ركز قطاع الأزياء في المملكة العربية السعودية، عملاً برؤية 2030، على الطابع الحرفي التراثي منذ بداية القرن الحادي والعشرين، الذي شهد على ازدهار علامات تجارية مثل هنيدة صيرفي، ورزان العزوني ومحمد آشي، الذين ارتقوا بالتطريز السعودي إلى مصاف العالمية فراجت تصاميمهم بين مشاهير هوليوود والعالم، في حين ركزت الماركات السعودية الناشئة على المجموعات نصف الراقية، او التي تجمع بين الخطين الرياضي والجاهز لتلبية طموحات الشباب السعودي، في وقت لا يزال الإقبال على الماركات العالمية يتصدّر المبيعات.
ولهذا السبب، تجري التحضيرات على قدم وساق؛ استعداداً لانطلاق موسم جديد من أسبوع الأزياء في الرياض 2024 بنسخته الثانية، والذي سيقام من 17 حتى 24 أكتوبر، وذلك بعد النجاح الكبير الذي حققته النسخة الأولى من أسبوع الأزياء في الرياض العام الماضي، والتي شهدت مشاركة 30 مصمّماً قدموا أعمالهم عبر 16 عرضاً، حضرها عدد من الشخصيات المرموقة ونجوم عرب وعالميّين، ويهدف هذا الحدث إلى إعطاء مساحة أكبر للمصممين السعوديين لإبراز قدراتهم وتوسيع انتشار أعمالهم للوصول إلى العالمية. وتشهد النسخة الجديدة مشاركة أكثر من 35 دار أزياء سعوديّة، وأعلن القائمون على الحدث أن أسبوع الأزياء في الرياض يعود بحجم أكبر، كما سيتم تخصيص مساحات عرض متنوعة، إلى جانب استضافة فعاليات في مختلف أنحاء العاصمة، مما يعزز موقع الرياض كعاصمة رئيسية في مشهد الأزياء العالمي. ومن أبرز الأسماء المشاركة في الحدث نذكر كلاً من الدور التالية:
المصمم عدنان أكبر
عدنان أكبر هو أول مصمم أزياء سعودي، ومن أشهر المصممين العالمين في نهاية القرن. انطلق في عام 1969. أقام معارض كثيرة عالمية خارج السعودية وداخلها، وكسب من خلالها أكبر جوائز عالمية على مستوى القارات الخمس. صمم الكثير من الأزياء لسيدات المجتمع وزوجات رؤساء الدول، ومنهن سوزان حسني مبارك، ومن الشخصيات العالمية الأميرة ديانا، والسيدة الأولى برناديت شيراك، زوجة جاك شيراك الرئيس الفرنسي الأسبق. كما صمم عدنان أكبر فستان للفنانة شريهان في "فوازير رمضان"، عام 1987. تبرعت الفنانة شريهان بالفستان في مزاد خيري "لبيروت مع الحب".
المصمم يحيى البشري
يحيى البشري (مواليد 13 أغسطس 1962) هو مصمم أزياء سعودي، اشتهر عالمياً بتصميم فستان للأميرة البريطانية الراحلة ديانا، أميرة ويلز. كانت بدايته كاتباً صحفياً وناقداً. رفع صناعة الأزياء السعودية إلى مستوى مرموق، مما سمح لاسم المملكة بالتألق في عالم الموضة مع مزيج فريد من الملابس التقليدية الممزوجة بالحداثة. واجه المصمم تحديات صعبة على عكس المصممين السعوديين الذين عادة ما يستقرون في الخارج في بلدان أجنبية. كان أول مصمم أزياء سعودي يشارك في أسبوع الموضة العالمي آنذاك، تميزت تصاميمه بالمزج بين الطابع الشرقي والغربي، ولعل من أهم المشاركات التي قام بها هي مشاركته في تصميم الأزياء الخاصة بمهرجان الجنادرية وتصميمه لأزياء شخصيات العديد من الأمراء والأميرات والشخصيات البارزة في العالم.
في يوليو 2022، وأثناء الاحتفال باليوبيل البلاتيني للملكة إليزابيث الثانية، ارتدت الأميرة كاميلا باركر، زوجة ولي عهد بريطانيا في حينها فستاناً من تصميمه. وفي أكتوبر 2018، وقع الاختيار على زيّ المصمم يحيى البشري، ليضاف إلى مجموعة متحف "فيكتوريا وألبرت" بلندن.
