تعتبر أسابيع الموضة العالمية منصة لعرض الإبداعات وتحقيق الانتشار العالمي للدور المشاركة، لذا فاشتراك المصممين والدور التي تتبنى معايير الاستدامة أساسي لتحقيق ذلك، بخلاف ما يعتقده البعض أن أسابيع الموضة تروج للموضة السريعة وللصيحات التي تطلقها في كل موسم، فكيف تمكن أسبوع باريس للموضة من تحقيق أهدافه لهذا العام باتجاه تبني خطوات أكثر استدامة لتعزيز هذه الاستراتيجية في عالم الموضة؟
لمعرفة ما يحققه أسبوع باريس للموضة على صعيد الاستدامة يجب علينا النظر إلى الإنجازات التي حققها أسبوع كوبنهاغن للموضة منذ العام الماضي، إذ فرض على الدور المشاركة 18 بنداً للمشاركة في الحدث ومنها عدم إلقاء قطع المجموعات السابقة وأن تصنع نصف التصاميم المنضمة إلى المجموعة من مواد جيدة النوعية، وأن تفرد الدور منصاتها الإلكترونية لتوعية المستهلك حول الاستدامة، فما يهم اليوم ليس تحقيق الربح السريع بل تحقيق ربح على المدى الطويل عن طريق ترسيخ عادات استهلاكية صديقة للبيئة.
ففي أسبوع باريس للموضة ومنذ العام الماضي، عرضت المصممة ستيلا مكارتني Stella Mccartney في باريس ما تقوم به على صعيد ابتكار أقمشة عضوية بعد تقديمها المجموعة، وفي أسبوع نيويورك للموضة قدمت المصممة ماريا مكمانوس Maria Mcmanus عرضاً حول كيفية تطبيق معايير الاستدامة في تنفيذ مجموعتها. ومن هنا يجب على القائمين على عالم الموضة أن يعيدوا التفكير بأساليبهم المتبعة، فلا ضير من افتتاح جناح خاص ضمن أسابيع الموضة للأزياء المستعملة والقديمة ليتمكن الزوار من تجربتها وشرائها وحينذاك تنتقل الملابس القديمة إلى حالة جديدة فبدل أن تكون مسبباً للتلوث تساهم بدورها في الحل.
ماذا يقدّم أسبوع باريس على صعيد الاستدامة في هذا العام؟
حرص أسبوع باريس للموضة الذي يجري حالياً على التركيز على معايير الاستدامة لترسيخها كأسلوب حياة عن طريق إشراك أكبر عدد من المصممين الذين يتبنون هذه المعايير، ومن أبرز الدور المشاركة جرمانييه Germanier التي أطلقت مجموعة رائعة تتحدى المفاهيم الخاطئة بأن التصاميم المستدامة هي عبارة عن إطلالات ستريت ستايل لا أكثر، فأسمت المجموعة Les Epineuses، وأدخلت مواد لامعة براقة تجسد شكل الأشواك ومنفذة بإبر من الأشواك اللامعة تتألف من مواد لامعة ونفذت تاييرات وفساتين سهرة من الخرز الملون أو الحبوب اللؤلؤية البراقة، مستعينة بمواد قديمة يمكن تطويعها لصناعة قطع مختلفة أو تعديلها حسب الرغبة الشخصية.
جرمانييه سرقت الأضواء
لقد تمكن المصمم المبدع كيفين جرمانييه Kevin Germanier من سرقة اهتمام النقاد وعشاق الموضة، لأنه استطاع أن يستحوذ على اهتمام فئة متطلبة من الناس، أي تلك التي تهتم بالملابس الأنثوية التي تقترب من مفهوم الرفاهية الجاهزة، أو ما نسميها Pret A Couture، فنفذ لها قطعاً تلبي المناسبات الرسمية من دون أن يبدو عليها أنها ترتدي مواد "بلاستيكية" أومعادة التدوير، لذا فلقد نجحت الدار في استقطاب زبائن جدد.
ومنذ انطلاقته، قدم أسبوع باريس للموضة في أول يومين له سلسلة عروض لدور مستدامة، أو لمصممين مسؤولين حرصوا على استعمال مواد إعادة التدوير وعلى استغلال أقمشة قديمة من أرشيفهم ومن أقمشة مهملة، ومنهم دار أنريلج Anrealage التي استعانت بأقمشة ميتاليكية لتنفيذ سترات يمكن إعادة تشكيلها لتصبح قطع ديكور لزخرفة المنزل أو لتنسيقها مع قطع أخرى، فيما حرص معهد الموضة الفرنسية IMF، ومنذ اليوم الأول على تضمين المصممين المشاركين من المهتمين بقضايا البيئة والاستدامة، عن طريق تنفيذ قطع مركبة يمكن تفكيكها وجمعها لتناسب إطلالات المرأة في مختلف المناسبات. وقدّم مصممو المعهد ليس فقط الإطلالات العملية بل الكلاسيكية بهدف ابتكار موضة بطيئة وجيدة النوعية وتليق بالنساء مهما اختلفت أعمارهن، فالتصاميم المستدامة ليست فقط للشباب بل لكبار السن وللمهتمات بالأناقة ولا تحمل طابعاً غوطياً بل يمكنها أن تكون كلاسيكية.
وبدورها، قدمت إستر مانياس Ester Manas طابع السمارت ستريت ستايل عن طريق تداخل القماش عن قصد، بهدف إظهار البراعة في دمج فضلات القماش والمزج بين خامتين متناقضتين، فالأولى من التول المحايد المزموم، والثانية من الحرير المزركش والمطبع لتحقيق إطلالة عصرية بتقنيات إبداعية ومهارات حرفية عالية، فالمصممون الشبان يقفون أمام تحدٍ لمواجهة قطاع الموضة الجاهزة التي كانت تعتمد في الماضي القريب على مفهوم الصيحات الآنية التي تشجع على الاستهلاك الزائد بهدف زيادة المبيع.
وفي النهاية تأتي دار وينسانتو Weinsanto لتركز على مفهوم الموضة المسؤولة عن طريق ابتكار قطع لكافة النساء على اختلاف جنسياتهن وأشكالهن فالموضة يجب أن تلبي جميع المقاييس، والهدف أولاً ابتكار قطع أزلية تتوارثها الأجيال مهما كانت القصة بسيطة والموديل هندسي بطابع مونوكروم.
ولهواة إطلالات مونوكروم، تابعي أجمل تنسيقات مونوكروم باللّون البنفسجي
لم لا تتابعين معنا أسبوع باريس للموضة في يومه الأول: أهلاً بالستينيات