حادثة مُؤلمة جرت أخيراً استاء لها كلُّ من علم بها من التّونسيين، وخلّفت شعوراً بالغضب والمرارة.
وخلاصة الحادثة تتمثّل فيما يأتي:
إنّ منطقة الشّمال الغربي التّونسي، المتاخمة للحدود مع الجزائر، هي منطقة يشتدّ فيها البردُ في فصل الشّتاء، ويتساقطُ فيها الثّلج أحياناً.
والكثيرُ من تلاميذ المدارس في هذه المنطقة، خاصّة الفُقراء منهم، يشتكون من البرد أكثر من غيرهم؛ بسبب ملابسهم الرثّة، ومنهم من يقطع في الريف مسافات طويلة، نسبياً، مشياً على الأقدام للوُصول إلى مدارسهم.
وكثيراً ما يظهر التّلفزيون عند الفيضانات، وعند نزول الثّلج، مشاهد مُؤلمة لعائلات ريفيّة تشكو الخصاصة وتعاني الفقر.
مسابقات وجوائز
وأمام هذا الواقع المؤلم، سعت جمعيّات في تونس، وخارجها، إلى تقديم المُساعدة في فصل الشّتاء للعائلات المعوزة، وتتمثّل عموماً في ملابس وأغطية.
وفي هذا السّياق، بدأت جمعيّات تونسيّة مُنذ ثلاثة أشهر في «سويسرا» تُخطّط لشراء ملابس لترسلها إلى تلاميذ فقراء في مدارس من ولاية (محافظة) «الكاف» بالشمال الغربي التونسي.
وتمّ التّنسيق مع إدارة ثلاث مدارس؛ لتنظيم مسابقات بين التّلاميذ في عطلة الـشّتاء القريبة؛ ليقع تسليم الملابس كهدايا للفائزين؛ حتّى لا تظهر المُساعدات كهبة للفقراء منهم، وإنّما تكونُ كجوائز وهدايا.
مفاجأة مذهلة
وذكرت نزيهة العلوي، إحدى التّونسيّات المقيمات في سويسرا، والمنظّمة للعمليّة، أنّه تمّ شراء ملابس شتاء وأحذية للتلاميذ المعوزين، وتم شحن 700 كلغ من الملابس والأحذية، منها 250 معطفاً للتلاميذ الفقراء؛ عن طريق الباخرة من ميناء مدينة «جنوة» الإيطاليّة نحو ميناء «حلق الوادي» في تونس.
ولما تسلمت الجمعية الملابس المذكورة في ميناء «حلق الوادي» حصلت المفاجأة المذهلة؛ فقد تم استبدال الملابس الجديدة المرسلة من سويسرا، والموضوعة في أكياس محكمة الغلق بأخرى قديمة رثّة، وحتّى ممزّقة.
وإنّ هناك أيادي آثمة فتحت الأكياس، وسرقت ما فيها وأخذت الملابس الجديدة، وعوّضتها بأسمال وملابس رثّة مستعملة، علماً بأنّ المتبرّعة التّونسيّة كانت قد أرسلت صوراً وفيديوهات للملابس التي أرسلتها، وتبيّن أنه حصل استبدالها.
وتمّ فتح تحقيق أمني وقضائي؛ لمعرفة الحقيقة حول عمليّة الاختلاس، وتحديد المسؤوليّات وتحديد الأطراف المتورّطة بين الجمارك وشركة الشحن والترصيف، وديوان البحريّة التّجاريّة؛ للوصول إلى الجاني أو الجناة ومحاكمتهم.
ردود الفعل
وقد أثارت هذه القضيّة بعد تداولها في وسائل الإعلام ردود فعل كثيرة في مواقع التّواصل الاجتماعي، ووصفوا بـ«الحقير» من سوّلت له نفسه سرقة ملابس مُوجّهة إلى أطفال معوزين، وتعويض الجديد منها بأطمار بالية، وحرمان أطفال فُقراء من الشّعور بالسّعادة؛ بتلقيهم ملابس جديدة وجميلة.
ويسعى المتبرّعون الآن إلى محاولة إيجاد حلّ سريع بديل؛ لإدخال الفرحة على هؤلاء الأطفال الفُقراء، الذين سبق إعلامهم بتنظيم مُسابقات بينهم في عطلة الشّتاء، للحصول على هدايا وجوائز، وهي الملابس والأحذية التي كان مبرمجاً تسليمها لهم، والتّي وقع اختلاسها وتغييرها.