بينما تتشدد الكثير من الدول في قوانينها ضد مطاردي ومتحرشي «النساء»، وتشرع قوانين أكثر وقاية لهن من التحرش خاصةً في البلدان التي تعاني نساؤها من هوس الرجال بمطاردة النساء خاصةً الآسيوية.
«اليابان» أخذت منحى أكثر تسامحاً، بإطلاق برنامج تأهيلي نفسي للمتحرشين والمطاردين، لكن هل هو فعال أكثر من العقوبة؟ ومن الأكثر قدرة على الشفاء من عادة وهوس مطاردة النساء، الشباب أم البالغون؟
ربما من يرتكب جريمة المطاردة والتحرش التي لم تتطور لاعتداء للمرة الأولى هو الأجدر بالتأهيل للشفاء من هذه العادة المقيتة المخلة بالشرف، وإن كررها بعد خوضه دورة تأهيلية، استحق العقاب بالسجن والغرامة، فما هي تفاصيل تأهيل اليابان لمطاردي النساء؟
في محاولة مبتكرة لحماية المرأة اليابانية من المضايقات والتهديدات التي يمكن أن تتعرض لها النساء في جميع أنحاء العالم، قامت كوباياكاوا أكيكو، رئيسة منظمة هيومانيتي اليابانية غير الهادفة للربح، بتقديم المشورة لأكثر من 500 من المتهمين بمطاردة النساء، لمساعدتهم في الإقلاع عن تلك العادة.
وحسب موقع «اليابان بالعربي» «nippon. com»، و«العين»، تعرضت كوباياكاوا لتجربة مؤلمة مع شخص كان يطاردها، حيث كانت كوباياكاوا بدأت نشاطها في استيراد القطع الفنية في عام 1994، وطلب رجل كانت على معرفة به الانضمام إلى فريق الإدارة، وعندما أخبرته برفضها، بدأ يتتبعها ويتصل بها عبر الهاتف عشرات المرات يومياً.
وتتذكر كوباياكاوا «أنه في أحد المرات اقتحم المكتب وقد انتابته حالة شديدة من الهياج». وتقول «لقد أصيب أحد موظفي بجروح نتيجة لذلك، لكن عندما ذهبت إلى الشرطة، قالت لي: (عودي عندما يفعل شيئاً خطيراً، مثل إضرام النار بالمكتب)، وكانت تلك هي النقطة التي قررت عندها أنني في حاجة إلى تولي الأمر بنفسي بعيداً عن الشرطة».
وجدت كوباياكاوا شركة أمنية خاصة وفّرت لها حراساً شخصيين لحمايتها من المطارد. ومن خلال إجراءات صارمة تمكنت من منع أي حوادث عنف أخرى. وعلى الرغم من ذلك واصل الرجل مطاردتها لعدة سنوات بعد ذلك. وحتى اليوم لا تزال تشعر بعدم الارتياح، وتقول «ما زلت معتادة على النظر خلفي من وقت لآخر».
وبعد أن حفزتها التجربة قررت كوباياكاوا إطلاق خدمة غير هادفة للربح لمساعدة الضحايا المطاردين الذين قد يفتقرون إلى الموارد، وتقول «في البداية، كان الأمر كله يتعلق بحماية الضحايا، ولكن عندما بدأت أتحدث مع المطاردين بناء على طلب ضحاياهم، رأيت أنهم يعانون أيضاً في كثير من الأحيان، وأدركت أن المطاردة كانت نوعاً من الإدمان الذي ينطوي على التعلق بشخص معين».
وحين تأتي ضحية إلى كوباياكاوا، تبدأ باستخدام معلومات من العميل لتقييم الحالة العاطفية لمرتكب الجريمة وتحديد الخطر الذي يمثله.
وفي المرحلة الأولية، يسعى المطاردون للحصول على الاهتمام والتفاهم من قبل الأشخاص الذين يستهدفونهم، وفي المرحلة الثانية يسيطر عليهم الشعور بالظلم والاستياء، ويتحول مرتكب الجريمة إلى الشكوى والاعتداءات اللفظية.
وتصف كوباياكاوا هذه المرحلة بأنها «خطرة»، وإذا استمر الوضع في التصاعد فإنه يصل إلى المرحلة «السامة»، حيث من المحتمل حدوث أعمال العنف.
وحققت رئيسة منظمة هيومانيتي نجاحاً كبيراً في تطبيق العلاج على طريقة (Gestalt) وهي تقنية تدربت عليها، حيث توضح أنها مدرسة للعلاج تركز على الحدود الصحية الواجب الحفاظ عليها بين الذات والآخرين».
وعلى الرغم من أن كوباياكاوا تؤكد أنها حققت نجاحاً كبيراً مع المطاردين الذين يوافقون على تلقي المشورة من قِبلها، إلا أن نحو 10% منهم لا يستطيعون ببساطة بدء صفحة جديدة، ولكن يظل هناك أمل لمدمني المطاردة المتشددين.
ويستخدم الدكتور هيراي شينجي، من مركز شيمفوسا للطب النفسي «تقنية التحكم المنعكسة المشروطة»
«CRCT» لعلاج مجموعة واسعة من السلوكيات القهرية، بما في ذلك تعاطي المخدرات، وإدمان الكحول، وإدمان المقامرة.
و«CRCT» بالأساس هي دورة تدريبية مدتها 13 أسبوعاً لتدريب العقل، تدار بالأساس على المريض، حيث يقوم من خلالها المدمنون بالتعلم خطوة بخطوة على التحكم في جموح وكبح السلوكيات غير المرغوبة. وعندما قابلت كوباياكاوا هيراي في عام 2013 أخبرها بشكل لا لبس فيه أنه يمكن أن «يشفي» المطاردين باستخدام ذات التقنية.
وكانت كوباياكاوا متشككة، لكنها كانت تتعامل مع قضية مستعصية وقررت أن الأمر يستحق المحاولة.
وكانت المريضة امرأة في العشرينات من عمرها، يائسة وبدأت في التعبير عن أفكار انتحارية، وبترشيح من كوباياكاوا انضمت المرأة لبرنامج العلاج الخاص بهيراي، وبحلول موعد خروجها كانت تخلصت تماماً من هواجسها.
وتقول كوباياكاوا إنها أحالت منذ ذلك الحين أكثر من 20 من المطاردين «الخطرين» أو «السامين» إلى البرنامج، وتم إعادة تأهيلهم جميعاً تقريباً.