من ألف ليلة وليلة إلى إبداع المجوهرات.. بينيش محمود تروي تجربتها الملهمة في التصميم

مصممة المجوهرات بينيش محمود - الصورة من مكتب العلاقات العامة للعلامة
مصممة المجوهرات بينيش محمود - الصورة من مكتب العلاقات العامة للعلامة

في رحلة مليئة بالإبداع والشغف، تنتقل بينيش محمود من طفولتها في باكستان إلى عالم تصميم المجوهرات في دبي، حيث نجحت في تحويل اهتماماتها المبكرة بالأحجار الكريمة والذهب إلى علامة تجارية فريدة تحمل اسمها.
في هذه المقابلة، تفتح بينيش قلبها لنا وتروي كيف تأثرت بالقصص الساحرة التي قرأتها في طفولتها، مثل "ألف ليلة وليلة"، وكيف ألهمتها هذه القصص الغنية بالرمزية والجمال المعقد لتصميم مجوهرات تحاكي القصص الخيالية.
تكشف بينيش عن رؤيتها العميقة التي تربط بين الفن والتقنيات القديمة مثل الشمع المفقود، والنقش، وصناعة المجوهرات الفاخرة، في محاولة منها لدمج جمال الأحجار الكريمة مع تعبيرات فنية ذات طابع شخصي.

كيف تطورتِ اهتماماتك المبكرة بجمال الأحجار الكريمة والذهب إلى إنشاء ماركة بينيش محمود؟ 

مجوهرات بينيش محمود - الصورة من مكتب العلاقات العامة للعلامة

الفن كان جزءاً لا يتجزأ من مسيرتي الحياتية، وكان دائماً حاضراً منذ أولى ذكرياتي. لا أستطيع أن أتذكر وقتاً لم أكن فيه إما أرسم أو أكتب الشعر. منذ صغري، كنت مفتونة بالكريستالات، وكنت مشدودة للسحر والقصص التي كانت تنبض منها. مع مرور الوقت، اكتشفت الحقيقة العميقة وراء افتتاني: فالكريستالات تمتص المعلومات من بيئتها، وتعكس جوهر الأحجار الكريمة المذهل. هذه الحقيقة قادتني إلى طريق الاكتشاف الذاتي والتعلم، حيث سعيت لتطوير مهاراتي كوسيلة لفهم نفسي والعالم من حولي. كان هدفي أن أخلق أعمالاً فنية جميلة تعكس تجاربي وتخلد مشاعري وذكرياتي في قطع يمكن للأجيال القادمة الاحتفاظ بها. أهدف إلى إنتاج شيء جمالي ومتجذر في الحقيقة. هذا المبدأ هو أساس عملي، ويعمل كجسر بين الماضي والمستقبل، يربط بين الشخص الذي يرتدي المجوهرات وبين التجارب المشتركة عبر الزمن والمكان.
تابعي أيضاً: مجوهرات Hamimi.. حكاية إبداع مستوحَى من تنوع المغرب وأصالة أستراليا

ذكرتِ أنكِ متأثرة بقصص ألف ليلة وليلة الساحرة. كيف تؤثر هذه القصص، التي تحمل رمزية غنية وجمالاً معقداً، على تصميم مجوهراتك؟

طوال حياتي، كانت لدينا مكتبة كبيرة في منزلنا، وكانت ملاذي الذي يتحرر فيه خيالي. كنت دائماً مفتونة بحكايات الكنوز الخفية. من أروع الهدايا التي تلقيتها من والدي كانت نسخة قديمة من ألف ليلة وليلة، والتي كانت بوابتي إلى عالم من العجائب. فكرة الأشياء التي تعيش في الجواهر، والأحجار السحرية التي تحقق كل الأحلام، والدموع المتبلورة إلى لؤلؤ، والأميرات والقراصنة، والكهوف الخفية التي تحتوي على الكنوز كانت تأسرني.
من بين هذه الصفحات وجدتَ نسيجاً من الأساطير الغنية، والتاريخ، والمغامرة اللامحدودة التي لا تزال تأسرني.

ومن هنا، أدمج القصص مع كلماتي ومجوهراتي، وأدعوك للانطلاق معي إلى عوالم خيالية تكتشف فيها قصتك الفريدة. أستعين بإرثي الشرقي العميق، وأستخدم تقنيات قديمة مثل الشمع المفقود، الأحجار الكريمة المنحوتة يدوياً، الموزاييك، والنقش، وغيرها.

ترتكز أعمالك على إظهار إشراقة الأحجار الكريمة والذهب. ماذا تمثل هذه المواد بالنسبة لكِ؟ وهل هناك أحجار أو معادن معينة تحمل قيمة شخصية في إبداعاتك؟

بالنسبة لي، الأحجار الكريمة هي تجسيد للسحر الخالص. العمليات الطبيعية التي تشكل هذه المعجزات تنبض بالحياة مثل الأحجار نفسها. أجد سحراً كبيراً في خصائص الأحجار، من صلابتها إلى ليونتها، ومجموعة الألوان المدهشة التي تقدمها. إنها شهادة على فن الأرض، حيث يحتوي كل حجر على كون صغير خاص به.

