يعطي محبو الفن والثقافة الكوريَّة العرب، كلمة معجب بعداً آخر، حيث تعدى اهتمامهم جمع الأخبار والدردشة في كل جديد مع الأصدقاء، لكنَّهم أصبحوا ينتجون ويصنعون ويرسلون، بل ويتسلّمون عبارات الشكر والامتنان من الفنانين الكوريين ذواتهم. فما الذي يعجبهم في الفن الكوري؟ وكيف يعبرون عن اهتمامهم؟ وماذا يقول الكوريون عنهم؟.
يعجبنا نمط حياتهم
تصف إيمان العمودي (20 عاماً)، طالبة جامعيَّة، نفسها بأنَّها معجبة ناشطة جداً، حيث بدأ اهتمامها بالفن والدراما الكوريَّة منذ نحو خمس سنوات. وتقول: يعجبني كثيراً نمط حياتهم وكيف أنَّهم شعب بسيط وعملي. وتوافقها الهنوف، طالبة جامعيَّة بكليَّة العلوم الطبية، وتقول: لا أرضى عن نفسي تمام الرضا، حتى أسبق الكل بمعرفة كل جديد عنهم.
شذى فهد (18عاماً)، طالبة جامعيَّة تقول: في مجتمعنا المحلي هم لا يحبونهم كثيراً، لكنَّهم لا يعترضون أيضاً، بل يشعرون بالحماسة عندما يرون شيئاً يتعلق بهم، ويسرعون بالمجيء إلينا وإخبارنا بالأمر. وأضافت: البعض يسألني أحياناً متى ستكفين عن متابعة الفن الشرق آسيوي، فأخبرهم أني لن أتوقف عن ذلك أبداً.
أفلام الزمن الجميل
بالنسبة لطالبة الدراسات العليا في مجال الصحة النفسيَّة، حنان بدر(27 عاماً)، فهي تتابع المسلسلات الكوريَّة باهتمام منذ نحو أربع سنوات. وتقول إنَّه لم يكن يهمها بالتحديد متابعة ثقافة معينة، ولم تفرق معها لو كانت المسلسلات كوريَّة أو يابانيَّة أو أميركيَّة طالما أنَّها تعرض القيم التي تحب مشاهدتها. وأكثر ما يعجب بدر في الدراما الكوريَّة أنَّها تشبه في مضمونها الأفلام العربيَّة من فترة الأربعينيات إلى الستينيات مثل أفلام عبد الحليم حافظ وشادية ورشدي أباظة وسعاد حسني.
الترجمة متعة لا توصف
ما يميز المعجبين بالدراما الشرق آسيويَّة هو سعيهم الدائم لترجمة كل جديد، حيث تتنوع في المنتديات والمدونات فرق الترجمة وتتنافس بشكل ودي على الأغلب. وتصف هنوف ذلك، وهي قائدة إحدى فرق الترجمة: هذه متعة لا تُوصف، خاصةً حينما يكون التنافس بين مدونتين صديقتين ونادراً ما تتنافس مدونتان صديقتان بدراما، لأنَّ الفريق الآخر يتخلى عن الدراما فوراً حينما يعرف أنَّ المدونة الصديقة الأخرى تقوم على العمل المسلسل نفسه.
بدر تعمل في وقت فراغها أيضاً كقائدة فريق ترجمة Byul Fansub، ورغم أنَّ لها نحو عام في إدارة الفريق، إلا أنَّ الأمر يحتاج في اعتقادها للكثير من المثابرة والشغف والصبر والمعرفة باللغتين العربيَّة والإنجليزيَّة، وأيضاً الثقافة الكوريَّة المحلية.
وتتفق الفتيات جميعهن أنَّ اهتمام المعجبين بترجمة المسلسلات واتّساع رقعة ذلك الاهتمام لتشمل الوطن العربي ككل، هو السبب الرئيس في اهتمام القنوات العربيَّة في السنوات الأخيرة بدبلجة المسلسلات الكوريَّة مثل (جوهرة القصر)، و(فتيان قبل الزهور)، وأخيراً مسلسل (أميرتي).
أرز المحبة
من الأمور الجميلة التي يقوم بها المعجبون بالثقافة الكوريَّة من حول العالم، التبرعات التي تصل دعماً لممثل أو مغنٍ أو مسرحيَّة في كورياً. وتخبرنا بدر عن ذلك أكثر وتقول: إنَّ المعجبين يتفقون على جمع مبلغ ما من التبرعات من أجل دعم ممثل أو مغنٍ في مشروعه الجديد الذي يعلَن عنه، ومن ثم إرسالها لكوريا باسم المجموعة. وتستخدم الجهات المتخصصة في كوريا التبرعات لشراء كميات من الأرز وإرسالها لجمعيَّة الصليب الأحمر أو أي من الجمعيات الخيريَّة هناك.
والسر في اختيار «الأرز» هو مسألة ثقافيَّة، حيث إنَّ جميع الوجبات اليوميَّة في كوريا لا بد أن تشتمل على صنف من الأرز، لذلك يفضلون أن تكون التبرعات على هذا النحو. وبعد جمع التبرعات وكنوع من الشكر للمعجبين، يقيم فريق العمل الفني منصات توضع فيها كميات الأرز التي تبرع بها المعجبون منسقة في أكاليل مع اسم المجموعة والفنان أو العمل الذي تم التبرع لأجله.
الفتيات السعوديات كالأميرات
وتعتقد شذى أنَّ الفنانين الكوريين يشعرون بالحماسة الشديدة تجاه المعجبين العرب، حيث يملؤهم الفضول لمعرفتنا أكثر. وعرضت لنا مقطعاً انتشر على الـ «يوتيوب»، وهو جزء من مقابلة راديو مع اثنين من فرقة Super Junior وهما Lee-teuk
وEun-hyuk حيث يتحدث ليتوك عن خبر ظهور اسمه في جريدة سعوديَّة كإجابة عن سؤال من هو الفنان الذي تحب أن تكون معه؟ فحصل ليتوك على المركز الأول إلى جانب ليدي غاغا. فيفصح الشابان عن رغبتهما في زيارة العالم العربي، ويقول ليتوك بسعادة وامتنان: «سأذهب لأنحني للأميرات السعوديات وأعود».
وتقول إيمان إنَّ الكوريين شعب يحترم الثقافات الأخرى كثيراً ويحترمون معجبيهم، سواء كانوا عرباً أو كوريين أو من أي جنسيَّة أخرى. فمجرد أن يعلموا بأنَّ لهم معجبين عرباً يقومون بشكرهم كثيراً ويعدونهم بأن يقدموا لهم أعمالاً تحوز على إعجابهم، ويعملون بجد وبجهد أكبر ليلتقوا بهم في المستقبل. تشاركنا أيضا تغريدتان نشرهما الممثل Lee-Jun-Ki باللغة العربيَّة وجههما للمعجبين العرب، ومن الواضح جداً أنَّه استخدم ترجمة «غوغل» لمساعدته في الكتابة، حيث بدت كلماته غير مفهومة نوعاً ما، لكنَّها بادرة ظريفة منه. يقول فيها «أريد أن أراك، والحب». تقول إيمان إنَّه ربما كان يقصد أنَّه يريد أن يلتقي بالمعجبين العرب وبأنَّه يحبهم. أتبعها بتغريدة أخرى «رسائل صعبا للغاية. يوما ما سوف نلتقي بكم».