يشارك فنانون من السعودية والكويت ومصر وفلسطين ولبنان والبوسنة وزامبيا وبلجيكا وغيرها في معرض "السفارة الافتراضية"، الذي ينظمه مركز فناء الأول التابع لوزارة الثقافة السعودية، في مقره في حي السفارات في العاصمة السعودية الرياض، تحت شعار "الآن في المستقبل".
ويقدم الفنانون المشاركون مجموعة من الأعمال المتنوعة بمواضيعها ووسائطها وطريقة تقديمها، ولكن المترابطة في تقديم تصور عام يخدم سياق المعرض، فتستعرض أعمالهم رؤى متنوعة لمستقبل عالمنا وتناقش التحوّلات والتصدّعات التي يعيشها عالمنا اليوم وتؤثر على مستقبلنا؛ مثل التغير المناخي، والذكاء الاصطناعي، والهجرة، والهوية، وتتنوع ما بين أعمالٍ تركيبية، وأعمال فيديو وتصوير فوتوغرافي، ووسائط مطبوعة، تُجسّد رؤية الفنانين للمستقبل وتدعو الزوّار للتأمل في دور الخيال في بناء النُظُم التي تربط مجتمعاتنا.
تجربة إبداعية فريدة
المعرض الذي يقام في الفترة من 16 مايو وحتى الأول من سبتمبر المقبل، تشرف عليه القيمة الفنّية سارة المطلق، كما ويشرف على السينوغرافيا فيه ستوديو GGSV، ويقدم تجربة إبداعية فريدة من نوعها؛ إذ يمثّل فضاءً عائماً في زمان ومكان خياليين، فيأخذ زواره في رحلةٍ إلى عام 2040، على متن قمر Space-X صناعي، حيث يستكشف الزوار مآل البشرية في ظلّ المخاطر البيئية والتحديات الاقتصادية المتعددة التي تواجه العالم، كما في ظلّ تدخلات الذكاء الاصطناعي في الحياة البشرية. وبطريقة استشرافية للمستقبل، يطرح المعرض سؤالاً إشكالياً: "هل يعُوزنا بُعد السنوات الضوئية لرؤية مستقبلنا القريب؟"، ليحثّ الزوار على التأمل في مستقبل عالمنا وإعادة النظر في كيفية تشكيله.
أما الفنانون المشاركون في المعرض فهم: دينا سروجي، عباس زاهدي، أسيل اليعقوب، أحمد حمود، نولان أوزوالد دنيس، جيري غال، ستديو فاي، لانا كماجكانين، عهد العامودي، بيتر بوغاتشيفيتش، فيديريكو أكياردي، نايف القبة، ضياء مراد.
نقطة لا رجوع منها
"سيدتي" التقت الفنانة والقيمة الفنية سارة المطلق، المشرفة على المعرض، وقالت إن: "المعرض هو عبارة عن معرض فني معاصر يتطرق إلى موضوع مستقبل السفارة، والمعرض بطرق متعددة هو معرض وهمي كونه يصور أننا حالياً داخل قمر صناعي في العام 2040، نحلق حول كوكب الأرض، وكل عمل من الأعمال الفنية يتطرق إلى موضوع، سواء كان موضوعاً اقتصادياً أو اجتماعياً أو حتى دبلوماسياً له علاقة بالسفارة".
وعما يمثله اختيار العام 2040، قالت المطلق: "العام 2040 طبعاً عام مهم لأنه بالنسبة للباحثين والعلماء سيكون العام الذي يصبح فيه الذكاء الاصطناعي بنفس وعي الذكاء البشري، وهي نقطة لا رجوع منها، قد تكون نقطة جميلة وليست سيئة، وهي بالتأكيد نقطة تاريخية".
وعن اختيار الأعمال، قالت المطلق: "بالنسبة لي كان مهماً جداً أن أختار فنانين عندهم خلفية ليس فقط في الفنون، وإنما في مجالات متنوعة، فهناك فنانون معماريون ومصممو جرافيك ومهندسو ميكانيكا؛ لأن الفكرة كانت دمج عدد من المهن في معرض فني معاصر، والأعمال بصراحة ذكية ولها نظرة معينة ومبسطة جداً".
وعن مركز فناء الأول، أكدت أنه "مركز مهم لتنمية مواهب الشباب السعودي حالياً في القطاع الثقافي، وفكرة المعرض مخصصة لمركز فناء الأول، بالأخص أنه موجود في منطقة السفارات في الرياض".
