تواصل «سيدتي» حوارها مع الاختصاصية النفسية البريطانية «أنجيلا بالمر» التي تعمل في عيادة نورث لندن North London من أجل إلقاء المزيد من الضوء على مرض الاكتئاب وتداعياته وطرق علاجه.. ورداً على سؤال، ما العمل إذا كان الاكتئاب شديداً ولم ينجح معه علاج التحدث والإنصات (Counselling)؟ تقول الدكتورة «أنجيلا بالمر»...
علاج الاكتئاب الشديد
إذا كان الاكتئاب شديداً واستمرت أعراضه لفترة طويلة، فقد يقترح الطبيب على المريض تناول حبوب مضادات الاكتئاب لفترة من الزمن، وهو دواء لا يحقق المعجزات، لكنه يساعد في التخفيف من القلق، يهدئ النفس ويساعد المريض على فهم مشاكله والإقبال على الحياة من جديد، يعزز رغبته في الاستمتاع بمباهجها، وأخذ كفايته من النوم، ولكن لهذه الحبوب أعراضاً جانبية منها جفاف الفم، الشعور بالنعاس أثناء النهار، عدم القدرة على التركيز، الشعور بالدوار وغيرها من الأعراض التي تختلف في شدتها من مريض إلى آخر. وإذا وجد الطبيب أن هذا النوع من الحبوب مناسب لمريضه فإنه ينصحه بالاستمرار في تعاطيه لمدة لا تقل عن ستة شهور أو ربما أكثر إذا كانت الحالة تستدعي ذلك وبحسب إرشاداته حصراً.
هل تسبب هذه الحبوب الإدمان؟
لا تسبب الأدوية المضادة للاكتئاب الإدمان كما يشاع، فهي ليست مثل مادة النيكوتين أو المخدرات التي تتطلب زيادة الجرعة بمرور الوقت للوصول إلى التأثير المطلوب، ولكن ثمة ضوابط وتعليمات في كيفية استعمال هذه المضادات وأيضاً في آلية التوقف عن تعاطيها والذي يجب أن يكون بشكل تدريجي ووفق إرشادات الطبيب، لأن التوقف الفجائي وغير المدروس قد يسبب انتكاسة للمريض وكوابيس ليلية، رعشة وجفاف في الفم وإسهال..
هل يمكن الاستعاضة عن الحبوب بالأعشاب؟
نعم. هناك علاجات بديلة عن الحبوب منها عشبة اسمها «سانت جونز ورت» St John's Wort، وهي تستعمل على نطاق واسع في بعض الدول، منها ألمانيا، يمكن شراؤها من الصيدليات دون الحاجة إلى وصفة طبية. وهي على شكل حبوب يأخذ منها المريض حبة كل يوم أو مغلي الشاي. هناك دراسات علمية تؤكد فاعليتها ونجاحها في تخفيف أعراض الاكتئاب البسيط والمتوسط، تعمل بآلية مضادات الاكتئاب نفسها. يرى بعض المرضى بأن آثارها الجانبية أقل وأخف حدة، ولكن يجب الحذر من إمكانية تفاعلها مع الأدوية الأخرى التي قد يتعاطاها المريض لمعالجة بعض الأمراض، لذا يجب مناقشة الأمر مع الطبيب قبل البدء باستعمالها.
ماذا يحدث إذا لم يتلق المريض العلاج اللازم؟
تؤكد الدراسات العلمية أن أربعة من كل خمسة من المصابين بالاكتئاب يمكن أن يتعافوا تماماً ويعودوا إلى حياتهم الطبيعية اعتماداً على قدراتهم الذاتية دون الحاجة إلى أية مساعدة، وقد تستغرق مرحلة الشفاء فترة تتراوح ما بين أربعة إلى ستة أشهر، وقد تكون أكثر بحسب شدة حالة الاكتئاب، وهذا يعني أن مكتئباً واحداً من هؤلاء الخمسة سيبقى بحاجة إلى علاج، ونحن كأطباء تضيف الدكتورة «أنجيلا بالمر»: «لا نعرف بالتحديد من هو الذي سيتعافى دون علاج ومن الذي يحتاج إلى مساعدة طبية، لأن هذا الأمر يتطلب وقتاً طويلاً من الانتظار للتأكد من الشفاء».
ما الضير من الانتظار؟
عادة ما تكون مرحلة انتظار الشفاء دون مساعدة من أحد صعبة وقاسية على المريض، وقد يلجأ في بعض الحالات إلى محاولة الانتحار للتخلص من مشاعره السلبية، هذا إضافة إلى ما تؤكده الدراسات العلمية من إمكانية عودة الاكتئاب مرة أخرى بعد الشفاء بنسبة تصل إلى حوالي 50% أكثر من الإنسان الذي لم تسبق له الإصابة بالاكتئاب. عموماً إذا استطاع المكتئب معالجة نفسه بنفسه، فهذا أمر إيجابي ونحن نشجعه كأطباء، لما يتبع ذلك من شعور بالفخر وتعزيز للثقة بالنفس لدى المريض، ولكن إذا ما استمر المرض لفترة طويلة دون علاج، فهذا يعني أنه سوف يحرم نفسه من التمتع بالحياة كل هذا الوقت. القرار الأخير بيد المريض وهو الذي يحدد ما يريده بالضبط، وهل يفضل أخذ العلاج أو يلجأ إلى الاعتماد على نفسه في تخطي الأزمة، خاصة في حال وجود مقربين من الأهل والأصدقاء يشجعونه على التغلب على مشاكله وتخطي أزمته النفسية.
«أنا مكتئب ادعمني»