يواصل موقع سيدتي نت حواره مع الاختصاصية النفسية البريطانية (آنجيلا بالمر) التي تعمل في عيادة نورث لندن North London للحديث أكثرعن مرض الاكتئاب وتداعياته وطرق علاجه:
معلومات عن مرض الاكتئاب
هل تشير الكآبة إلى بعض الضعف أو الخلل في الشخصية؟
– قد يتصور بعض الناس أن الاستسلام للاكتئاب هو نوع من الضعف والسلبية، وكأن للمريض الخيار في أن يكون كئيباً أو غير كئيب، والحقيقة أن الاكتئاب مرض يمكن أن يصيب كل الناس وحتى ذوي الشخصية القوية والإرادة الحديدية والثقة العالية بالنفس، ولا يُستثنى حتى الناجحين والمتفوقين والعباقرة، وعلى سبيل المثال فان (ونستون تشرشل) أعظم رئيس وزراء حكم بريطانيا على مر التاريخ كان يعاني من هذا المرض الذي لم يستطع الفكاك منه، وكان يسميه (كلبي الأسود).
• متى يحتاج المكتئب إلى المساعدة؟
– يحتاج المرء إلى الاستشارة الطبية حين يشعر بأن حالة الاكتئاب تزداد سوءاً بمرور الوقت، ولا تبدو هنالك أية بادرة للتحسن، وأن هذه الأعراض تؤثر على عمله واهتماماته وعلاقاته بالعائلة والأصدقاء وخاصة عندما يحس أن الحياة لم تعد تستحق العيش فيها، وأن وضع من يحبهم سيكون أفضل من دونه.
• ما هي سبل علاج الاكتئاب؟
– ربما لا يحتاج الأمر في الحالات الخفيفة والمتوسطة إلى أكثر من التحدث إلى قريب أو صديق مخلص، ولكن إذا لم يشعر المصاب بالتحسن عليه أن يبدأ بمساعدة نفسه بنفسه، وهنالك طرق عديدة للعلاج الذاتي واتباع هذه النصائح.
علاج المراحل المبكرة والخفيفة من الاكتئاب
لا تكتم مشاعرك: إذا سمعت أخباراً سيئة، أو شعرت بحزن أو غضب أو إهانة أو خذلان من موقف أو من شخص قريب إلى قلبك، لا تكتم هذه المشاعر في نفسك، بل افتح قلبك لمن هو موضع ثقتك وتحدث معه عن كل ما يحزنك، وقد تحتاج أيضاً إلى البكاء ولا ضير أبداً في ذلك.
ابحث عن الحضن الدافئ الذي يحتوي أحزانك ولا تتردد في البوح بكل ما يؤلمك، وهذه هي الطريقة الطبيعية التي عادة ما يلجأ إليها العقل بحثاً عن العلاج، فلا تفوّت على نفسك فرصة الاستفادة منها.
اشغل نفسك: أفضل طريقة لشغل نفسك هو في ممارسة الرياضة والمشي لمسافات بعيدة عن البيت، وهذا ما يساعدك على النوم بهدوء من دون الوقوع في حالة الأرق، التي تزيد عادة من نوبات الاكتئاب.
إذا كنت غير قادر على العمل أو الدراسة، فمن المهم أن تبقى نشيطاً رغم ذلك، ويمكن ممارسة الأعمال البيتية الروتينية والاعتناء بالحديقة، وسقي الزرع أو تغيير ديكور المنزل أو طلاء الجدران.. المهم أن تبقى مشغولاً ونشيطاً وقادراً على الحركة.
تغذى جيداً: ربما تشعر بعدم الرغبة في الأكل أو فقدان الشهية أو النفور من الطعام، ولكن عليك ألا تستسلم لهذه المشاعر، واحرص على تناول الطعام من خلال الوجبات الرئيسية، أو من وقت إلى آخر لأن الاكتئاب قد يفقدك بعضاً من الوزن، ومعه كثير من الأملاح والفيتامينات، ما يجعل وضعك أكثر سوءاً. حاول أن تُكثر من أكل الفواكه والخضراوات الطازجة؛ لأنها مفيدة لجسمك وتساعدك كثيراً في تخطي الأزمة.
