثاء والأربعاء 15 و16 الجاري من الساعة الحادية عشرة قبل الظهر وحتى السابعة مساء.
الظهور الأخير
الظهور الأخير لوديع الصافي كان في نقابة الصحافة، وتحديداً في مثل هذا الشهر قبل سنتين، حيث عقد مؤتمراً صحفياً للتبرؤ من مقابلة أجرتها معه الفنانة أصالة في القاهرة لبرنامج "صولا"، يومها عرف الفنّان الذي يدين لعائلة الأسد بعلاجه يوم تخلّت الدولة اللبنانيّة عنه أنّ أصالة تعادي نظام الأسد، فسارع إلى عقد المؤتمر في نقابة الصحافة اللبنانية بحضور نقيبها محمد البعلبكي، الذي قال يومها إنه من حق الصافي أن يعلن شكواه من على هذا المنبر إذ انه تعرض لنوعٍ من المحاربة الاعلامية التي لا تليق بتاريخه، بغض النظر عن موقف المطربة أصالة التي يبدو أنها سمحت لنفسها بأن تزج وديع الصافي بمواقف هو منها براء بحسب النقيب.
يومها لم يتحدّث الفنّان الكبير، إذ كان قد حضّر بياناً تولّى ابنه جورج قراءته، وجاء فيه بأنّ الصافي لم يسمع بموقف أصالة الاّ بعد أن أجرت معه اللقاء، مؤكداً أن موقفه مغاير تماماً لموقفها، معرباً عن ألمه لما أسماه موقف الفنانة العدائي من سوريا قادةً وشعبًا وزجّه من قبل موقع صحفي الكتروني في هذا اللغط.
الاحتفال الأخير
بعد المؤتمر بأيام، حلّ وديع الصافي ضيفاً على برنامج "ديو المشاهير"، شارك المشاهير غناءهم وهو يجلس على كرسيه، وفي الحلقة احتفل مع فريق العمل بعيد ميلاده التسعين، وغنّى لنفسه وتمنّى له الجميع العمر المديد، انتقد كثيرون إطلالته في البرنامج واضطراره إلى الاستمرار في العمل وهو في التسعين من عمره، في حين رأى آخرون أنّ ظهور الصافي يعكس حبّه في الفن ورغبته في الاستمرار رغماً عن أنف الشيخوخة.
مسيرة حافلة بالعطاء
بعد أيام قليلة، كان من المفترض أن يحتفل الفنان الكبير بعيد ميلاده الـ92، فقد ولد في الأوّل من تشرين الثاني\نوفمبر عام 1921 في في قرية نيحا الشوف، في أسرة تتألف من ثماني أبناء، والده بشارة يوسف جبرائيل فرنسيس، رقيب في الدرك اللبناني.
عاش وديع الصافي طفولة متواضعة يغلب عليها طابع الفقر والحرمان، في عام 1930، انتقلت عائلته إلى بيروت ودخل وديع الصافي مدرسة دير المخلص الكاثوليكية، وبعدها بثلاث سنوات، إضطر للتوقّف عن الدراسة كي يساعد والده في إعالة العائلة.
كانت انطلاقته الفنية بعام 1938، حين فاز بالمرتبة الأولى لحنًا وغناء وعزفًا في مباراة للإذاعة اللبنانية، ومن حينها بات اسمه "وديع الصافي" نظراً لصفاء صوته.
بدأت مسيرته الفنية مع أغنية "طل الصباح وتكتك العصفور" سنة 1940وبعدها بسبع سافر مع فرقة فنية إلى البرازيل حيث أمضى 3 سنوات في الخارج.
بعد عودته من البرازيل، أطلق أغنية «عاللّوما»، فذاع صيته بسبب هذه الأغنية. سنة 1952، تزوج من ملفينا طانيوس فرنسيس، إحدى قريباته، فرزق بدنيا ومارلين وفادي وأنطوان وجورج وميلاد.
في أواخر الخمسينات بدأ العمل المشترك بين العديد من الموسيقيين من أجل نهضة للأغنية اللبنانية انطلاقًا من أصولها الفولكلورية، من خلال مهرجانات بعلبك التي جمعت وديع الصافي، وفيلمون وهبي، والأخوين رحباني وزكي ناصيف، ووليد غلمية، وعفيف رضوان، وتوفيق الباشا، وسامي الصيداوي، وغيرهم.
مع بداية الحرب اللبنانية، غادر وديع لبنان إلى مصر سنة 1976، ومن ثمّ إلى بريطانيا، ليستقرّ سنة 1978 في باريس. وكان سفره اعتراضاً على الحرب الدائرة في لبنان، مدافعًا بصوته عن لبنان الفن والثقافة والحضارة.
سنة 1990، خضع لعملية القلب المفتوح، ولكنه استمر بعدها في عطائه الفني بالتلحين والغناء. فعلى أبواب الثمانين من عمره، لبّى الصافي رغبة المنتج اللبناني ميشال الفترياديس لإحياء حفلات غنائية في لبنان وخارجه، مع المغني خوسيه فرنانديز فحصد نجاحاً منقطع النظير أعاد وهج الشهرة إلى مشواره الطويل.
يحمل الصافي ثلاث جنسيات المصرية والفرنسية والبرازيلية، إلى جانب جنسيته اللبنانية، الاّ أنه يفتخر بلبنانيته ويردد أن الأيام علمته بأن ما أعز من الولد الا البلد.
تابعوا أيضاً:
أخبار المشاهير على مواقع التواصل الإجتماعي عبر صفحة مشاهير أونلاين
ولمشاهدة أجمل صور المشاهير زوروا أنستغرام سيدتي
ويمكنكم متابعة آخر أخبار النجوم عبر تويتر "سيدتي فن"