أكد متخصصون في مجال التحول الرقمي وتطوير الأعمال، أن قطار التحول الرقمي في العالم انطلق منذ وقت طويل، معتمداً بشكل أساسي على استخدام التكنولوجيا الحديثة من أجل وضع حلول مبتكرة وغير تقليدية غيّرت من مفهوم الأعمال وتركيبة المؤسسات واحتياجاتها البشرية، متفقين على أن التحول الرقمي عملية بدأت منذ سنوات ولن تنتهي بحكم التسارع التكنولوجي وتحولاته اللحظية.
جاء ذلك خلال ندوة نظمتها مجلة الرجل بعنوان "التحول الرقمي ومهن المستقبل" اعتبر خلالها المتحدثون أن التحدي كبيرٌ أمام الأفراد بالتوازي مع ما تواجهه المؤسسات من تحديات، مؤكدين أن على الفرد أن يدرك أن سوق العمل أصبح يعج بالمهن غير التقليدية وهي بحاجة إلى شخص يملك مهارات تواكب احتياجات هذا السوق المتبدل باستمرار، وهو قادر على أن يخلق ميزته التنافسية التي تتيح له إمكانية ولوج سوق العمل باقتدار.
وقال محمد فهد الحارثي رئيس تحرير مجلة الرجل: "التحول الرقمي لا شك سيُلقي بظلاله على خريطة الوظائف المستقبلية على اعتبار أن الآلة الذكية بدأت تقوم بدور الموظف في العديد من الأقسام داخل الشركات والمؤسسات، وبالتالي لا بد أن يكون ذلك مثيراً لاهتمام الجيل الجديد من خريجي العالم العربي ممن ينتظرهم هذا السوق".
وتابع: "التحول الرقمي مدعاة لليقظة والتنبه وليس للخوف والتقهقر، فهو يحمل في طياته آلاف الفرص الجيدة، فنحن أمام تجارب عالمية مهمة منحت أصحابها فرصة لجني المليارات أفراداً ومؤسسات بفضل حسن إدراكهم لما يشهده العالم من تحوّل وقدرتهم على استشعار احتياجات عملائهم في ظل هذا التحول".
ولفت إلى أن مجلة الرجل تحاول من خلال ندواتها إثارة نقاشات مثمرة حول قضايا مهمة كالتحوّل الرقمي وآخر تقليعات التكنولوجيا؛ لتخلق نوعاً من التواصل الفكري بين المختصين والمهتمين عبر منصاتها واسعة الانتشار.
من جهته، أكد أحمد شعبان، مستشار مكتب رئيس الوزراء بدولة الإمارات العربية المتحدة، خلال مشاركته في الندوة أن "الاعتماد على تقنيات مبتكرة كي تعطيك حلولاً بنكهة جديدة، لم نكن لنتوصل إليها بدون السير في نهج التحول الرقمي أو استخدام أدواته العصرية".
مضيفاً: "التحول الرقمي والتكنولوجي يتقاطع مع المهن كافة، فلا توجد أية مهنة على الإطلاق لا تتأثر بالتحول الرقمي والتطور التكنولوجي بداية من مهن الطب والهندسة، وصولا إلى الحرفيين وغيرهم من أصحاب المشروعات كالمصانع والشركات". لافتا إلى أن أصحاب العمل يبحثون عما يستطيع أن يواكب معهم التطور التكنولوجي حتى إن تم نقله وليس ابتكاره.
وقدّم شعبان نصيحة لـطلاب الجامعات، ومن يعملون بأعمال خاصة كقائد السيارة أو العامل بالمصنع، وهي أن يبحثوا دومًا عما يفيدهم من الآن للدخول في دائرة التحول الرقمي. مؤكدًا أن أصحاب المصانع والشركات وجميع أصحاب الأعمال ينصب بحثهم في هذه المرحلة وفي المستقبل على من سوف يقدم لهم فائدة أكبر، من خلال مواكبة التكنولوجيا.
فيما قال أحمد الصفطاوي مدير تطوير أعمال بشركة Cns بالشرق الأوسط وإفريقيا وكندا: إن التحول الرقمي أشبه بالأداة السحرية التي تمكّن مستخدميها من التوصل للخدمات والحلول بأحسن جودة ممكنة في أسرع وقت. موضحا أن التكنولوجيا الحديثة توفر الوقت على المطورين كي يستغلوها في التفكير و التطوير للأفضل.
وأضاف: "داخل الشركة الواحدة قبل التحول الرقمي والتكنولوجيا الحديثة، كانوا يعملون بنظام كل إدارة منفصلة عن الأخرى، ولديها أهداف محددة، مستخدمين التكنولوجيا على أنها غاية وليست وسيلة، لكن التحول الرقمي يصحح هذا المفهوم بجعل التكنولوجيا وسيلة وليست غاية، وذلك لربط كل الإدارات وتوحيد الأهداف لدى الموظفين في الشركة، وذلك من أجل تحقيق أهداف الشركة في التطور وتقديم خدمات أسهل وأسرع للمواطنين، وحتى للموظفين أنفسهم".
تحدث أيضا حسين مروان دجاني - مدير التحول الرقمي وتجربة العملاء بشركة .Nissan Motor Co، عن التحول الرقمي بأنه مجاراة للتطور الحادث في عالم التجارة والتسوق والحياة اليومية. مشيرا إلى أن ذلك يظهر جلياً في مثال استعمال هاتف نوكيا التقليدي قبل سنوات. قائلا: الآن الجميع يستخدم الهواتف الذكية (سمارت فون)، وخير مثال على التحول غير العادى في حياتنا هو أفلام هوليوود، فالمشاهد التي ترون بعض الأحيان أنها غير معقولة باتت مع الوقت أقرب إلى الواقع بعد التطور الهائل الذي نشهده يومياً.
وتابع دجاني خلال حديثه: إنه لا يوجد شيء خاص بالتحول الرقمي يمكن للشركات تجنبه، إذا ما شقت طريقَ التطوير، فما يميز شركة عن أخرى، هو التجربة والمغامرة وهناك شركات أخرى تتحول مع الوقت لناقل للتكنولوجيا فقط، وفي النهاية تعي معظم الشركات أن التحول الرقمي سوف يكفل لها نقلة نوعية إنتاجية، وبالنسبة لنا في شركة نيسان، قد اتخذنا قرارًا منذ 3 سنوات ونصف السنة، لإطلاق استراتيجية التحول الرقمي، وذلك من خلال وضع مجموعة من الأشخاص في كل فروعنا في الدول حول العالم مسؤولين عن التحول الرقمي، من أجل تسريع عملية النمو داخل الشركة.
يذكر أن مجلة الرجل تقيم بشكل دوري ضمن #ندوات_الرجل حلقات نقاشية بحضور نخب من الخبراء والمتخصصين لمناقشة قضايا متنوعة في الاقتصاد والتكنولوجيا وإدارة الأعمال وتطويرها، في محاولة للوقوف عند آخر تقليعات العلم في هذه المجالات.