كيف تتحكم طبقات الأرض في تشكيل الأحجار الكريمة؟.. الإجابة ستُذهلكِ

كثيراً ما سحرتنا ألوان الأحجار الكريمة التي تعكس إبداع الخالق في إتقان المزج بين المعادن لتشكيل أحجار بهذا النقاء والجمال، ولكن هل فكرتِ يوماً في كيفية تشكيل هذه الأحجار والعوامل التي تعمل على تكوِّنها؟
قبل أن يتم استخدامه في رصف المجوهرات الفاخرة، عادة ما يكون الحجر الكريم في البداية معدناً (مادة صلبة غير عضوية تتكون بشكل طبيعي ولها تركيب كيميائي محدد وترتيب ذري منظم)؛ تتشكل عن طريق العمليات الجيولوجية في القشرة الأرضية.

الزمرد، على سبيل المثال، يتكون من معدن البريل، وهو مركب كيميائي يحتوي على البريليوم والألومنيوم والسيليكون والأكسجين، ويأتي لونه من آثار إضافية من الكروم والفاناديوم.
والعناصر المختلفة ستنتج ألواناً مختلفة، مما يسمح لمعدن البريل بتكوين أحجار شبه كريمة مثل الزبرجد.
أما الياقوت، فيتكون من معدن أكسيد الألمونيوم، ويأتي لونه الأحمر من آثار الكروم، كما يتكون الياقوت أيضاً من أكسيد الألمونيوم، ويمكن أن يأتي بألوان مختلفة اعتماداً على خليطه من الحديد والتيتانيوم والكروم.
والغريب في الأمر، أنه يُمكن تتكون الصخرة الواحدة من معادن مختلفة؛ إذ يتم استخراج البلورات المعدنية من الصخور وتقطيعها وصقلها إلى أحجار كريمة أو شبه كريمة.
ولكي نستطيع فهم كيفية تشكيل الأحجار الكريمة في باطن الأرض بشكل أكثر وضوحاً، يجب أولاً أن نعرف كيف تتشكل المعادن التي تتكون منها الأحجار الكريمة في باطن الأرض؟

خطوات تشكيل المعادن في باطن الأرض

تتبلور المعادن عندما تكون ظروف مثل درجة الحرارة، والضغط، ووقت التشكيل، مناسبة لتبلور المعدن وتحوله إلى حجر كريم، وعندما تكون هناك مساحة لعملية التشكيل أو النمو.
وتحدد الحرارة والضغط نوع المعدن المتكوِّن، فعلى سبيل المثال، تتطلب بعض المعادن (مثل الكوارتز) القليل جداً من الحرارة والضغط لتكوينها، وسوف تذوب أو تتحلل تحت حرارة وضغط كبيرين.
بينما تحتاج المعادن الأخرى (مثل البيريت) إلى الكثير من الحرارة والضغط لتتشكل؛ لأنه في درجات الحرارة المنخفضة، يمكن أن تظل مواده الخام مختلطة مع المواد الخام للمعادن الأخرى.

ويتأثر حجم البلورة التي نحصل عليها من تشكل المعادن بالوقت، فكلما زاد الوقت اللازم لنمو البلورة، أصبحت أكبر؛ لأن المعادن لها ترتيب ذري منظم ويستغرق ترتيب الذرات وقتاً، وبما أن الأيونات أكثر قدرة على الحركة في الماء، فإن وجود الماء يمكن أن يساعد في تسريع عملية نمو وتشكيل المعادن.

كيف تتشكل الأحجار الكريمة في باطن الأرض؟

هناك 4 عمليات رئيسية تتشكل من خلالها الأحجار الكريمة في باطن الأرض؛ وهي:
1-الصخور المنصهرة والسوائل المرتبطة بها
2-التحول
3-الماء
4-تشكل الأحجار الكريمة في قشرة الأرض

أولاً: الصخور المنصهرة والسوائل المرتبطة بها

هناك 3 طرق لتشكل المعادن والأحجار الكريمة عبر الصخور المنصهرة، وهي كالآتي:

