ليس ياقوتاً كما يُعتقد.. قصة غامضة تحيط بحجر Black Prince الذي يزين التاج البريطاني

الملك تشارلز الثالث يرتدي التاج الإمبراطوري
الملك تشارلز الثالث King Charles III (مصدر الصورة: Oli SCARFF / AFP)

يزين حجر ياقوت الأمير الأسود المثبت بالتاج البريطاني، ويتميز بلونه الأحمر القاني لكنه في الواقع منتحل صفة الياقوت، فهو حجر إسبينل، لكنه يعرف باسم Black Prince Ruby لأن اكتشافه تم قبل تطوير التقنية التي تمكن من التمييز بين الياقوت والإسبينل في عام 1783، وكل الأحجار الكريمة ذات اللون الأحمر التي كانت تكتشف قبل هذا التاريخ تعتبر أحجار ياقوت.
بحسب المؤرخين؛ يعتقد أن هذا الحجر اكتشف في حوالي القرن 14 وتحديداً في جبال الهملايا في وسط آسيا في منطقة بالاسكيا المشهورة بأحجار الإسبينل، والتي كانت الأحجار المستخرجة من مناجمها تسمى أحجار ياقوت بالاس. في فترة من الفترات تم ثقب حجر الكابوشون هذا ليتم ارتداؤه كقلادة، ولاحقاً تم سد الثقب بحجر ياقوت أصغر حجماً محاط بالذهب.

تاريخ حجر ياقوت الأمير الأسود

Embed from Getty Images


تبدأ القصة الموثقة لحجر ياقوت الأمير الأسود، الذي هو في الواقع حجر إسبينل وزنه 170 قيراطاً في ستينيات القرن الرابع عشر في غرناطة، حيث يظهر أول ذكر للحجر خلال الصراع بين السلطان محمد السادس من غرناطة والملك بيدرو الأول من قشتالة.
كان حجر الإسبينل الكبير من بين كنوز السلطان في قصر الحمراء الملكي الشهير في غرناطة، وفي أبريل 1362، عندما تمت الإطاحة بالسلطان محمد السادس؛ هرب مع العديد من ممتلكاته التي استطاع حملها بعيداً عن قصر الحمراء، وكان من ضمن الثروات التي هرب بها مجموعة من الأحجار الكريمة من بينها حجر الإسبينل هذا.
سافر السلطان محمد إلى إشبيلية، ليحاول إقناع الملك بيدرو بمساعدته في استعادة غرناطة، لكن بيدرو كان حليفاً للسلطان الجديد، فقام بقتل السطان محمد، بالإضافة إلى العديد من أعضاء حاشيته، وتقول القصة إن بيدرو وهو يفتش في جثة السلطان الميت عثر على حجر الإسبينل الكبوشون الضخم، وأخذه لنفسه.

حجر ياقوت الأمير الأسود

لم يبق حجر الإسبينل في خزينة مجوهرات الملك بيدرو لفترة طويلة، فقد تمرد عليه أخوه غير الشقيق إنريكي الذي أراد العرش القشتالي، مما دفع بيدرو إلى طلب العون من أحد حلفائه الأجانب وهو الملك إدوارد الثالث ملك إنجلترا.
من أجل المساعدة في قمع التمرد سافر إدوارد، الابن الأكبر لإدوارد الثالث، إلى قشتالة في عام 1367، كان إدوارد جندياً بارعاً، لقب بـ"الأمير الأسود" لأنه كان شديد القسوة في المعركة.
انتصر تحالف بيدرو وإدوارد الأمير الأسود، على إنريكي في معركة ناغيرا، لكن التحالف انتهى بسبب عدم تمكن بيدرو أو ربما رفضه أن يعوض إدوارد الأموال الطائلة التي أنفقها في سبيل وأد التمرد.
لكن القدر لم يمهل بيدور فبعد عامين على التمرد، تمكن شقيقه إنريكي من إحداث الانقلاب والاستيلاء على العرش بعد أن قتله.
لكن قبل وفاة بيدرو تمكن إدوارد الأمير الأسود من الحصول على دفعة أولى من مستحقاته، كانت عبارة عن الحجر الذي كان يسمى حجر ياقوت بالاس من غرناطة، وأخذه معه إلى إنجلترا ولهذا السبب صار حجر الإسبينل معروفاٍ باسم "حجر ياقوت الأمير الأسود".
توفي إدوارد في إنجلترا في سبتمبر 1376 وعندما توفي والده، الملك إدوارد الثالث، بعده بعام، خلفه حفيده ابن الأمير الأسود البالغ من العمر 10 سنوات، ليصبح الملك ريتشارد الثاني.
تابعي أيضاً أسرار المجوهرات الملكية المرصعة بالألماس والزمرد..تاريخ استثنائي لكل قطعة

Embed from Getty Images


في هذه الفترة لم يرد أي ذكر لحجر ياقوت الأمير الأسود، لكن المؤرخين يفترضون أنه بقي في خزينة الملك الشاب، وعندما تم خلع ريتشارد في عام 1399 انتقل إلى الملك الجديد هنري الرابع.
ويظل حجر ياقوت الأمير الأسود مختفياً حتى حلول العام 1415 وتحديداً في عهد الملك هنري الخامس الذي حارب الفرنسيين، إذ يذكر المؤرخون أنه في 25 أكتوبر 1415، واجهت قوات هنري الفرنسيين في معركة أجينكور في شمال فرنسا، ودخل الملك المعركة مرتدياً خوذة مغطاة بالمجوهرات، من بينها حجر ياقوت الأمير الأسود.

ياقوت بالاس كبير


وفي عام 1521، تضمن جرد جواهر التاج الخاصة بالملك هنري الثامن ذكراً لـ"ياقوت بالاس كبير" مثبت في تاج الملك، من المستحيل إثبات ذلك بشكل مؤكد، ولكن معظم المصادر تتفق على أن هذا الحجر هو نفسه حجر ياقوت الأمير الأسود، وظل الحجر يزين التاج حتى الفترة التي حصلت فيها ثورة على الملكية وتم تفكيك جواهر التاج وتفريقها.
ما حدث للحجر الكريم بعد ذلك غير واضح، ولكن عندما استعاد الملك تشارلز الثاني العرش في عام 1660، أعيد الحجر الكابوشون - الذي من المحتمل أن يكون نفسه على أي حال - إلى الخزينة الملكية وظل فيها إلى يومنا الحالي.

Embed from Getty Images

في عام 1838 قامت الملكة فيكتوريا بتثبيت الكابوشون الكبير وغير المنتظم في مقدمة تاجها الملكي الجديد، ورغم إدخال الكثير من التعديلات على التاج؛ إلا أن حجر ياقوت الأمير الأسود الذي هو بالأساس حجر إسبينل ظل في مكانه في مقدمة كل نسخة تعدل من التاج، كما أن اسمه لم يتغير بحيث لا يزال يعرف باسم حجر ياقوت الأمير الأسود إلى اليوم.
وقد كانت الملكة إليزابيث الثانية ترتدي التاج في افتتاح البرلمان البريطاني لكنها في أواخر حياتها توقفت عن ارتدائه بسبب ثقل وزنه وصار يحمل من قبل المساعدين أمامها.
اقرئي أيضاً من الملكة إليزابيث إلى كيت ميدلتون.. أسرار اختيار المجوهرات الشخصية في العائلة المالكة البريطانية