خذ قدراً كافياً من النوم: إذا واجهت صعوبة في النوم فعليك ألا تقلق كثيراً وترتبك، استرخِ فقط واستمع إلى موسيقى هادئة أو تابع برامج التلفزيون أو شاهد فيلماً رومانسياً وأنت مستلقٍ على الأريكة؛ كي يأخذ جسمك بعض الراحة التي يحتاجها وستجد نفسك أقل قلقاً وأكثر رغبة في النوم وهذا ما يسهل عليك الأمر.
حاول أن تعرف السبب وراء حزنك: إذا كنت تعرف السبب الذي يقف وراء كآبتك فإنه من المفيد كتابة المشكلة على الورق والبحث عن كيفية علاجها من وجهة نظرك.. ثم ابدأ بالتنفيذ.
كيف يستعيد الشخص المكتئب الأمل في الحياة؟
– على المريض ألا يفقد الأمل في الحياة وأن يبقى متفائلاً قدر الإمكان، وعليه أن يتذكر أو يذكره المقربون بأنه ليس وحيداً في هذه المعاناة، وأن هنالك ملايين الناس المصابين بالاكتئاب حول العالم وكلهم يجاهدون مثله للتخلص منها، وعليه أيضاً أن يتقبل المشاكل التي تواجهه والخسارات التي قلبت كيانه وأن يتعامل معها كحقائق بحاجة إلى حلول.
– كما أن عليه أن ينظر للكآبة من منظار آخر أكثر إيجابية ويؤكد لنفسه بأنه سيخرج منها وهو أكثر قوة وأكثر قدرة على التحمل، وأن هذه التجربة الصعبة ربما ستساعده في النظر إلى العلاقات الإنسانية بطريقة أكثر نضجاً ووضوحاً، وربما سيأخذ بعدها قرارات مهمة ويخطط لإجراء تغييرات كبيرة في حياته كان لا يملك الجرأة على اتخاذها في الماضي.
التدخل الطبي في علاج الاكتئاب
– بعد فشل المكتئب في معالجة نفسه يأتي دور الطبيب الذي يشخص الحالة ويصف العلاج، ويمكن أن يقترح عليه متابعة بعض البرامج الموجودة على الإنترنت أو الدخول في جلسات جماعية مع اختصاصيين متدربين، خاصة مع الحالات الخفيفة والمتوسطة، ويمكن أيضاً استخدام طريقة التحدث والإنصات ( Counselling) حيث يجلس المريض مع اختصاصي نفسي، ويبدأ بالحديث عن مشاعره وعما يجيش في صدره، وما يقلقه من أمور الحياة وما يشغله في علاقته بالآخرين، وهذا ما يساعده على أن يكون واضحاً وصريحاً وقادراً على تفتيت المشكلة إلى أجزاء صغيرة وإيجاد الحلول ولكن بصوت عالٍ وأمام معالج مختص يتقن فن الإصغاء والتدخل في الوقت المناسب.
وهل ثمة حاجة لمرافقة المريض في هذه الجلسات؟
– إذا كانت المشكلة متعلقة بإنسان آخر كالزوج مثلاً فإن وجوده مع المريض يكون مناسباً لأنه سوف يعبر عن مشاعره أمامه وهي فرصة لأن يفهم الشريك دواخل شريكه وهمومه. وعموماً إن هذا العلاج آمن من الناحية النفسية والمزاجية، ولكن قد تصاحبه أحياناً بعض الأعراض الجانبية بسبب إثارة ذكريات أليمة مدفونة في العقل وقد يشعر المريض بالتدهور في وضعه النفسي، وينخرط في البكاء لبعض الوقت أو قد يغير من نظرته لبعض العلاقات التي تربطه بالأصدقاء والمقربين، وهذا أمر طبيعي لأن الأمور ستعود إلى نصابها بعد ذلك، والمهم أن يختار المريض اختصاصياً نفسياً يثق به وبمهنتيه.