1-تشكيل المعادن بتبلور الصهارة

تتشكل معظم المعادن الموجودة في الصخور المحيطة بنا عندما ترتفع الصخور المنصهرة عبر قشرة الأرض بسبب الانفجارات البركانية أو بواسطة التيارات الحرارية التي تحافظ على الصهارة في حركة مستمرة.
وعندما تبرد هذه الصخور المنصهرة الساخنة، تتبلور المعادن، وهناك 3 طرق لبلورة المعادن بحسب سرعة عملية التبريد:
-إذا كانت عملية التبريد سريعة للغاية (لمدة ثوانٍ)، فلن تتشكل أي بلورات، مما ينتج عنه زجاج بركاني (غير مُكون من معادن)، ورغم ذلك، يُمكن أن يتبلور الزجاج البركاني على مدى ملايين السنين.
-إذا كانت عملية التبريد سريعة (دقائق، ساعات، أيام، أو سنوات)، فلن يكون لمكونات المعادن وقت لترتيبها، وستكون البلورات المتكونة صغيرة (أقل من 1 مم)، وينتج عن ذلك صخرة دقيقة الحبيبات.
-إذا كانت عملية التبريد بطيئة (عقود إلى ملايين السنين)، فإن البلورات المتكونة ستكون كبيرة.
أثناء الثوران البركاني، عندما يكون هناك انخفاض سريع في الضغط، يمكن أن تتشكل فقاعات الغاز في الصهارة الصاعدة، وفي بعض الأحيان تحتوي فقاعات الغاز هذه على تركيز عالٍ من عناصر معينة، وإذا توفرت الظروف المناسبة من حرارة وضغط وزمن كافٍ، فإن المعادن سوف تتبلور، وبالتالي ستتكون الأحجار الكريمة.

2-الحرارية المائية

تتكون المعادن والأحجار الكريمة بهذه العملية، عندما يتسرب الماء (مثل المطر) عبر التربة ويلتقي مع الصهارة المتصاعدة؛ حيث تتشكل السوائل الحرارية المائية، وتستمر هذه السوائل الحرارية المائية في التدفق عبر شقوق القشرة الأرضية، مما يؤدي إلى إذابة المعادن على طول الطريق.
وعندما تبرد هذه السوائل الحرارية المائية الغنية بالمعادن في شقوق الأرض، وتتوفر الظروف المناسبة للحرارة والضغط والوقت، تتبلور المعادن وتتكون الأحجار الكريمة.

البجماتيت

وهي العملية التي استوحي من اسمها أيضاً إحدى الصخور الشهيرة "صخر البجماتيت" وهو صخر خشن الحبيبات يتكون من بلورات كبيرة الحجم بدرجة غير عادية؛ إذ يصل طول البلورة الواحدة إلى بضعة أمتار.
وتحدث عملية البجماتيت التي تسهم في تشكيل الأحجار الكريمة، عندما تبرد الصهارة الغنية بالمواد المتطايرة في التجاويف، وتتوفر الظروف المناسبة للحرارة والضغط والوقت، مما يؤدي لتبلور المعادن.

ثانياً: تشكيل المعادن بالتحول

ويوجد شكلان لعملية تكون الأحجار الكريمة من خلال التحول، وهما:

1-التحول بإعادة التبلور

تحدث هذه العملية عندما تتشكل المعادن من معادن أخرى، فعندما تشق الصهارة طريقها إلى تكوين صخري موجود، تعمل الحرارة الشديدة على تحطيم الصخور الموجودة، وتتسبب في إعادة تبلور المعادن إلى أشكال أكثر استقراراً.

2-التحول باندفاع الصفائح التكتونية

تنشأ الحرارة والضغط الشديدان عندما تندفع الصفائح التكتونية الموجودة أسفل الأرض تجاه بعضها البعض، مما يؤدي إلى وضع إحداها فوق الأخرى (هذه هي الطريقة التي تتشكل بها الجبال).
ومع اقتراب درجة الحرارة من نقطة انصهار الصخور، تصبح المعادن غير مستقرة، وعلى مدى ملايين السنين تتحول إلى معادن جديدة.

ثالثاً: تشكيل المعادن بالماء

عندما تتدفق مياه الأمطار عبر الأرض، فإن تترسب المعادن الذائبة فيها تترسب على طول الطريق في الشقوق الموجودة بالصخور في باطن الأرض، وتؤدي هذه الرواسب بعد ذلك إلى تكوين الخشب المتحجر والحفريات والمعادن الجديدة.
ومن أبرز الأحجار التي تتشكل بفعل مياه الأمطار، أحجار الأوبال والفيروز والأزوريت والملكيت.

رابعاً: تشكل الأحجار الكريمة في وشاح الأرض

تتكون الأرض من 3 طبقات، هي النواة "اللب"، يعلوها الوشاح، ثم القشرة الأرضية، ويتكون الوشاح من الصخور أو الجليد، وهو بشكل عام أكبر وأضخم طبقة في الأرض.
وفي حين أن معظم الأحجار الكريمة تتشكل في قشرة الأرض، إلا أن بعض الأحجار الكريمة تتشكل في الوشاح، ومن بينها الألماس والزبرجد، ولعل هذا ما يُكسب حجر الألماس صلابة مثالية.
وبعد هذه الجولة الممتعة في باطن الأرض بين المعادن والأحجار الكريمة، هل ترغبين في التعرف على مراحل قطع الحجر الأكثر صلابة على وجه الأرض "الألماس"؟