تشير الدراسات إلى أن النساء أكثر عُرضة للوقوع تحت وطأة «الديون» من الرجال، فالمرأة، وإن كانت موظفة وتتقاضى راتباً كالرجل أو أعلى منه، إلا أنها غالباً ما تغرق في الديون لاهتمامها بالكماليات!
في السعودية.. يقترضن لشراء الكماليات
السفر لقضاء شهر العسل، أو مع العائلة، تفاخر الكثير من السعوديات بدفع مصاريفه؛ حتى أمام الزوج، فعندما تزوجت سوسن الثقفي، موظفة استقبال، أصرت أن تسافر هي وزوجها؛ ولأن ظروف الزوج المادية لم تكن ميسرة، قررت أن تحصل على قرض من البنك، تكمِل به أثاث منزلها، وفي الوقت ذاته تستقطع منه مبلغاً للسفر؛ لكنها صرفت المبلغ كله أثناء شهر العسل. في تنقلها عبر البلدان الأوروبية خلال 3 أسابيع، تابعت: «بعد عودتي إلى السعودية رحت أبحث عن فرصة أخرى للعمل المسائي؛ لأن البنك يستقطع مبلغاً كبيراً من راتبي، ولا يزال بيتي أيضاً غير مكتمل الأثاث».
رأي الرجال أن الاقتراض محظور على المرأة مادام هناك رجل يعيلها، إلا أنها شهامة قد تبقى نظرية وغير قابلة للتطبيق، فلم ينجح علاء عبدالله مهندس لتحقيق أحلام زوجته من الاقتراض من البنك بأقساط شهرية عالية، ما أثر على حياته بشكل لم يتمكن من خلاله من أخذ أي خطوة جديدة في حياته، كشراء سيارة أو شقة بدلاً من الإيجار، أو حتى الاستثمار في أي مشروع صغير يدعم عائلته، يعلّق: «لا أحاول إقحام زوجتي أو ابني أبداً في هذا الموضوع؛ كي لا يشعرا بأي ضيق».
في الإمارات.. ضحايا البنوك من فئة الشباب
التسهيلات البنكية التي كانت تقدمها البنوك قبل الأزمة المالية العالمية، أطاحت بأحلام شباب كثر، اعتقدوا أن القرض هو الحل السحري لمشكلاتهم، فبعضهم استلف للزواج والآخر لشراء سيارة فاخرة أو منزل، وكانت العاقبة عدم قدرتهم على السداد>
عندما عمل نائل سليم في شركة الفطاطرة للاستشارات العقارية كمندوب مبيعات، كانت العمولة التي يتقاضاها على الصفقات تفوق راتبه، يسد منها قرض سيارته الـ«برادوا»، مجموع ما كان يدفعه حوالي 12 ألف درهم حتى عصفت الأزمة المالية وتأثر قطاع العقارات بصورة مباشرة، فكانت النتيجة الحجز على السيارة ورفع قضية عليه في قسم الشؤون القانونية بالبنك؛ إذ عجز عن سداد الأقساط، يتابع نائل: «أنا ممنوع من السفر وأحاول تسديد ما عليَّ».
ماذا يتبقى؟
يقف نجيب الشامسي، المدير العام لإدارة الدراسات والبحوث في الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي، ضد القروض لأغراض وجاهية يتابع: «بعض البنوك تخصص ما يقارب الـ90% من دخل الفرد الشهري؛ لسداد قرضه الشخصي، فماذا يتبقى للفرد بعد ذلك؟ طبعاً سيقترض مرةً أخرى، ورغم أن المصرف المركزي سابقاً وضع حداً أعلى لقيمة القرض الذي سيقرضه البنك للفرد وهو 250 ألف درهم، ,بعض البنوك يعطون للأفراد أسماء تجارية لفترة زمنية معينة، فقط؛ ليقدم الفرد على قرض تحت هذا الاسم، فيأخذ القرض لغرض استهلاكي».
في الكويت.. قصص نساء قهرن الديون
أغلب ديونهن لوقوعهن ضحايا لوعود بالزواج، فعندما اتفقت نهلة، موظفة، مع شاب على الزواج وأعطاها المهر مبدئياً؛ لكسب ثقتها وعقد قرانهما، مع وعود بحفلة كبرى تضم أسرتها وصديقاتها، تراجع قبل الحفلة الموعودة، وأخبرها أنه وقع في مشكلة في البورصة، وبدافع محبتها له وكونه سيصبح زوجها أخذت قرضاً بنكياً بقيمة 50 ألف دينار، والنتيجة كانت بقاءها وحيدة بلا زواج ومديونة للبنك، بعد تملص وهروب فارس أحلامها منها، ولم تستطع اتخاذ أي إجراء قانوني ضده، فالقانون لا يحمي المغفلين؛ لأنها أعطته المبلغ برضاها!
اضطرت نهلة إلى العمل لخمس ساعات إضافية في وظيفتها الحكومية بالفترة المسائية، وحتى في أيام الإجازة الأسبوعية كانت تعمل بمراكز خدمة المواطن؛ حتى أصبحت على مشارف الانتهاء من أزمتها المالية.
في مصر.. طلاب يحرصون عليه للتفاخر أو شراء الكتب
أكثر من 60% من الطلبة يستدينون، وذلك حسب جهاز التعبئة العامة والإحصاء المصري، وغالبية الأسباب تكون واهية، فإما لشراء جهاز إلكتروني حديث أو للتباهي بعزومة مثلاً، لكنه على الطلاب في مرحلتهم الدراسية أشد وطأة، فهم بين شقي رحى خجلهم من الإفصاح عن الدين، وبين رغبتهم الانتهاء منه وتحقيق أحلامهم.
فحين استدان باسم سمير –الصف الثاني كلية الآداب- من أجل تطوير التعليم الوهمي، اضطر لتأجيل دفع المصروفات، وجاءه إنذار بالفصل، وعندما سأل وجدت المصروفات مبالغاً فيها، وقالت له إدارة الجامعة: إن هذا يندرج تحت بند مصاريف تعليم متطور وخدمات تفاعلية علمية ومدرج مكيف، بالإضافة للداتا شو، يتابع باسم: «فوجئت أنه أثناء الامتحان تم إجباري على إمضاء ورقة تفيد بحجب النتائج، ما لم أسدد المصروفات واضطررت للاستدانة، ثم للعمل بأحد المطاعم أنظف الصحون، وكل ذلك؛ لكي أسدد ديوني وأدفع مصاريف التعليم وتطويره الوهمي».
مسؤولية من؟
يرجع المحلل والخبير الاقتصادي الدكتور السعودي علي التواتي وقوع النساء تحت طائلة الديون والقروض، إلى التعقيدات التي تُدخِلُهن في هذه الدوامة، فهن يقترضن، لأغراض استثمارية من مؤسسات إقراض غير رسمية، وربما يستهلكن القرض على الحلي وأدوات التجميل والزينة.
يرى استشاري السلوك الاستهلاكي واقتصاديات الأسرة الكويتي صلاح الجيماز أن أغلب الأشخاص مدينون؛ لأنهم لا يقاومون الثقافة الاقتصادية الاستهلاكية، التي تعتمد على جعل الشخص يصرف كل ما يملك.
يذكر الدكتور عبدالمجيد الزيات، باحث ومحلل اقتصادي مصري، الطلاب بأن أكثر المحبوسين بسبب الديون. ويتابع: «لابد لمن يميلون للتفاخر والتباهي أن يتخلوا عن تلك العادة، ومن يضطر للاستدانة فعليه التخطيط الجيد للسداد والجدولة الشهري».