الصمت بين الزوجين مشكلة يعاني منها العديد من الأسر؛ فهو مؤشر على أن العلاقة بين الزوجين في حالة من الجمود والاحتضار؛ فبسببه تصبح الحياة الزوجية في مهب الريح، والعلاقة الزوجية رتيبة ومعرضة للانفجار في أي لحظة؛ لذا فالصمت يمثل خطراً كبيراً يهدد الحياة الزوجية. بالسياق التالي "سيدتي" التقت استشاري العلاقات الأسرية نرمين كميل في حديث حول علاج الصمت بين الزوجين.
صمت الزوجين من أخطر الظواهر
تقول استشاري العلاقات الأسرية نرمين كميل لـ"سيدتي": تُعتبر ظاهرة الصمت بين الزوجين من أخطر الظواهر التي تفشت في الأسر العربية، وقد تكون بداية لنهاية الحياة الزوجية بما تحمله من دلالة على فتور وجفاف العلاقة واختفاء المشاعر وانحراف العلاقة؛ فالزوجان اللذان يفتقدان لغة الحوار بينهما هما في الحقيقة غريبان في بيت واحد، ويجهلان عن بعضهما بعضاً الكثير من الأمور، ومع وجود هذا الصمت يصبح الشخص غامضاً غير مفهوم، ولا يعلم شريكه ما يرضيه وما يغضبه وما يجول في عقله، وكيف يتفاهم معه، ومع استمرار هذا الصمت يشعر كل طرف في الحياة الزوجية أنه يعيش مع إنسان غريب عنه؛ فتموت المشاعر وتنتهي الألفة وتصبح الحياة الزوجية عبارة عن سجن رهيب للطرفين، وقد يطبق على أنفاس من فيه، فيتحول إلى شيء كئيب خانق لا يُطاق، وهو ما يُطلق عليه الطلاق العاطفي.
أسباب عديدة للصمت بين الزوجين
تقول نرمين كميل إن الصمت بين الزوجين من أخطر المراحل التي قد تمر بها الحياة الزوجية، وقد تحدث دون انتباه الزوجين على أن التواصل الزوجي يكون له أثر كبير في نجاح العلاقة الزوجية وتماسكها واستمرارها، وهناك أسباب كثيرة تؤدي إلى هذا الصمت الزوجي منها:
- تنشئة أحد الزوجين أو كليهما، في أسرة تعاني من المشكلة نفسها؛ فيعتاده أحد الطرفين ثم يعتاده في حياته الزوجية.
- العجز عن فتح حوار بين الطرفين وإدارته.
- زيادة الضغوط النفسية والأعباء المادية على أحد الطرفين أو كليهما.
- عدم وجود اهتمامات مشتركة بين الزوجين؛ فيصبح كأن كلاً منهما يعيش في عالمه الخاص.
- انعدام لغة الحوار، نتيجة سوء الفهم المستمر الذي يؤدي إلى خلافات ومشاحنات.
- قد يكون الصمت موجوداً بين الزوجين بوصفه نوعاً من زهد أحدهما للآخر، والفتور في العلاقة؛ فامتلاك الشيء يؤدي إلى الزهد فيه.
- عدم الشفافية والصراحة والوضوح بين الطرفين.
- زيادة الخلافات والمشكلات الزوجية؛ فيخشى أحد الطرفين الدخول في مناقشة عقيمة مع الآخر لا يسلم فيها من الجدل والتهكم والسخرية وسلاطة اللسان أوالاستخفاف بكلامه.
- تعلُّق أحد الطرفين أو كليهما بوسائل التكنولوجيا الحديثة، كمواقع التواصل الاجتماعي والألعاب الإلكترونية، على حساب التواصل مع الطرف الآخر.
- سوء تقدير أحد الطرفين للآخر، في الجهد المبذول منه، وغياب الكلمة الطيبة والمشاعر العميقة بين الطرفين.
- زيادة شعور بالوحدة بين الطرفين في العلاقة.
قد ترغبين في التعرف إلى أضرار الصمت الطويل بين الزوجين.
إستراتيجيات تفيد في القضاء على الصمت بين الزوجين
تقول استشاري العلاقات الأسرية نرمين كميل: إذا لاحظت الزوجة بداية حلول الصمت في حياتها الزوجية؛ فلا ينبغي أن تقف مكتوفة الأيدي وهي تجده ينتشر ويتوغل ويكبر، بل يجب أن تحاول أن توقفه أو تمنع تفاقمه، وهذه إستراتيجيات مفيدة تساعد في القضاء على الصمت بين الزوجين:
- إيجاد لغة حوار مشتركة بين الزوجين، مع إبقاء لغة التواصل بينهما مستمرة والمحافظة على المحبة والعشرة.
- البعد عن العزلة؛ لأنها قد تؤدي إلى "الصمت الزوجي"، ومن ثَم الانفصال الروحي بين الزوجين، وصولاً إلى مرحلة الطلاق.
- ضرورة المشاركة في الاهتمامات والأنشطة والفعاليات معاً، ومحاولة كل من الطرفين الاندماج باهتمامات شريكه؛ لأن هذا سيساعد على التواصل والتعاون، وسيضفي على العلاقة نوعاً من الاحتواء.
- محاربة الرتابة، والفتور والملل؛ لأنها من أخطر العوامل التي تؤدي إلى الصمت الزوجي؛ حتى لا ينعزل الطرفان عن بعضهما بعضاً.
- الحد من استخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة التي تؤدي إلى الانعزال التام عن الشريك، قدر المستطاع.
- إحسان الظن بالشريك، عن طريق الاهتمام بتفسير وتوضيح ما يقصده كل منهما للآخر، والتأكد من حسن فهمه.
- المصارحة والوضوح والشفافية المستمرة للطرفين معاً، وخلق مساحة آمنة لتلك المصارحة والبعد عن المشاحنات، والعمل على حل المشكلات التي قد يطرحها أحد الزوجين خلال مصارحته.
- مراعاة ما قد يمر به أحد الزوجين من ضغوطات نفسية وعصبية وأعباء في بعض الأحيان، ومحاولة التخفيف عنه.
- استرجاع أجمل الذكريات واللحظات الجميلة، التي تعمل على توهج العلاقة، مع إظهار مميزات الطرف الآخر.
- الحرص على المداومة على الكلمة الرقيقة والطيبة، وإظهار التقدير على ما يبذله الطرف الآخر من جهد وشقاء في العلاقة، مع دوام إظهار الاحترام له دائماً.
- على كل طرف أن يتصالح مع نفسه؛ لكي يستطيع أن يحتوي الطرف الآخر، الذي ينتظر منه هذا الاحتواء.
- لا بُدَّ أولاً من معرفة واجبات كل طرف من الطرفين، والبحث عنها قبل البحث عن حقوقه فقط.
على الرغم من أن الصمت بين الزوجين قد يكون مشكلة؛ فإن الصمت بحد ذاته يُعَدُّ لغة القوة والفضيلة عند جبران خليل جبران.