مع اقتراب عيد الأضحى، تم تداول فيديو وهو من إنجاز أطر كتابة الدولة المكلفة بالتنمية المستدامة، وبتنسيق مع جمعيات المجتمع المدني بمدينة فاس.
ويحث الفيديو ساكنة المدينة خاصة والمغاربة عامة، على إتباع طرق سليمة في التعامل مع جلود الأضاحي، والحد من ضياع وتعفن 85 في المائة منها، ومن خلالها ضياع 100 ألف يوم عمل سنويا للصناع التقليديين وعائلاتهم، مما يشكل خسارة على المستوى المحلي والوطني.
يجدر التذكير أن مدينة فاس اشتهرت منذ القديم بالاعتناء المميز بالجلود سواء في إطار حرفة الدباغة، التي كانت تتوفر على أعداد كبيرة من «الدباغين» الذين يعملون على شراء جلود الماشية من أجل تدويرها وجعلها قابلة للتصنيع، معتمدين على مواد طبيعية ونباتية مثل الملح والجير وبراز الحمام، فضلاً عن قشور الرمان والزعفران ومواد أخرى، ويوجد في فاس حي باسم الدباغين حيث تتم صناعة الجلود.
كما أن المرأة الفاسية خاصة والمغربية عامة، تناقلت عبر الأجيال هذا الاهتمام، وأصبح أحد الطقوس المرافقة لعيد الأضحى، فكانت بعض الأسر تبعث بجلد الأضحية إلى المدابغ فيحظى بالعناية والتدوير.
ويؤكد محمد الإدريسي دباغ من فاس على أن ظاهرة وجود الجلود أمام المنازل في السنوات الأخيرة، لم تكن ضمن ثقافتنا ولا ديننا، فالجلود جزء من الأضحية والأضحية تم ذبحها تقربا إلى الله، ورميها بهذا الشكل يعتبر إخلالا بهذه السنة، لذلك يوجه نداء من خلال الفيديو بضرورة التقيد بسلوك سليم وبسيط له وقع كبير على الجميع.
ومضمون الفيديو تم استحسانه من بين الكثيرين، ويحمل رسائل بسيطة ومركزة تهم كيفية التعامل مع عملية فرز جلود الأضاحي.
وحول ذلك، تقول زهور بودلى عضوة جمعية مدرسي علوم الحياة والأرض بفاس: «اتجهنا نحو هذه الوسيلة التواصلية لأنها تمس بفئات واسعة و مختلفة من الناس لتوجيه نداء بالتقيد بسلوك جيد اتجاه مخلفات الذبيحة بشكل عام، وجلد الأضحية بشكل خاص، وذلك بالتعجيل، في أقل من ثلاث ساعات، بتمليحه وتجفيفه ووضعه في الظل في كيس مثقب على مسار من يتكفل بنقله وتثمينه».
طقوس عريقة
وتضيف زهور، توارثت الأمهات في الماضي عن الجدات العناية بجلد الأضحية بطريقة تقليدية تضاف إليها مواد طبيعية (الشب،الملح... ) ويتم تجفيفها في زمن قياسي لتخرج للوجود فروة جميلة تعرف بـ «الهيدورة» وهي نوع من أنواع السجاد التقليدي البسيط والتي إذا تمت معالجة جلدها وصوفها بشكل جيد تعطي شكلاً طبيعيًا أنيقًا ومتميزًا.
ويستمر الاعتناء بها بشكل خاص - وغالبا من طرف المرأة - إلى أن تتقادم فيتم تحويل صوفها لملء المخدات والأفرشة التقليدية (كالصرامي شكل من أشكال الأرائك المغربية التقليدية، أو اللحاف (نوع من الأغطية المحشوة بالصوف).
ويحافظ هذا التقليد على البيئة داخل المنزل أو خارجه، ويوفر أفرشة دافئة في الشتاء سواء للجلوس أو للنوم أو للصلاة حيث كان لا يخلو أي منزل منه وتقاس وجاهته بمدى توفر أهله على العديد منه.
وتجدر الإشارة إلى أن الحملة انطلقت منذ 24 يوليوز 2019، وستستمر إلى ليلة العيد من مدن الدار البيضاء فاس ومراكش، لتعم باقي المدن المغربية مخاطبة المواطنين المغاربة بشعار مميز لهذه السنة يقول «عيد مبارك ونظيف».
