عندما دخلنا إحدى المدارس الخاصة في دبي، وهي تتبع النظام البريطاني، لفت نظرنا الاهتمام الصارخ بالمظهر، وقصات الشعر الغريبة، والكحل في العيون، والحناء على الأظافر، فيما ظهرت أصباغ الشعر كعامل مشترك بين الجميع.
فما المشكلة بينهن؟
لم تعد كوادر المدارس الخصوصية المثقلة بالأعباء الوظيفية والحياتية تأبه لما ترتديه الطالبات فوق الزي، أو ما يفعلنه بقصات الشعر الغريبة والألوان، فمحمد الخولي، معلم لغة عربية ولازال يستغرب قدرة تحايل الطالبات على القوانين رغم صغر سنهن، فالواحدة منهن تأتي بالكحل، وعند سؤالها تقول: إنه «كحل عربي» لعلاج العيون، وإذا علّقنا على الأمر، تكون المفاجأة الكبرى من الأهل، الذين يقولون: «لا دخل لكم».
منذ سنتين، نشر الإعلام الإماراتي قصة مديرة، أوقفت عن العمل في مدرسة بمنطقة ليوا الغربية؛ لأنها قصت شعر طالبة، لم تظهر المديرة في الإعلام، ولم يتمكن أحد من الوصول إليها لمعرفة سبب تصرفها، الذي لا نبرره بالتأكيد.
لكن فاطمة الشامسي، مديرة مدرسة الرماقية للبنات بدت منتبهة جداً للسبب، وهو تفشي استخدام الفتيات للماكياج والأصباغ، وتتساءل: «لا أدري إذا كان ذلك، تقليداً للنجمات؟ أم أنها باتت مؤشراً لفشل في التربية»؟.
وكل ما في الأمر أنها حملت الخطأ للأمهات وتتابع: «من غير المعقول أن تأتينا طالبة بكحل وصبغ وطلاء أظافر وتضع بعض الأختام والسلاسل في يديها، ألم ترها أمها قبل خروجها من المنزل؟ لكن بعض المدارس تظهر تراخياً في المسألة، والخاصة منها تحديداً، فيما الحكومية تبقى المساءلة فيها نسبية».
في حين بدت هالة مهر، مشرفة في مدرسة «ابن خلدون»، فاقدة الأمل من المخالفات المتعلقة بالماكياج، فهي بالنسبة لها مثل الروتين اليومي، والتفتيش والرقابة والتعهدات الخطية التي تكتب، لا فائدة منها أبداً!.
قد يصل الأمر عند جمانة أبو شمسية، مشرفة تربوية في مدرسة سلمان الفارسي الخاصة في الشارقة، إلى رفض إعادة تسجيل الفتاة في العام الدراسي الذي يليه، إن خالفت القوانين، فالتفتيش قائم عليهن خلال الطابور الصباحي يومياً.
طالبات: «ما حدا أحسن من حدا»
«ممنوع علينا أن نطيل الأظافر، أو حتى أن نخرج شعرنا من الشيلة التي نضعها على الرأس، ما هذا؟» تتساءل فرح الرمحي طالبة، في الصف الثاني عشر، تعلّق: «لا آبه بالعقوبات».
فيما تحب داليا العلي أن تضع الماكياج؛ كي «يصير شكلها حلو»، حسب تعبيرها، فكل صديقاتها يضعن الكحل وملمع الشفاه عندما يذهبن إلى المدارس، هكذا قالت الفتاة ذات الـ13 سنة.
حتى أن الطالبة وعد العلي تضع كريم أساس للوجه، وأحياناً كحلاً خفيفاً؛ طمعاً في شكل جميل وطبيعي، تستدرك: «في مرات كثيرة لا نضبط رغم علم المشرفة بأننا نضع مساحيق، بينما المعلمات يشعرن بالملل أحياناً، فنفلت من العقاب».
فيما بدأت الطالبة، موزة عبيد، بصبغ شعرها، في الصف التاسع، وتحرص على وضع الكحل قبل ذهابها للمدرسة، وقد لاقت معارضة أسرية في البداية، ولكنهم رضخوا للأمر الواقع في النهاية، تتابع موزة: «كل صديقاتي اللاتي في عمري يتزينّ ويضعن الماكياج ويصبغن شعورهن، وأنا لست بأقل منهن».
مسؤولات: نلومهن
هل تصل أخبار الفتيات إلى المسؤولات عن هذه المدارس؟ هي بالتأكيد تصل، ولكن التعامل معها بطيء للغاية، فموجهة الخدمة الاجتماعية في وزارة التربية والتعليم، هبة محمد، تبرر ما تراه بانسياق الفتيات وراء عالم الموضة؛ بغرض التباهي أمام الزميلات، والمسألة تزداد، تستدرك هبة: « لطالبة كي تغير ما بنفسها عليها أن تقتنع أن المدرسة ليست مكاناً مناسباً لمثل هذه الممارسات، ونلوم فوراً الإدارة المسؤولة؛ لأن عليها التصرف حيال ذلك» .
منى شهيل، نائبة مدير منطقة الشارقة التعليمية، هي الأخرى تلوم سلبية دور بعض الأمهات، تتابع: «هن أيضاً يجهلن الأضرار الصحية التي قد تصيب الطالبة صغيرة السن جراء الأصباغ والماكياج الذي تضعه».
أمهات: لا حيلة لنا!
الأمهات يعترفن أنه لا حدود للسيطرة على بناتهن في سن المراهقة، الذي بات يبدأ مبكراً منذ الـ 9 سنوات، فـ غانا قمبابي، موظفة لديها ابنة في الـ14 من العمر، تحرص على أن تذهب للمدرسة بحذاء ملون، إكسسوار في اليد، وقصة شعر تظهر منها أكثر مما تخفي، تتابع: «المدرسة تتصل بي من وقت لآخر لضرورة الالتزام، لكنني أحتار ولا أعرف ماذا أفعل معها؟».
فيما اعترفت ولية الأمر، غادة راجه، بأن الأمهات جزء من المشكلة؛ لأن الطالبة التي تخرج من بيتها بالمكياج، يعني قصوراً تربوياً من الأم، تتابع: «بعضهن يتحايلن ويضعن المساحيق في الحافلة".
الرأي الاجتماعي: اجمعوا المستحضرات
تعتقد فتيحة علي، اختصاصية اجتماعية، أن جمع مستحضرات التجميل من حقائب الطالبات وإتلافها بالجملة يومياً هو أفضل درس لهن.
تابعوا المزيد من التحقيق الذي تنشره "سيدتي" في العدد 1653، فهي ظاهرة تنشر في مدارس دبي والخاصة منها تحديداً، فعلى من نضع اللوم؟ وهل يحق للطالبات ما يفعلنه؟