المصممة تيما عابد
مصمّمة الأزياء السعودية، التي انطلقت في عالم الموضة منذ أكثر من 22 عاماً، تُعدّ اليوم إحدى أهم الشخصيات في عالم الأزياء داخل المملكة وخارجها، وتميزت تيما عابد بشغفها الكبير وموهبتها، استطاعت تيما أن تحصد عديداً من الجوائز، منها جائزة مصمّم العام 2024، وجائزة «فاشن تي في» كريستالة لعام 2022، وأن تُمثّل السعودية في محافل دولية مثل إكسبو دبي. بدأت تيما بتصميم فساتين الزفاف، لكن النجاح لم يكن سهلاً؛ فقد واجهت تحديات عديدة، وخصوصاً في بيئة كانت تفتقر إلى دعم مصمّمي الأزياء. ومع ذلك كانت تلك التحديات هي ما صنعت منها شخصية قوية. تيما تعتمد معايير الاستدامة، وتحرص على استخدام مواد صديقة للبيئة، وهي تؤمن بأن التكنولوجيا لها تأثير إيجابي كبير على عملها.
كاف باي كاف للمصممة كوثر الهريش
أعلنت ماركة أديداس عن إطلاق أول عرض أزياء لها في المنطقة بالشراكة مع علامة الأزياء السعودية Kaf by Kaf، لإطلاق تشكيلتهم من الملابس الرياضية لموسم ربيع وصيف 2025، خلال الموسم الثاني من أسبوع الأزياء في الرياض، الموافق يوم الأربعاء، 16أكتوبر الحالي. وكانت المصممة السعودية كوثر الهريش قد أسست Kaf by Kaf، وهي علامة أزياء عصرية تكرم الإرث الثقافي السعودي، بينما تتبنى الحداثة، وتشتهر العلامة بتصاميمها الفريدة التي تمزج العناصر التقليدية والعصرية؛ لابتكار موضة تتخطى الزمن والصيحات. "نحن متحمسون جداً لشراكتنا مع Kaf by Kaf في هذه التشكيلة الخاصة، والتي لا تكرّم ثقافة الموضة والرياضة المتنامية في السعودية فقط، بل تجلب الإبداع أيضاً إلى الواجهة في تصميم الأزياء الرياضية".
تابعي المزيد من العروض واكتشفي قبل انطلاق النسخة الثانية.. نظرة حول أسبوع الأزياء في الرياض العام الماضي
المصممة هُنيدة صيرفي
مالكة العلامة التجارية HONAYDA، التي تأسَّست عام 2016. وترتدي الملكة رانيا العبد الله من تصميمها، وقد نفذت لها "ثوب الحناء" الذي ظهرت به الأميرة رجوة الحسين قبل زفافها على ولي العهد الأردني الحسين بن عبد الله الثاني. تأسست العلامة في عام 2016، ومقرها الرئيسي في دولة لبنان، كما تركت بصمتها على أزياء العديد من المشاهير؛ مثل بريانكا شوبرا وأنغام وهند صبري. كما أعلنت دار شوبارد في العام 2022 تعيينها سفيرة في المملكة العربية السعودية لعلامتها التجارية، حيث اختارت مصممة الأزياء السعودية الموهوبة هنيدة صيرفي؛ لتعبّر بدورها عن خبرات الدار العريقة وحسها الإبداعي. واعتمدت هنيدة على تصاميم مستوحاة من قصص نساء رائدات من التاريخ، ومن مواقفها الداعمة لتمكين المرأة، وعبّرت عنها بخطوط ونقوش من وحي التراث السعودي الثري.
المصممة وعد العقيلي
انطلقت المصممة في العام 2019 بمساعدة أختها أحلام العقيلي، وتميزت الدار بالخط الرومانسي وبتطبيق حرفة الكوتور، فيغدو التصميم قطعة فنية تُنحت على القوام. عرضتُ تصاميم ومجموعات وعد العقيلي كوتور في فعاليات مرموقة مثل مهرجان البندقية ومهرجان كان السينمائي، وفي احتفال جوي أواردز في المملكة العربية السعودية. تحاول هذه المصممة تمكين المرأة، مستخدمة في ذلك رموزاً مثل لون اللافندر ومنحنى الهلال، وشعار العلامة الذي يجسد زهرة يعبر عن النمو الذاتي والمرونة، ويرمز التزام العلامة بتمكين النساء. استوحت المصممة من الورد الطائفي هذه القطعة الفريدة، لتحتفي بتاريخ المملكة العربية السعودية المزدهر، وروح النهضة الثقافية التي تشهدها. وتسرد القطعة حكاية أمة تقف على أعتاب عهد مزدهر كسابقه، في تكريم معاصر للتراث الغني يُقدّم برؤية عصرية تتجلى في الأزياء الفاخرة.
