إن التعديلات النظامية التي صدرت مؤخراً من مجلس الوزراء أعطت للمرأة السعودية حقوقها التي لم يكن منصوصاً عليها نظاماً في السابق بما يعزز من مكانتها في الأسرة والمجتمع ويعزز من دورها كمواطنة فعالة لها حقوق وعليها واجبات ويرفع التمييز عنها في عدد من الاجراءات والتعاملات بما يمكنها من العيش باستقلالية والتمتع بحقوق وامتيازات كانت مقصورة في السابق على الرجال في امتداد للتعديلات والاصلاحات الاجتماعية التي تشهدها المملكة العربية السعودية في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وفي وفاء معهود وتحقيق للوعود التي قطعها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي صرح في مناسبات عديدة أن المرأة ستحصل على حقوقها التي لم تحصل عليها في السابق وهو ما نراه يتحقق على أرض الواقع يوماً بعد يوم بقرارات تاريخية بداية من السماح للمرأة بقيادة السيارات وحتى صدور قرار مجلس الوزراء رقم (684) وتاريخ 27/11/1440هـ الذي اشتمل على تعديلات على عدد من الأنظمة منها نظام الأحوال المدنية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/7) وتاريخ 20/04/1407هـ.
سيدتي تستضيف المحامي إيهاب أبو ظريفة ليطلعنا على التحليل القانوني لهذا القرار:
تعديلات مهمة
فقال: لقد قرر مجلس الوزراء الموافقة على تعديل عدد من مواد نظام الأحوال المدنية وذلك بتعديل المادة الثلاثون بما يمنح المرأة المتزوجة استقلالها كمواطنة لها كيانها الخاص وبما يراعي المتغيرات الاجتماعية الحديثة وحاجات وخصوصيات الأسر المختلفة، فتم تعديل المادة بحذف الجزء الأول من النص والذي كان سابقاً ينص على أن "محل إقامة المرأه المتزوجة هو محل إقامة زوجها إذا كانت العشرة مستمرة بينهما"، والاكتفاء بالجزء الثاني من النص لتصبح المادة بعد التعديل "محل إقامة القاصر هو محل إقامة والده أو الوصي عليه" وفي ذلك مراعاة للمرأة المتزوجة التي لا تسكن بالضرورة مع زوجها بغض النظر عن سبب ذلك من اتفاق بين الزوجين أو عمل أحد الزوجين بمدينة أخرى أو غير ذلك من الأسباب الخاصة بهم وفق احتياجات كل أسرة وشؤونها الشخصية.
كما تم تعديل المادة الثالثة والثلاثون من ذات النظام والتي حددت بعد التعديل الأشخاص المكلفين بالتبليغ عن حالات الولادة ومنهم والد أو والدة الطفل أو الأقرب درجة للمولود من الأقارب ممن يبغ الثامنة عشر من العمر دون تحديد لجنس المبلغ، بعد أن كان النص القديم لا يعطي صلاحية للوالدة للتبليغ عن قدوم مولود لها ولا يعطي صلاحية للأقارب في التبليغ إن لم يكونو من الذكور، كما تم تعديل المادة السابعة والأربعون بما يساوي بين الزوج والزوجة في مسؤولية التبليغ عن الزواج أو الطلاق أو الرجعة أو التطليق أو المخالعة مع جوازية قيام والد أي من الزوجين أو أحد أقربائهما بالقيام بالتبليغ، وبذلك أصبح التبليغ عن الحالات الواردة في المادة مسؤولية مشتركة بشكل أساسي على عاتق الزوجين بعد أن كانت المسؤولية الرئيسية مقتصرة على الزوج في النص القديم وهو ما يعطي للمرأة ضمانات أكبر في تعاملاتها الزوجية.
وأضاف قائلاً: بأنه من التعديلات الهامة على نظام الأحوال المدنية والتي تمس المرأة بشكل مباشر ما تم في المادة الخمسون التي أعطت الزوجة الحق في طلب الحصول على سجل الأسرة من إدارة الأحوال المدنية حيث أن النص القديم للمادة لم يمنحها ذلك الحق، بالإضافة إلى التعديل على المادة الثالثة والخمسون الخاصة بالتبليغ عن حالات الوفاة حيث تم بالإضافة إلى عدد من التعديلات على المادة حذف الاقتصار السابق على "الذكور" من الأقارب في التبليغ عن حالات الوفاة بما يمكن الأقارب من السيدات من القيام بالتبليغ.
مراعاة لحقوق الأمهات
ولعل من أبرز ما جاء في قرار مجلس الوزراء في التعديل على نظام الأحوال المدنية تعديل المادة الحادية والتسعون التي عرفت رب الأسرة فيما يخص تطبيق أحكام النظام أنه الأب أو الأم بالنسبة إلى الأولاد القصر، وهو تعديل جوهري للمفهوم السابق حيث كانت المادة تنص سابقاً على مفاهيم واسعة لرب الأسرة من أن الزوج هو رب الأسرة بالنسبة للزوجة، والأب بالنسبة لأولاده المضافين معه وبناته الغير متزوجات والأم بالنسبة لأولادها القصر وبناتها غير المتزوجات بعد وفاة والدهم و القريب بالنسبة لمن يعيش معه من أقاربه الذين يعولهم أو يرعاهم ولو لم يكن ملزم بنفقتهم شرعاً بعد فقد رب أسرتهم إن لم يكن سبق قيدهم في السجل المدني، وبالتعديل الجديد يكون رب الأسرة للأولاد القصر هو الأب أو الأم على حد سواء وهو تغيير جذري يراعي استقلالية المرأة كمواطنة ويراعي حقوق الأمهات في رعاية شؤون أبنائهن أسوة بالآباء ويسهل تعاملات الأم فيما يخص شؤون أولادها القصر.
التعديلات الجديدة أعطت للمرأة صلاحيات تكفل حقوقها وحقوق أبنائها وتسهل التعاملات الشخصية الخاصة بها ، كما فرضت واجبات على المرأة وأعطتها دوراً أكثر فاعلية في الأسرة والمجتمع، وسينتج عن تلك التعديلات العديد من الآثار الحميدة الأخرى منها انخفاض كبير في تدفق قضايا ومعاملات الأحوال الشخصية الخاصة بالنساء وحصولها على الوثائق النظامية التي تعينها على إثبات حالتها الاجتماعية ورعاية شؤونها وشؤون أبنائها وخصوصاً المعلقات والمطلقات والأرامل، وتراعي الحاجات المختلفة للأسر باختلاف عاداتها وتقاليدها وظروفها المعيشية.