التف حول مبنى مشرحة زينهم في جنوب العاصمة القاهرة عشرات المواطنين قبل أن يتسلموا جثامين وأشلاء ذويهم في حادث انفجار في محيط معهد الأورام المصري، والحزن لم يفارق وجوههم.
وعلى رصيف مقابل لمبنى المشرحة جلست «أميمة» متشحة بالسواد تبكي بحرقة على زوجها الذي توفي في حادث معهد الأورام أثناء تلقيه جلسة الكيماوي، ومن حولها بعض أقاربها في محاولة لتهدئتها من نوبة البكاء الهستيري التي بدت واضحة على ملامح وجهها.
تروي أميمة ما حدث لهم في تلك الليلة، قائلة بحسرة شديدة «إنها جاءت وزوجها «الحسيني علي»، 41 سنة، للمعهد قبل 3 أيام من الحادثة للحصول على جلسة الكيماوي التي اعتاد عليها منذ 10 أشهر، وبعد وضعه على الأجهزة بدقائق قليلة فوجئت بسماع صوت عالٍ داخل المبنى وسقوط بعض حوائط المبنى فوقها، فانتفضت من مكانها مسرعة نحو زوجها لتجد كل الأجهزة تعطلت»، وفقاً لكلامها: «لما بدأ الجلسة سبته ورحت أجيب تلج ليه، فجأة كل الدنيا اتقلبت، وفيه دخان شديد في المكان، وفجأة النور قطع، بقيت ماشيه بالكشاف وسامعة صوت صراخ عيال وأسر ومش فاهمة فيه إيه، رحت لقيت جوزي بينهج جامد وجاتله تشنجات بسبب نقص الأكسجين»، خرجت «أميمة» من غرفة زوجها الذي كان يعمل مدرساً متجهة بسرعة شديدة نحو قسم التمريض أملاً في إنقاذه ليخبرها أحد الممرضين بأن عليها الخروج من المعهد بعدما اشتعلت النيران بأجزاء منه، مضيفة بصوت منخفض: «قال اجري يا بنتي بسرعة النار هتمسك فيكي، قولتله مش هسيب جوزي، ورجعتله بسرعة أعمله تنفس صناعي بس مالحقتش ومات على إيدي».
لم يكن «الحسيني» وحده داخل الغرفة، إنما كانت معه طفلة أخرى تبلغ من العمر 14 عاماً، على حسب كلام «أميمة»، حاولت إنقاذها بوضعها على كرسي متحرك: «لفيتها بملاية السرير وحطتها على الكرسي وبعدتها عن النار، مالهاش ذنب مش كفاية اللي بيشوفوه في تعبهم».
وانتهت مشرحة زينهم في جنوب العاصمة القاهرة من تشريح جثامين وأشلاء ضحايا حادث الانفجار الذي وقع في محيط معهد الأورام، إثر سيارة محملة بالمتفجرات، بشارع كورنيش النيل أمام المعهد، ما أسفر عن 22 قتيلاً و47 مصاباً.
وقال مصدر بالطب الشرعي، إنَّه جرى فحص الأشلاء ووضع رقم لكل قطعة منها وتسجيلها في دفتر الجثث المجهولة الخاص بمشرحة زينهم، لافتاً إلى أنَّه سيجري إرسال الإشلاء بعد ترقيمها إلى المعمل الطبي لإجراء تحليل البصمة الوراثية «دي إن إيه».
وأوضح المصدر، أنَّه بعد ظهور نتيجة التحاليل يتمّ الاحتفاظ بها لمطابقتها مع تحليل الـ«دي إن إيه» الخاص بالجثث المجهولة أو التي تمّ بتر جزء منها بسبب الانفجار، وعقب ذلك تأتي مرحلة سحب عينات من الأسر التي تشتبه في الجثث المجهولة، ومطابقة التحاليل تمهيداً لتسليمها لذويهم.
تواصل النيابة العامة التحقيق في حادث الانفجار الذي وقع بمحيط معهد الأورام بوسط القاهرة، وتبين أن وراء الحادث سيارة بها كمية من المتفجرات كانت في طريقها لتنفيذ عملية إرهابية تستهدف قوات الجيش والشرطة؛ لكنها انفجرت في محيط معهد الأورام.
وأشارت التحقيقات والتحريات الأولية، إلى أن المتفجرات والموجات الانفجارية الناتجة عنه أدت في إحداث حفرة كبيرة، وتطاير شظايا وأجزاء السيارات في محيط الانفجار، وتسببت في تضرر مبنى معهد الأورام، إضافة إلى تضرر عدد من السيارات في محيط الانفجار.
وتحدثت مصادر لـ«سيدتي» عن أن منفذ الحادث ما زال مجهولاً، وتوالي أجهزة الأمن جهودها لتحديد هويته وتتبع خط سير السيارة التي استخدمت في تنفيذ الحادث، كما أمرت النيابة بإجراء تحليل «DNA» لتحديد هويات جثامين الضحايا.
وأوضحت تحقيقات النيابة العامة أن الحادث نتج بعد وقوف حركة «حسم» التابعة لجماعة الإخوان الإرهابية وراء الإعداد والتجهيز لتلك السيارة؛ استعداداً لتنفيذ إحدى العمليات الإرهابية بمعرفة أحد عناصرها.
وأعلنت الدكتورة هالة زايد وزيرة الصحة، ارتفاع عدد الوفيات لـ22 حالة بينهم 4 مجهولون، وكيس أشلاء، وارتفاع عدد المصابين إلى 47 حالة، مشيرة إلى أن الوضع الصحي للمصابين مطمئن بشكل عام، باستثناء 3 حالات خطرة في الرعاية المركزة، مقدمة التعازي لأهالي المتوفين في حادث معهد الأورام، متمنية الشفاء العاجل لباقي المصابين.