دار أباديا للمصممة شهد الشهيل
شهد الشهيل موهبةٌ سعوديَّةٌ فريدةٌ في عالم صناعة الأزياء، وشريك مؤسِّس لدار «أباديا». ترتكز حياتُها المهنيَّة على بناءِ نماذج مستدامة، وتعزيز القيم في أخلاقيات صناعة الأزياء. أطلقت شركة «بروجكت جاست Project Just» عندما كانت في الهند، وانتسبت بوصفها زميلة عالميّة إلى «أكيومن Acumen Global Fellow». و«بروجكت جاست» قاعدة بيانات على الإنترنت، تتيحُ للمتسوِّقين الحصول على معلومات عن الممارسات المستدامة والأخلاقيَّة للعلامات التجاريَّة التي تبيعُ الملابس. حلمها الأكبر أن تنطلق «أباديا» من المنطقة إلى العالم، وتعبر الحدود بالحِرف اليدويَّةِ التقليديَّةِ السعوديَّةِ، خاصةً أنها أوَّل مصمِّمة سعوديَّة على منصة «Net-a-Porter».
المصممة الهنوف مازن القبساني
استهلت المصممة الهنوف مسيرتها بتصميم فستان زفاف أختها الكبرى وهي في الحادية عشرة من عمرها. رأت في التطريز تجربة ثرية مهّدت لها الطريق نحو الاحتراف. تخصصت الهنوف في الاقتصاد والإدارة، إلا أن هذا التخصص لم يثنها عن شغفها في التصميم، على العكس من ذلك؛ اجتهدت وصقلت حسها الفني الأنيق، وعززت شغفها بالأزياء الراقية والترف، وتشربت الذوق من شخصيات مرموقة على غرار الملكة الأردنية رانيا العبد الله، والأميرة دينا الجهني، وغاصت في تفاصيل التقنيات التي تتبعها علامات تجارية كبرى على غرار ديور وإيف سان لوران. افتتحت الهنوف أكبر دار أزياء سعودية متخصّصة بفساتين الزفاف المصنوعة من الدانتيل الفرنسي، وأصبحت شريكاً ترويجياً لشركة سواروفسكي النمساوية.
المصممة رزان العزوني
أطلقت عام 2008 رزان، بالتعاون مع شقيقتيها سلوى وريا، علامة «رزاني العزوني»، وأسست مشغلاً في الخبر، ولاحقاً في الرياض. ولدت في الخبر بالمملكة العربية السعودية، وهي تعد مواطنة عالمية بحق؛ إذ تقضي أغلب وقتها مع عائلتها في جنيف ولندن. ودرست رزان الفن والنحت بجامعة تافتس في بوسطن، وعادت لتفتتح عام 2008 مصنعاً كان الأول من نوعه في المنطقة، وهكذا بدأت رزان حياتها المهنية، واستمدت من التطريز التاريخي خطها في التصميم.
المصممة منى الشبل
في العام 2020، عادت المصممة منى الشبل من الولايات المتحدة الأمريكية، لتفتتح علامتها لتصميم العبايات بدعم العائلة والأصدقاء، ما ساعد المصممة على الاستمرار. وفي عام 2021، تأهلت لبرنامج «100 براند سعودي» الذي أطلقته هيئة الأزياء في المملكة العربية السعودية، ما ساعدها على اكتساب المزيد من الثقة والخبرة. تصاميم منى قطعاً مستوحاة من كل منطقة في أرجاء المملكة، وهدفها صنع موديلات بسيطة تتخطى الزمن وتُمكِّن النساء، وتجمع بين الحس الاحترافي والتراث السعودي.
كما يهدف أسبوع الأزياء في الرياض إلى دعم صناعة الأزياء المحليّة وتطويرها، وتوفير فرص للمصمّمين للوصول إلى العالمية، وفي هذا السياق، قال "بوراك شاماك"، الرئيس التنفيذيّ لهيئة الأزياء السعوديّة، إن هذه النسخة ليست فقط مبنيّة على النجاحات التي حققتها الدورة الافتتاحيّة، بل تمثل خطوة جريئة لإعادة تعريف الإمكانات المتاحة في صناعة الأزياء. ويُعتبر الحدث منصة للتبادل الثقافي والحوار، حيث يُسلّط الضوء على ثراء المواهب السعودية وتأثيرها عالمياً، كما يتطلّع المنظمون إلى الترحيب بعشّاق الموضة والمتخصصين في هذا المجال، بالإضافة إلى وسائل الإعلام من جميع أنحاء العالم لاكتشاف تطوّر عالم الأزياء في السعودية.
ويُتوقع أن يجذب الحدث اهتمام العديد من المهتمين بصناعة الأزياء، ليكون مناسبة لتبادل الأفكار والإبداع، وتعزيز مكانة المملكة العربية السعودية على خريطة الموضة العالمية.
تابعي المزيد: كيف أغنى المصممون السعوديون مشهد الموضة العالمية؟
