الأعمار والأقدار بيد الله مهما ارتكب البشر من مؤامرات وتفجيرات إرهابية لا أخلاقية ولا إنسانية في معهد لعلاج الأورام السرطانية فحوصر المرضى بداخله بين خبث المرض، وخبث الإرهاب والبشر، لكن تظل رحمة الله واسعة، رغم كل هذا الظلام المقيت.
مشاهد مفجعة ودامية خلفها حادث تفجير «معهد الأورام في مصر، وقصص تبكي القلوب، ومفارقة غريبة ومدهشة، عروس وشقيقها ينجوان بأعجوبة بفضل إشارة ضوئية، ويقتل كل أفراد عائلتهما والمدعوين لحفل خطوبتها.
نعمة طارق شوقي، عروس صغيرة السن نجت وشقيقها من الحادث، وقتلت عائلتها بالكامل في التفجير.
التفاصيل بدأت قبل الحادث بساعات قليلة، ففي تلك الليلة كان موعد خطوبة نعمة التي تقيم مع أسرتها في منطقة البساتين جنوب العاصمة المصرية القاهرة، وتنحدر عائلتها من قرية ميت حبيب بسمنود بمحافظة الغربية شمال مصر.
أقامت الأسرة مراسم الخطوبة في إحدى القاعات الصغيرة بالمنطقة، ثم استقل أفرادها حافلتين وتوجها لمنطقة وسط القاهرة للاحتفال، وفي طريق عودتهم تغير كل شيء.
كانت العروس ترتدي فستاناً أبيض وتجلس بجوار شقيقها في سيارة خاصة، وتسير أمامهما حافلتان تقلان باقي المدعوين، وعددهم 17. وقرب معهد الأورام مرت الحافلتان قبل أن تستوقف إشارة المرور سيارة العروس وشقيقها، وخلال دقائق معدودة، كما يقول محمد عطا نجل خال والد العروس لـ«العربية. نت»، حدث الانفجار، وتحولت المنطقة لكتلة من اللهب، وشاهدت العروس وشقيقها جثثاً تتطاير وأشلاء تتناثر، منها ما تطاير قرب موقع الانفجار، ومنها ما قفز في النيل وابتلعته المياه بلا رجعة.
وتروي العروس ما حدث في تدوينة مؤثرة كتبتها على صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» وقالت:«كانت ليلة أول من أمس خطوبتي على من تمنيت أن أبقى بقية حياتي معه، وكنت أسعد مخلوقة لأنني بجواره هو وأصدقائي وعائلتي إلى أن انتهت الخطوبة، وبدأنا في التحرك إلى منزلي لكي نسهر أنا وأصدقائي وخطيبي، ونأكل من الطعام الذي ظلت أمي تعده طوال اليوم».
وتضيف: «ومع لحظة العودة توقفت ثلاث سيارات أمامنا لكي نذهب معاً، ولكن فرقتنا الإشارة، وفجأة انفجرت السيارات الثلاث أمام عيني وبها أمي وابي وجميع عائلتي».
وتتابع العروس نعمة «صدمة لم أكن أتخيلها، وأن تكون نهاية يوم خطوبتي أقف مكاني وأبكي ولا أتحرك... فقط أقول أين أمي وأبي؟ لتأخذني صديقتي في بيتها كي أغير فستان زفافي، وأبحث عن والدي وعائلتي الذين رأيتهم يحترقون أمام عيني».
وتكمل «ذهبت إلى مكان الحادث مرة أخرى ولكن لم أجدهم، فقد نقلتهم سيارات الإسعاف إلى أكثر من مستشفى، وطوال الساعات الماضية شاهدت جثثاً متفحمة، وكنت أتنقل من ثلاجة موتى إلى أخرى ومن مستشفى إلى آخر لكي أبحث عن عائلتي فقط».
وتقول العروس: «كنت أجد جثثاً متفحمة، وأبحث عن أي علامة بها لأخبر المستشفيات بأسمائهم، وظل هذا الوضع يومين حتى وجدت هاتفي يرن بالنغمة التي كانت بيني وبين أبي، وإذا بي أجد على الطرف الآخر أمناء شرطة يخبرونني بأنهم وجدوا جثمان أبي في الماء، متسائلة هل أنا وعائلتي نستحق هذه النهاية البشعة، وهل يستحق أهلي الموت حرقاً أو غرقاً في المياه؟».
ومن ضمن الضحايا الـ17 أيضاً في الحادث عائلة سيد فرج، ويعمل بهيئة النقل العام فرع منطقة فم الخليج، وتوفي هو وزوجته وابنه الأكبر وحفيدته وكانوا جميعهم في الحافلتين.
على الجانب الآخر وفي قرية ميت حبيب بمدينة سمنود بمحافظة الغربية تنتظر القرية التي اتشحت بالسواد جثامين أبنائها الـ17. ويقول ريان محمود من أبناء القرية لـ«العربية.نت» إن الضحايا من أبناء القرية لكنهم يقيمون جميعاً في شارع أحمد جلال بالبساتين جنوب القاهرة، ويعملون هناك منذ سنوات طويلة، مضيفاً أن جميع الضحايا سيتم دفن جثامينهم في القرية وتشييعهم في جنازة جماعية.
وفق روايات شهود عيان فقد كان من بين الضحايا أطفال لا يقل عددهم عن 5. هم هنا محمد فرج وردوينا كرم ورويدا كرم وفرج محمد فرج ويوسف محمد فرج، كما توجد جثث أخرى تناثرت في النيل ويجري البحث عنها حالياً.
وفي سياق متصل، نعت مؤسسة مستشفى سرطان الأطفال 57357 نبيل محمد ومحمود عبدالظاهر من إدارة الأمن بالمعهد، حيث لقيا حتفهما في الحادث.
ويقول زميلهما محمد حافظ إن السيارة التي تحمل المتفجرات قفزت على رصيف جراج المعهد، فلحق بها نبيل ومحمود ليستطلعا الأمر، وبعدها بلحظات اصطدمت بالحافلتين وانفجرت وتطاير معها جثتهما.
آخر الضحايا هو مظهر عزوز الفهد وهو من سكان منطقة البساتين، من أبناء محافظة سوهاج، وكان ضمن ركاب الحافلتين، ومن المدعوين لحفل الخطوبة.