عاصمة الفنون والثقافة
السفير فرنسا لدى المملكة العربية السعودية لودوفيك بوي كان حاضراً لانطلاقة المعرض، وخلال الافتتاح، التقت "سيدتي" به لتسأله عن انطباعه حول المعرض، فقال: "يسعدني جداً أن أكون هنا في هذا المعرض في فناء الأول، وهي مساحة ثقافية مذهلة في قلب الحي الدبلوماسي، واليوم يتم نقلنا إلى المستقبل إلى غرفة انتظار في سفارة ما، حيث الأعمال الفنية تعزز التفكير حول الإنسان والأرض والبيئة والصناعة، ويخبروننا بشكل أساسي عن مستقبلنا، ولكن أيضاً عن وجودنا في ماضينا. ومن دواعي سروري دائماً حضور مثل هذه الأحداث هنا في الرياض، التي أصبحت عاصمة الفنون والثقافة في المنطقة".
وأضاف: "كما تعلمون فإن فرنسا دائماً فخورة جداً بالتعاون مع وزارة الثقافة في العديد من الفعاليات في مجال فنون المتاحف الثقافية، ونتطلع إلى العديد من الأحداث القادمة، حيث يشارك الفنانون الفرنسيون، وتقام معارض فرنسية هنا في الرياض، وفي أجزاء أخرى المملكة".
البيئة المدنية
يشارك الفنان والمصور ضيا مراد (من لبنان) في معرض السفارة الافتراضية بعمل يحمل اسم "خزان 1 إلى 7"، وهو يناقش موضوع البيئة المدنية، وكيف تستطيع البيئة المدنية أن تعكس الحالات الاجتماعية أو الثقافية أو الاقتصادية لأي منطقة بالعالم، في حديث لـ"سيدتي" قال مراد: "اخترت المشاركة بمجموعة من الصور تحكي عن الأزمة الاقتصادية في بيروت/ لبنان، وما يظهر في هذه الصور هي لقطات جوية لشاحنات نقل المياه التي نشط عملها بعد الأزمة الاقتصادية وانقطاع الكهرباء، وبالتالي تعذر وصول المياه إلى المنازل، فلجأ الناس إلى شاحنات المياه لنقل المياه مباشرة إلى الخزانات الموجودة على أسطح منازلهم، لذا فالفكرة من المشاركة هو تقديم قراءة للمدينة من وجهة نظر اقتصادية أو حتى اجتماعية؛ من خلال الصور ومن خلال الملاحظة".
الحقيقة والخيال الجماعي
الفنانة أسيل اليعقوب (من الكويت) تشارك في المعرض من خلال عمل يحمل اسم "الكويت"، من ضمن مجموعة أعمال تستكشف من خلالها الحقيقة والخيال الجماعي الكويتي ما بين عامي 1940 و1980، والعمل يتضمن طابعين؛ الأول يحمل اسم "الكويت الجديدة"، والثاني يحمل اسم "ركائز المجتمع"، وتم تنفيذهما بطريقة الكولاج من ست طبقات مختلفة، عرضت في إطار مكون من الخشب والنحاس المصقول مع استخدام عدسة مكبرة؛ لرؤية عناصر العمل بشكل أوضح.
وفي حديث لـ"سيدتي"، قالت الفنانة أسيل اليعقوب، التي تعرف عن نفسها بأنها فنانة تشكيلية وفكرية: "أتشرف بالمشاركة في هذا المعرض، وأتوقع أن أعمال الفنانين الموجودة كلها افتراضية، فالقيمة الفنية سارة المطلق اختارت فنانين تتناسب أعمالهم مع موضوع المعرض، ويتساءلون فيها عن الماضي والحاضر والمستقبل، وبالنسبة لأعمالي فهي تراجع ماهية الهوية الكويتية، فأقوم بقص ولصق أشياء؛ لأسلط الضوء على تاريخنا وعاداتنا وتقاليدنا، وأناقش في موضوع من الذي قرر ما هي الهوية الكويتية؟ هل هو الوطن؟ هل هو المجتمع؟ أو ربما الاثنان معاً".
لقطات من الحدث:
نبذة عن فناء الأول:
يُعد "فناء الأول" مركزاً ثقافياً متكاملاً مخصصاً لاحتضان المفكرين والمبدعين وأصحاب المواهب الإبداعية المتعددة، عبر المساحات المتنوعة التي يوفرها للمعارض الفنية وورش العمل والملتقيات الثقافية، إلى جانب الفضاء الثقافي والمعرفي الذي يُتيحه لزواره من مختلف الشرائح.
يذكر أن مركز فناء الأول قدم مؤخراً العديد من الفعاليات المتنوعة، وكان منها استضافة الفنان العالمي إيريك تروفاز بأمسية موسيقية ساحرة