أما الذهب، فأنا مفتونة بكل أشكال المعادن وقدرتها على التحول، بدءاً من الشكل الصلب إلى السائل، ثم إلى أشكال جديدة تحت يد الحرفي المبدع. كانت هذه الرغبة في المعرفة والتحول هي ما دفعني لتكريس نفسي لصنعة صناعة المجوهرات وعلم الأحجار الكريمة.

تستلهمين من وديان بانجشير وسعيك وراء النجوم في الياقوت البورمي؛ كيف يؤثر تراثك الثقافي على تصاميمك؟ وهل تساهم أي ذكريات أو لحظات من طفولتك في إبداعاتك؟

مجوهرات بينيش محمود - الصورة من مكتب العلاقات العامة للعلامة

عائلتي دائماً ما دعمت شغفي. كانت أمي وجدتي قد نقلتا لي المجوهرات التي أحببتهما، بينما كان والدي يمنحني أحجاراً كريمة نادرة من رحلاته حول العالم. كان السفر إلى أفغانستان وآسيا الوسطى قد فتح لي أبواباً لمناجم الأحجار الكريمة الخفية. كنت أغمر يدي في الأنقاض لاكتشاف عناقيد من الأحجار الكريمة.

كل قطعة مجوهرات أصممها هي انعكاس لحياتي، مليئة بالذكريات والتجارب التي شكلتني. أستمتع باستخدام الأحجار الكريمة الملونة التي تعكس غنى ثقافتي، مثل الفيروز الذي يذكرني بخاتم جدتي، والزمرد الذي يذكرني بعيني أمي.

درستِ في معاهد مرموقة مثل معهد الأحجار الكريمة الأمريكي وعملتِ مع عمالقة مثل علامة تيفاني آند كو، كيف أثرت هذه التجارب على فهمك للأحجار الكريمة والمجوهرات الرفيعة؟

كانت دراستي في علم الأحجار الكريمة وصناعة المجوهرات في GIA في نيويورك وكارلسباد بكاليفورنيا محورية في تشكيل مهاراتي في التصميم. تعلمت من أساتذة رائدين، وكان من الرائع أن أتعلم منهم. كما أتيحت لي الفرصة لزيارة بورصة الألماس في نيويورك، حيث شاهدت كيف يتم تصنيف وتقييم بعض من أهم الأحجار الكريمة في العالم.

تصفين رحلتك بأنها "قصة حب"، كيف تدمجين تجاربك الشخصية وذكرياتك في تصاميمك، وكيف تأملين أن يتصل عملاؤك بهذه القطع بشكل أعمق؟

عندما أصمم قطعة مجوهرات، أشعر وكأنني أرقص. قطعة المجوهرات تكون غالباً دليلي، بينما أنا أحاول أن أوجهها لتكون في انسجام مع ما أشعر به. أحب أن أدمج مشاعري في كل قطعة، مثل الحب، والحنان، وحتى الحزن، ليصبح العمل بمثابة تعبير عن قصة حياة مليئة بالعواطف.

كيف توازنين بين الدقة التقنية والفن الإبداعي في مجوهراتك، وما هو دور الحرفية في فلسفة تصميمك؟

مجوهرات بينيش محمود - الصورة من مكتب العلاقات العامة للعلامة

بينما أتصور العديد من التصاميم الفنية، يكون تحويلها إلى حقيقة ملموسة مهمة صعبة في بعض الأحيان. لكن بفضل تدريبي في علم الأحجار الكريمة والمجوهرات، أستطيع استكشاف تقنيات معقدة وغير تقليدية لتحقيق هذه التصاميم.

حصولك على جائزة اختيار الطلاب كان لحظة مهمة في مسيرتك؛ كيف شكل هذا التقدير ثقتك كمصممة، وما تأثيره على مسيرتك؟

كنت فخورة للغاية بالحصول على جائزة اختيار الطلاب من معهد الأحجار الكريمة الأمريكي. كان ذلك شرفاً عظيماً خاصة أن الجائزة تم اختيارها بناءً على تصويت من زملائي الطلاب وأساتذتي.

كيف تطورت رؤيتك لعلامتك؟ وكيف ترين مستقبل هذه العلامة؟

رؤيتي لعلامتي التجارية مرتبطة بنمو شخصي واحترافي. تصاميمي اليوم أصبحت أقوى وأكثر توجهاً نحو غايات معينة، تعكس القوة والغاية، في حين تبقى التفاصيل الدقيقة جزءاً أساسياً من عملي.

كيف تروي المجوهرات القصص الشخصية من خلال الجواهر والذهب؟ هل يمكن أن تعطينا مثالاً عن قطعة تحمل قصة خاصة بالنسبة لك؟

مجوهرات بينيش محمود - الصورة من مكتب العلاقات العامة للعلامة

لكل قطعة مجوهرات قصة، مثل لوحة فنية تبدأ بخطوط وتفاصيل معبرة، إحدى القطع المميزة هي خاتم الـ Labyrinth الذي هو تكريم لوالدتي التي فقدتها.
قد يهمك أيضاً: فاطمة البناعي..إبداعات في تصميم مجوهرات تعكس الهوية الإماراتية والأنوثة العصرية