هل سبق وأن شممت رائحة ما، فعادت بك إلى ذكريات عديدة من زمن بعيد..؟ ، على الأغلب بأن هذا حدث مع الجميع، لأن الروائح مرتبطة بشكل وثيق بالذكريات بحسب العديد من الدراسات العلمية. إلا أن دراسة أخيرة أجراها عدد من الباحثين في قسم علم النفس بجامعة «نيويورك» الأمريكية، كشفت بأن الذكريات والتجارب السابقة، تكون أقوى بكثير من غيرها عندما تكون مصحوبة بـ«الروائح الكريهة».
ووفقاً لما نقله موقع «روسيا اليوم»، عن صحيفة «ساينس ديلي»، أن ما خَلُصت إليه هذه الدراسة الجديدة، بأن تأثير الروائح الكريهة على ذاكرتنا، يزيد أكثر من فهمنا لما يُسمى «الاستجابات البافلوفية»، وكيفية تأثير التجارب السلبية على قدرتنا في تذكر الأحداث الماضية التي سبق ومررنا بها. ويُشار إلى أن «الاستجابات البافلوفية»، هي عبارة عن مصطلح في علم النفس السلوكي، يصف شكلاً من أشكال «التعلم الترابطي».
وصرحت «كاثرين هارتلي»، إحدى المشاركات في هذه الدراسة، وهي أستاذة مساعدة في قسم علم النفس بجامعة نيويورك، بأن «الروائح الكريهة» لديها قدرة كبيرة على تحسين الذاكرة عند المراهقين والبالغين بنفس الوقت وفقاً لنتائج الدراسة الجديدة. وأضافت «هارتلي» بأن هذه النتائج تُشير إلى أساليب جديدة لدراسة الطريقة التي نتعلم بها ونتذكر من خلالها تجاربنا الإيجابية والسلبية أيضاً. وتابعت «هارتلي» قائلة في تصريحاتها: «إن التعميم وقوة الذكرى بالنسبة للأشياء المرتبطة بالتجارب السيئة، هي سمات أساسية لاضطرابات القلق، والتي غالباً ما تظهر خلال فترة المراهقة».
ومن جانبها، أشارت «ألكسندرا كوهين»، الباحثة والمؤلفة الرئيسية في هذه الدراسة، إلى أن التجارب والبحث خلال العمل على دراستها الجديدة، كانت قد شملت فئات عمرية مختلفة. مبينة بأنه من الممكن استخدام «الروائح الكريهة» مستقبلاً، لدراسة عمليات التعلم العاطفي والذاكرة عبر مراحل التطور. مؤكدة بأن التأثير الذي تخلفه التجارب السلبية على الذاكرة، يظهر منذ فترات طويلة وهذا أمر معروف لدى العلماء المختصين لهذا المجال.
وقام العلماء في جامعة نيويورك، بتصميم مهمة تعلم «الاستجابات البافلوفية»، لأفراد تتراوح أعمارهم ما بين الـ 13 و25 عاماً. وذلك في سبيل إيجاد فهم أفضل وأكثر دقة لكيفية تأثير التجارب المتربطة بأحداث سلبية وسيئة على ذاكرتنا في مراحل التطور. واستخدم الباحثون عدداً من الروائح الكريهة» المسموح استخدامها في أخلاقيات البحث العلمي في فئة الأطفال خلال الدراسة.
ومن جهة أخرى تضمنت مهمة «الاستجابات البافلوفية»، مجموعات من الصور التي تأتي في فئتين عقليتين مختلفتين، جاءت الأولى بعض الأشياء العادية مثل الكراسي، والأخرى مشاهد مختلفة مثل جبل مغطى بالثلوج. وتم توصيل جهاز قياس حاسة الشمّ الذي يصدر الروائح على أنوف المشاركين لحظة خضوعهم للتجارب. ويُشار إلى أن الروائح كانت خليطاً من عدة مركبات كيميائية، صنعها عطّار محليّ، من بينها روائح مثل «زنخة السمك الفاسد».
وخلال التجربة وإطلاق الروائح عند مشاهدة الصور، كان العلماء يقيسون عدة أمور في تلك اللحظة، من بينها تعرق كفوف اليدين كنوع من الدلالة على الاستجابة، وهي طريقة معروفة في أساليب البحث لتأكيد صنع موقف سلبي. ومن ثم انتظر العلماء يوماً كاملاً لاختبار ذاكرة المشاركين، حيث أظهرت النتائج بأن المراهقين والبالغين على حد سواء، أظهروا ذاكرة أفضل تحديداً بما يخص الصور المرتبطة بالرائحة الكريهة.