تعددت الطرق التي سلكتها قوافل حجاج بيت الله الحرام منذ أن فرض الله الحج على المسلمين، ملبيين وجهتهم لبيت الله العتيق، تهفو قلوبهم لأداء الركن الخامس من أركان الإسلام.
وتعد طرق الحج القديمة جسوراً للتواصل بين الأمصار الإٍسلامية، ونقل الثقافات والمعارف، حيث شهد الناس على امتداد تلك الطرق منافع لهم في تجارتهم ونقلت ثقافات ومعارف، وأثرت في النسق الاجتماعية للتجمعات الواقعة على تلك الدروب، فكانت جسورًا للتواصل بين الأمصار الإٍسلامية.
وتعددت طرق الحج ومن أشهرها طرق الحاج العراقي والشامي والمصري واليماني والعماني.
وقد أولى الخلفاء والسلاطين المسلمون عنايتهم بطرق الحج، ودليل ذلك ظهور وظيفة أمير الحج الذي يقوم برعاية الحجاج، وإقامة المحطات على الطرق، وتحديد المسافات بينها.
ففي عهد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه (13 - 23 هـ / 634 - 644 م) بذلت عناية خاصة بالطريق ما بين المدينة المنورة ومكة المكرمة، فتم إنشاء الاستراحات والنزل في المدينة المنورة، ليتمكن الحجاج والمارة من النزول بها خلال سفرهم.
وحفظت المصادر التاريخية سبعة طرق رئيسة كانت تأتي من أنحاء الدولة الإسلامية إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة، وهي، طريق الكوفة / مكة المكرمة، ويعد هذا الطريق من أهم طرق الحج والتجارة خلال العصر الإسلامي، واشتهر باسم «درب زبيدة» نسبة إلى السيدة زبيدة زوجة الخليفة هارون الرشيد التي أسهمت في عمارته فخلد ذكرها على مر العصور.
واستخدم الطريق بعد فتح العراق وانتشار الإسلام في المشرق، وأخذ في الازدهار منذ عصر الخلافة الراشدة، وأصبح استخدامه منتظماً وميسوراً بدرجة كبيرة.
وذكرت المصادر التاريخية والجغرافية، أن مسار الطريق خطط بطريقة عملية وهندسية فريدة، حيث أقيمت على امتداده المحطات والاستراحات، ورصفت أرضيته بالحجارة في المناطق الرملية والموحلة، فضلاً عن تزويده بالمنافع والمرافق اللازمة من آبار وبرك وسدود.
كما أقيمت عليه علامات ومواقد توضح مساره ليهتدي بها المسافرون فمنذ بداية الدولة العباسية، أمر الخليفة أبو العباس السفاح بإقامة الأميال «أحجار المسافة» والأعلام على طول الطريق من الكوفة إلى مكة المكرمة، في عام 134هـ / 751 م.